المادة الخامسة
الأجهزة الأمنية تنتهك حق الملكية العقارية الفردية
صدرت خلال سنوات الحرب العديد من القوانين والمراسيم والتعاميم الاستثنائية المخالفة للدستور وتم استخدامها كأدوات إضافية بيد الأجهزة الأمنية حيث منحتها صلاحيات واسعة جدا وتتمثل خطورة هذه القوانين والمراسيم والتعاميم انها لم تقتصرعلى الاعتقال وحجز الحرية والتعذيب، بل تجاوزتها إلى صلاحية الحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة للمعتقلين والمتهمين ومن أخطر هذه القوانين:
أولا-المرسوم 63 لعام 2012:
الذي يعطي الاجهزة الأمنية الحق للطلب من وزارة المالية إلقاء الحجز الاحتياطي على أموال وممتلكات المعتقلين والمتهمين حيث نص على:
(للسلطات الضابطة العدلية في معرض التحقيقات التي تجريها بشأن الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي أو الخارجي، والجرائم الواردة في القانون رقم (19) تاريخ 2/7/2012، أن تطلب خطياً إلى وزير المالية اتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة على الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة للمتهم).
كيف يساهم هذا المرسوم بسلب الأموال المنقولة وغير المنقولة:
يعطي هذا المرسوم الحق لسلطات الضابطة العدلية بما فيها أفرع الأمن والاستخبارات الحجز على أموال المعتقلين ومن يتم الاعتراف عليهم (أثناء التحقيق مع المعتقلين يتم استخدام أساليب تعذيب قاسية جدا للاعتراف بالجرائم المنسوبة إليهم بالإضافة إلى إجبارهم على الاعتراف بأشخاص آخرين).
ويتم رفع اسم المعتقل مع أسماء الذين اعترف عليهم إلى مكتب الأمن الوطني الذي يحضر بدوره قائمة أسماء ويحولها إلى وزارة المالية طالبا منها الحجزعلى الأموال المنقولة وغير المنقولة لهم جميعا. وتصدر وزارة المالية قرار إلقاء الحجز الاحتياطي وتعميم هذا الحجز على الدوائر الرسمية ومنها السجل العقاري.
آثار ملموسة لخطورة هذا المرسوم:
– كشفت لوائح نشرتها وزارة المالية عن وجود 40 ألف حالة حجز احتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لسوريين في عام 2017، و30 ألفًا في عام 2016.
-أعلن معاون وزير المالية في حكومة النظام السوري بسام عبد النبي في 28 أيلول 2019 عن تنفيذ الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة بحق /10315/ شخصا منذ مطلع العام.
ثانيا – الكتاب الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء رقم (4554) الصادر بتاريخ 4 من آب لعام 2015 والتعاميم الوزارية التي صدرت بموجبه وأهمها تعميمً وزارة الإدارة المحلية رقم 463 لعام 2015، الذي يقضي بإضافة البيوع العقارية وعمليات إيجار وإفراغ المنازل والمحلات إلى القضايا التي تستوجب الحصول على موافقة أمنية مسبقة من الجهات المختصة في المناطق المنظمة أو غير المنظمة.
كيف يؤثر هذا التعميم على حق الملكية العقارية الفردية:
بموجب هذا التعميم تسيطر الأجهزة الأمنية على عملية بيع وتأجير العقارات بشكل كامل في المناطق المنظمة وغير المنظمة كونه يفرض الحصول على الموافقة الأمنية المسبقة للبائع والشاري، لإتمام عملية البيع أو الإيجار أو الفراغ وتحتاج هذه الموافقة لوقت طويل يصل إلى ستة أشهر وأغلب الأحيان وبعد انتظار كل هذه المدة يأتي الرد مع عم الموافقة وبذلك فإن المواطن:
⦁ يحرم من حقه بالتصرف بعقاره بيعا أو تأجيرا وهو من الحقوق الأساسية للمواطن وخصوصا المعارضين والنازحين واللاجئين.
⦁ ومن جهة أخرى ساهمت الدراسات الأمنية التي تنتهي بعدم الموافقة باستيلاء الأجهزة الأمنية وعناصرها على تلك العقارات .
⦁ يضطر إلى دفع الرشاوى الباهظة جدا للحصول على الموافقة مما ساهم بانتشار الفساد على نطاق واسع.
آثار ملموسة لمخاطر هذا التعميم:
– تعرّض ما لا يقل عن 25 عقاراً في حماه المدينة للاستيلاء و”وضع اليد ومنع التصرف به تحت طائلة المساءلة”، من قبل أجهزة أمنية سورية وأشخاص مرتبطين بشكل مباشرة بالحكومة السورية وفروعها الأمنية، وتعود ملكية تلك العقارات التي تم الاستيلاء عليها، لأشخاص معارضين غادروا المدينة لأسباب أمنية، كما قيّدت تلك الأجهزة جميع المعاملات العقارية الأخرى في المدينة عبر اشتراط “الحصول على موافقة أمنية” قبل إجراء أي معاملة.
الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في مدينة حماه تحدّث والتقى معقب معاملات وصاحب مكتب عقاري وثلاثة من ذوي مالكي عقارات تمت مصادرتها مقيمون في المدينة، وتحدث أيضاً إلى شخصين من أبناء المدينة غادرها منذ أكثر من أربع سنوات وتم الاستيلاء على منزلهما.
ثالثا- القرارات الصادرة عن اللجان الأمنية في حماة وحلب وريف ادلب
بحسب تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فقد رصد ما لا يقل عن 22 إعلان لمزادات علنية شملت قرابة 134 قرية وبلدة في محافظة حماة، و88 قرية وبلدة في محافظة إدلب، وتبلغ مساحة هذه الأراضي ما يقارب 400 ألف دونم تشمل أراضٍ زراعية متنوعة تنتج محاصيل القمح والشعير والبطاطا والزيتون، وأراضٍ بعلية، إضافة إلى مزارع أسماك.
.وانتهت إجراءات هذه المزادات الى وضع يد أشخاص آخرين (وهم من الموالين للنظام) على هذه العقارات واستثمارها وبمقابل ماديا بخسا.
مخاطر هذه القرارات الأمنية:
العقارات الزراعية في سوريا أغلبيتها العظمى من النوع العقاري الأميرية ولهذه الملكية خصوصيتها حيث أن رقبة العقار للدولة وللمالك حق التصرف بها، ويسقط حق تصرف المالك بهذا النوع من العقارات بعدم زراعتها واستعمالها بعد مدة خمس سنوات وذلك حسب نص المادةُ 775 من القانونِ المدنيِّ:
(يسقطُ حقُ المالكِ في العقاراتِ الأميريَّة إذا لم يحرثْ أو يستعملْ عقارَه مدةَ خمسِ سنواتٍ).
وأيضا يتم اكتساب حق التصرف على هذه الأراضي بعد مرور عشر سنوات من استثمارها وزراعتها وفق نص المادةُ 919 من القانونِ المدني:
(يُمكنُ نقلُ حقِّ التصرفِ بالعقاراتِ الأميريَّة لمنْ يثبتُ استثمارُها لعقارٍ لمدةِ عشرِ سنواتٍ.)
لذلك فإن لهذه القرارات الأمنية مخاطر كبيرة على حقوق الملكية في الأراضي الزراعية لأنها تهدد أصل الحق وأيضا تساهم هذه القرارات بعملية التغيير الديمغرافي بهذه المناطق من خلال تمكين اشخاص آخرين باستثمار هذه الأراضي.
المراجع:
⦁ المرسوم 63 لعام 2012
⦁ التعميم الحكومي رقم /4554/ عام2015
⦁ بالإضافة للروابط الالكترونية المرفقة: