أثار فضولي سؤال أحد الأصدقاء عن مدى صدق إحدى التطبيقات، التي تكسب النقود مقابل القيام ببعض الأنشطة كالمشي أو مشاهدة مقاطع الفيديو أو الإعلانات ، ومما زاد من فضولي أكثر إصرار البعض على نشر روابط الدعوة لهذه البرامج على وسائل التواصل الاجتماعي، حتى في مجموعات الواتساب أو التلغرام الخاصة والدخول في منازعات ومناكفات مع أعضائها في سبيل النشر.
نحن أمام موجة جديدة من التطبيقات ظاهرها المنفعة المادية وتوزيع مجاني للدولارات لكن باطنها مبهم غامض ومريب إلى درجة كبيرة، من هذه التطبيقات وأحدثها تطبيق لن أسميه حتى لا تكون المقالة ترويجا له، يعتمد حساب خطوات المشي لتجميع النقاط ثم تحويل هذه النقاط إلى دولارات أو استبدالها بسلع معينة، أي كلما سرت أكثر تحصل على نقاط أكثر وبالتالي يزيد رصيدك ودخلك من التطبيق ..فهل هذا الواقع فعلاً؟
ظاهر التطبيق أنه يستهدف تحسين الصحة من خلال التشجيع على المشي، لكن ما لا تعرفه عن هذا التطبيق أن جني الأرباح فيه مشروط بدعوتك لأصدقائك بل وقبولهم الدعوة وتنزيل التطبيق، من خلال دعوتك بالتحديد، فمثلاً في التطبيق الذي نتحدث عنه لا يمكنك سحب رصيد ال 25 دولارا التي جمعتها من المشي، مالم يقبل 100 شخص دعوتك ويحمّلوا التطبيق عن طريقك أما رصيد 100 دولار فيجب أن يقبل 400 شخص دعوتك، ويحمّلوا التطبيق عن طريقك.
ولهذا نجد هذا الإصرار من قبل بعض الأشخاص على نشر روابط التطبيق حتى يجلبوا الزبائن ويحققوا شرط عدد العملاء، وهذا لعمري أسلوب مهين في جمع الزبائن أن تتحول المجموعات الخاصة للعائلة والأصدقاء إلى منصات ترويج للمكاسب الشخصية.
أما إذا لم تتمكن من جمع الحد المطلوب من الزبائن فالتطبيق لا يزال يعلقك في حبال الوهم، إذ يسمح لك استبدال النقاط التي جمعتها ببضائع من متجره كالنظارات والساعات وزينة الجوال، لكن المفارقة هنا أن أسعار الشحن أحياناً تفوق سعر المنتج نفسه، فأنت في النتيجة تدفع ثمن سلعة كمالية لا تحتاجها مع أنها مقدمة لك مكافئة على النقاط التي جمعتها بالمشي!
أمر آخر يروج له التطبيق وهو تحصيل النقاط من خلال مشاهدة الإعلانات، فكلما شاهدت أكثر زادت نقاطك وبهذا يشترك هذا التطبيق مع مواقع وتطبيقات كثيرة تستهدف زيادة النقرات على الإعلانات، لرفع نسبة ظهورها على شبكة الأنترنت.
بعض البلدان اعتبرت هذا التطبيق وشروطه في تحصيل الأرباح عمليات نصب واحتيال لا أكثر، وقامت بحظره من المتجر الإلكتروني لديها، لكن مازال البعض يصر على تنزيله كملف منفصل من خارج المتجر وتفعيله، مما ينطوي على مخاطر مضاعفة كأن يكون التطبيق يتضمن برمجيات ضارة بالجوال.
لا تخلو الآلية التي يتم فيها تحويل النقاط إلى دولارات من الغبن والتدليس فأحياناً يتم حساب النقاط بمعامل قدره 0.0137 دولار لكل نقطة، أي مثلاً لو كنت تسير يومياً خمسة آلاف خطوة فإن محصل النقاط في نهاية الشهر ستكون 150 ألف خطوة، وإذا ضربناها بالمعامل السابق فستحصل على دولارين فقط عن شهر المشي، صحيح أن سعر النقاط يزداد مع مرور الوقت إذا لم تسحب أرباحك لكن تحتاج أن تنتظر لسنوات حتى يصبح الأمر مجدياً.
هذه دعوة لنتعامل بحذر وريبة مع التطبيقات التي تلقيها شبكة الأنترنت إلينا، وتدعي أنها مجانية وتدر الأرباح الطائلة فغالباً “عندما لا تدفع ثمن سلعة ما فاعلم أنك أنت السلعة”.
محمد مهنا – مقالة رأي
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع