أكد عدد من البرلمانيين والمختصين الأتراك بأن جولة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدول الخليج جاءت في وقت مهم تاريخي لمواجهة الاضطرابات التي تمر بها المنطقة لما لتركيا ودول الخليج ثقلاً سياسياً على المستوى الإقليمي العالمي.
وقال لـ”الرياض” نائب رئيس مجلس الوزراء السابق ورئيس لجنة الأمن والاستخبارات في البرلمان التركي حالياً أ. د أمر الله ايشلر: بأن زيارة الرئيس رجب طيب إردوغان لدول الخليج تاريخية وجاءت في وقت مهم ولا بد أن تكون هناك علاقة متميزة بين تركيا ودول الخليج، وخاصة بأنه في عهد حزب العدالة والتنمية شهدت العلاقات التركية الخليجية تطوراً كبيراً في السنوات الماضية، وأضاف بأن هذه الزيارة تؤكد على تفعيل المجلس الأعلى الاستراتيجي حيث شهدت في الأشهر الأخيرة العلاقات التركية الخليجية تطوراً ايجابياً تحققت على أثرها هذه الزيارة التاريخية، مما سيكون له انعكاسات ايجابية وصدى إيجابي على المستوى الإقليمي والدولي، وخاصة بعد تولي رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الجديدة المنصب بقيادة دونالد ترامب فالسياسية الأمريكية بدأت تشهد تغيرات، فلا بد أن يكون هناك تنسيق بين تركيا ودول الخليج في هذا الاتجاه والتنسيق مع النظام الأمريكي الجديد لاتخاذ مواقف ايجابية وبناءه بالنسبة للقضايا العربية وقضايا منطقة الشرق الأوسط وكذلك شمال افريقيا لأن هذه المناطق تشهد أزمات وفيها مشاكل كبيرة، وعلى ذلك ايجاد حلول لهذه المشاكل وخاصة في الشأن السوري الذي يشهد في الأشهر الأخيرة تطورات جديدة وهي وقف اطلاق النار وتركيا راعية لهذا الوقف.
وأشار إلى أن هذه الزيارة تأتي للاهتمام في هذا الجانب من تعاون وتنسيق بين تركيا ودول الخليج لإيجاد حلول لهذه الأزمات، وتركيا خير شريك وخير صديق لدول الخليج في السنوات الأخيرة ولا بد من تطويرها لكي تكون ثمارها نتاج خير لدول المنطقة، وقال: إن تركيا والمملكة دولتان مهمتان في المنطقة وبينهما تعاون حقيقي، ولذلك تشكل المجلس التنسيقي بين المملكة وتركيا وعقد لقاء في تركيا بين الطرفين نتج عنه تطورات إيجابية مهمة جداً ونواة حقيقية بين البلدين الشقيقين، واعتبر ايشلر التناغم التركي والسعودي مهما جدا لمستقبل المنطقة المتعطشة للسلم والرفاهية، وعلينا أن نحل مشاكلنا ولا ننتظر إيجاد حلول من الأطراف الأخرى الخارجية خاصة من المجتمع الدولي، فالحقيقية المجتمع الدولي لم يكن في الماضي جزء من الحل بل اصبح جزءا من المشكل بل اصبح حتى صانع المشكلة، والأهم أن لا ننتظر منه حلولا وتركيا والمملكة قاطرات خير في سبيل ايجاد حلول لمنطقتنا من الداخل بعيداً عن الأطراف الخارجية.
وذكر عضو مجلس البرلمان ومتحدث حزب العدالة والتنمية ياسين قطاي: بأن زيارة الرئيس التركي للمملكة تهدف لتعزيز التفاهم والتعاون حيال قضايا الشرق الأوسط والمشاكل التي يعاني منها وتعزيز العلاقة بين تركيا والمملكة ودول الخليج وهذا ما يدفع الجميع ليكونوا أكثر قربا ومتعاونين لأن المشاكل مشتركة، وأن جميع الشعوب في تركيا ودول الخليج لديهم الرغبة في زيادة التقارب وخاصة بأن تركيا تشهد استثمارات للسعوديين، وقال “بهذا الصدد رأينا بزيارة الرئيس التركي لدولة البحرين خطوات إيجابية كإلغاء التأشيرة بين الجانبين، وكذلك عقد آخر بالتعاون مع البحرين فيما يخص الدفاع والتعليم العالي والعام، وكل هذا مؤشرات ايجابية تعطي تركيا لتعزيز العلاقات بينها وبين دول الخليج، وأضاف بأن زيارة الرئيس التركي للمملكة في ثاني محطة خلال جولته الخليجية تؤكد تأييد وتعزيز العلاقات الدولية بين البلدين الشقيقين، وأشار إلى أن التعاون بين تركيا والمملكة سيكون له تأثير إيجابي لحل كل المشاكل.
وأوضح الباحث السياسي التركي محمد زاهد جول بأن جولة إردوغان الخليجية مهمة جداً لأن المنطقة مقبلة على وعود في تغيير السياسية الأمريكية في المنطقة، والقيادات في تركيا والمملكة والبحرين وقطر معنيون مباشرة بجدية تغيير هذه السياسية وأثرها على أزمات المنطقة، وبالأخص الأزمات التي نشأت بسبب أخطاء فادحة من إدارة أوباما السابقة، فقد تحالف مع أعداء أمريكا وأضر بمصالح وأمن الدول الصديقة لأمريكا تاريخياً، فإدارة أوباما فضلت تلبية طموحات إيران في العراق وسورية واليمن وغيرها، وهذا أشعل المنطقة بالمعارك والقتل والمذابح والمجازر دون اكتراث من المجتمع الدولي بسبب التغطية الأمريكية لها، والتنسيق مع روسيا في مجلس الأمن لاستخدام حق النقض والفيتو في دعم الجرائم الدولية والإبادات البشرية بل المشاركة فيها.
وأضاف بأن الاختلاف في وجهات النظر التركية والعربية في بعض الاحيان لم يساعد على وقف التدهور السابق ولا وقف معاناة الشعب السوري، بالرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها تركيا والمملكة وقطر بمساعدة الشعب السوري، وقال بأن المأمول في المرحلة القادمة أن يكون التنسيق التركي العربي السعودي البحريني القطري قائداً للرؤية السياسية مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وهذا سوف ينعكس على الوضع الإقليمي في ردع التهور الإيراني الذي هدد استقرار المنطقة وأدخلها في مرمى الأطماع الروسية، وأكد بأن التناغم التركي السعودي على مستوى عالي ودخل مرحلة جديدة مع العلاقات الأخوية والتعاونية مع المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- منذ عامين تقريبًا، وخلال العامين تم عقد ستة قمم بينهما فقط، فضلاً عن اللقاءات الوزارية بين الحكومتين التركية والسعودية، وقد ثبتت خلال العامين أيضاً الحرص المتبادل على حفظ مصالح وأمن كلا الدولتين.
وأكد الباحث الاكاديمي والكاتب التركي د. سمير صالحة بأن جولة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الخليجية تأتي متزامنة مع مخاضات وتطورات إقليمية ودولية بالغة الأهمية والخطورة، والمسؤولون الأتراك والخليجيون لا يخفون اهتمامهم ورسائلهم الدائمة بضرورة وأهمية تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية في إطارة استراتيجيات بعيدة المدى بين انقرة وكل دول مجلس التعاون الخليجي، فالمصالح الاقتصادية بين تركيا ودول الخليج تقاربت تماماً في الآونة الأخيرة بشكل غير مسبوق، وبينما تسعى تركيا التي تمر بأزمة اقتصادية وانخفاض حاد في قيمة العملة المحلية بقوة من أجل جلب استثمارات خليجية إلى أراضيها، باتت الشركات التركية ولا سيما في مجال العقارات والبناء خياراً مفضلاً لدى معظم دول مجلس التعاون الخليجي، وأضاف بأنه مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة أطلق استراتيجية إعادة هيكلة السياسية التركية مع دول الخليج العربي، والرغبة في توسيع رقعة التعاون والانفتاح لدفع العلاقات نحو الأفضل.
وقد ترجمت هذه سياسات الانفتاح اقتصادياً وتجارياً واستثمارياً في الجانبين، وبدأت أنقرة تكرر موقفها في أنها لن تسمح بمثل هذه السهولة لأيٍّ كان أن يهدّد مشروعها الانفتاحي التقاربي على دول الخليج الذي يضع أمن دول مجلس التعاون الخليجي واستقرارها في مقدمة تطلعاته، وقال: من ناحيتها باتت دول الخليج ترى في تركيا اليوم القوة العسكرية الإقليمية القادرة على أن تأخذ مكانها في خطط التصدي للتهديدات والاستفزازات الإيرانية، والقوة القادرة على توفير الخبرات الواسعة في مجال الصناعات العسكرية الدفاعية المتقدمة وتنويع مصادر التسليح وسط قناعة خليجية بشأن وجود فرص تنسيق مشتركة كثيرة إزاء القضايا والنزاعات الإقليمية.
أ. د. أمر الله ايشلر – الرياض