الثورة في عامها السادس.. والبندقية لا تعرف أعداءها.
حالة من الخلاف والخصام تتكرر في كل وقت وفي كل مكان حتى إن لم يكن للنظام يد فيها. العام السادس على الثورة ولم تنضج الأفكار ولم يتبلور الهدف ولم تعرف النوايا والغايات ضاع فيها كثير من الشباب والعتاد والمال في قضايا وخلافات لا تخدم إلا أعداء الحرية وأعداء الشعب وأعداء الثورة.
والكارثة العظمى أن الجميع يتهم ويكفر ويقضي باسم الله وباسم الدين، والتهمة جاهزة والأدلة واضحة والحجة دامغة. وما على الشرعيين إلا أن يفتوا حتى تخرج الرجال والأسلحة وتسير الدبابات وتصدر البيانات بالويل والثبور على البغاة والظلمة والطغاة.
المفارقة العجيبة أننا لو قسمنا الخارطة السورية إلى مناطق نفوذ ومن يحكمها ومن هم في حكم أعداء الثورة، فمن الواضح أنها تنقسم الى ثلاث مناطق تبعا لمن يحكمها ويسيطر عليها أولا : مناطق سيطرة النظام
ثانيا : مناطق سيطرة الأكراد بقيادة حزب bkk
ثالثا : مناطق سيطرة تنظيم الدولة
والمنطقة الرابعة هي مناطق سيطرة المعارضة بكل أشكالها المسماه “بالإسلاميين وغيرهم” فمن الواضح الذي لا لبس فيه أن المناطق الثلاث التي تسيطر عليها قوات النظام وال bkk وتنظيم الدولة تكاد تخلو من الاختراقات الأمنية أو حالة المناكفة والاقتتال والفوضى وتدار جميعها من المركز.
بينما لا تكاد تخلو منطقة واحدة من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة من الاختراقات الأمنية وحالات الاقتتال والفوضى، التي أصبحت حالات شبه دائمة واعتيادية وبين جميع الفصائل والمناطق دون استثناء.
فما هي أهم أسباب الاختراقات الأمنية وحالة الاقتتال والفوضى المتكررة في مناطق المعارضة؟
لعل من أبرز هذه الأسباب هو الحالة العفوية التي خرجت بها الثورة دون تنظيم أو تدبير وحالة العشوائية وسوء التنظيم والاختراق الممنهج والعنتريات في الشعارات والتحركات وتصدر الشباب المراهق وغير الناضج لحركة الاحتجاجات ومن ثم قيادته للعمل المسلح واستئثاره بالقيادة والقرار وتأخّر النخب في الالتحاق بالثورة وقيادة تطوراتها وفكرا وتخطيطا.
هذا كله في ظل غياب واضح لرجال العلم الصادقين وترددهم ، بالإضافة إلى الدعم والتمويل بالمال والسلاح وتعدد الولاءات للجهات الداعمة التي لكل منها مشروعها وأجندتها وأهدافها، إضافة إلى الفرز الناجم عن تقسيم الناس الى إسلاميين وغير إسلاميين ومن تقسيم الإسلاميين إلى تيارات ومناهج عدة فأصبح لكل جماعة داعموها ومصادرها ومشايخها ومناهجها وشرعيوها ومحاكمها وقادتها.. وكل منها يرى نفسه على صواب والآخرين على خطأ،
يمكن أن نضيف لهذه السلبيات سلبية أخرى هي حجم ونوع الأسلحة المستخدمة ضد الثورة، وطول أمد الثورة، أضف الى ذلك كله الأنانية وافتقاد الرؤية الواضحة والوعي بأخلاقيات وأدبيات الثورة والعمل المدني والجماعي، وعدم اتفاق الفصائل على مشروع وهدف واحد، وافتقاد القائد الواحد والمركزية في التوجيه والتنظيم واتخاذ القرار، ووجود فجوة كبيرة بين الطبقة السياسة الموجودة في الخارج والعاملين على الأرض، ولغة الاتهام والتخوين المتبادلة بين الأفراد والجماعات في الداخل والخارج على حد سواء، ولغة الإنكار والشكوى، والخوف من المستقبل المجهول.
دونك عن العامل الخارجي المتمثل في تضارب المصالح والمطامع والأهداف للقوى الإقليمية والدولية المؤثرة على الأرض، و الإرادة الدولية المتمثلة بمنع انتصار الثورة لعدم وجود البديل الذي يؤدي الدور الوظيفي الذي كان يقوم به النظام في رعاية المصالح الدولية وحماية الكيان الصهيوني.
كل هذه الأسباب وغيرها كانت سببا وعائقا ولاتزال في الخلاف والفوضى والاختراق في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
المركز الصحفي السوري – وضاح حاج يوسف