هل تلحق ميليشيات الحشد الشعبي بحزب الله على القائمة السوداء.
يؤشر القرار الذي اتخذته جامعة الدول العربية بإدراج حزب الله ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية، على وجود إصرار عربي على عدم التساهل مع الجماعات الموالية لإيران في المنطقة، وسط توقعات بأن يشمل هذا القرار ميليشيات الحشد الشعبي بالعراق في مرحلة مقبلة.
القاهرة – تتخوف بعض الدوائر العراقية من أن تطال سياسة الحزم العربي تجاه أذرع إيران ميليشيا الحشد الشعبي المتهمة بارتكاب جرائم قتل وسلب وتهجير بحق عراقيين، على أسس مذهبية.
وقال إبراهيم الجعفري وزير الخارجية العراقي في تصريحات لـ”العرب” على هامش حضوره اجتماعات وزراء الخارجية العرب إن“حزب الله والحشد الشعبي حركات مقاومة، داعمة للقوات المسلـحة في حفظ الأمن، سواء في العراق أو لبنان”.
وفي محاولة لتبرير وجود الحشد بالعراق اعتبر الجعفري أن ظاهرة الإسناد الشعبي المقاوم معروفة في العالم تاريخيا وجغرافيا. وزعم أنهما “ظواهر تقتضيها الضرورة، ولـدت من رحم المجتمع، وليست إرهابية أو طائفية، وهدفها الحقيقي توطيد عُرى النظام، وحفظ الأمن إلى جانب القوات المسلـحة”.
وتعكس تصريحات وزير الخارجية العراقي مخاوف حقيقية من إمكانية وضع ميليشيا الحشد الشيعي ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية.
وتأسس الحشد الشعبي وعدد من الحركات المسلحة في العراق على أسس مذهبية، إثر فتوى للمرجع الديني الشيعي على السيستاني في يونيو 2014، لمواجهة تمدد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق.
وتحظى هذه الميليشيات بدعم قوي من إيران التي وفرت لها الدعم اللوجستي والتسليحي، في سياق محاولاتها تكريس نفوذها في هذا البلد العربي.
وقاتل حزب الله اللبناني في العراق تحت مظلة الحشد باعتراف أمينه العام حسن نصرالله.
وتتهم ميليشيات الحشد الشعبي بارتكاب أعمال قتل وتنكيل استهدفت أساسا الطائفة السنية بدعوى محاربتها لتنظيم داعش.
وفي خطوة لتوفير الحماية لهذه الميليشيات من أيّ محاسبة، اعتبرت الحكومة العراقية الحشد جهازا يعود بالنظر لرئيس الحكومة حيدر العبادي الذي يتولّى أيضا منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة العراقية.
ويرى متابعون أن هذا الغطاء القانوني (المثير للجدل) لن يثني الدول العربية عن إدراج الحشد الشعبي ضمن الجماعات الإرهابية، فحزب الله على سبيل المثال موجود في الحياة السياسية اللبنانية ومشارك في الحكومة بوزيرين كما له حضور داخل البرلمان.
ويستمد حزب الله سطوته في لبنان من سلاحه، وكذلك الحال بالنسبة إلى الحشد الشعبي الذي أثبت أنه بات هو الآخر فوق الدولة ونواميسها.
وأكد خبراء سياسيون، أن قرار جامعة الدول العربية، اعتبار حزب الله تنظيماً إرهابياً، يمثّل خطوة هامة في مواجهة التنظيمات المسلحة، التي تتخذ من الدين والمذهبية مطية للوصول إلى أهداف سياسية تنال من وحدة الدول، وتخلق قوى موازية للمؤسسات الرسمية، داخل الوطن الواحد لزعزعة استقراره.
وأضاف الخبراء أن القرار العربي بداية لكبح جماح تنظيمات خارجة على الثوابت الوطنية لحساب دول تموّلها وتسلحها لاستهداف الأمن القومي العربي، عبر تضخيم عضلات تلك الميليشيات والاستقواء بها على المؤسسات الشرعية للدولة.
وقال جمال مظلوم المدير السابق لمركز الخليج للدراسات السياسية والاستراتيجية لـ”العرب”، “لقد تحول حزب الله إلى ميليشيا تستخدم قوة السلاح للإضرار بمصلحة الدولة اللبنانية وإعاقة المسار السياسي بها لدرجة أعاقت تنصيب رئيس للدولة منذ عامين، فضلاً عن استهداف الحزب للأمن القومي لعدد من الدول العربية، ومن بينها السعودية واليمن، عبر دعم ميليشيا الحوثي، ومن ثم فهو ينطبق عليه وصف التنظيم الإرهابي، خاصة أنه يخدم أجندة إيران في المنطقة”.
وأضاف جمال مظلوم “وضع تنظيمات مثل الإخوان في مصر وحزب الله على قوائم الإرهاب خطوة مهمة هدفها الحد من تحركاتهم وقصقصة أجنحتهم المتمددة، لأنها تخضعهم لضغوط وتحاصر قادتهم سياسياًّ”.
واستدرك الخبير الأمني المصري قائلا إنها “لن توقف تحركاتهم لما تتلقاه تلك التنظيمات من دعم من قوى إقليمية، ويجب العمل عربياً على محاصرة الدول المحركة دبلوماسياً لتقليص التمويل والتسليح بقدر الإمكان، وإن كان ذلك أيضاً قد لا يكون سهلاً، ويتطلب تضافر الجهود على مستويات مختلفة”.
وسبق قرار جامعة الدول العربية بتصنيف حزب الله تنظيماً إرهابياً، قرار من الحكومة المصرية بوضع جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب إثر ارتكابها أعمال عنف واستهداف لرجال الجيش والشرطة عقب ثورة 30 يونيو 2013 التي أطاحت بالتنظيم من قمة السلطة بعد عام واحد.
وهناك محاولات جارية (غير رسمية) بإعادة وضع حركة حماس الفلسطينية على اللائحة المصرية للتنظيمات الإرهابية، بعد اتهام قيادات فيها بالتورط في عملية اغتيال النائب العام المصري السابق هشام بركات في يونيو 2015.
كما اتخذت المملكة العربية السعودية خطوة متقدمة تجاه العديد من التنظيمات الإسلامية المتشددة، وقامت دولة الإمارات العربية المتحدة باتخاذ حزمة صارمة من الإجراءات ضد الحركات المتشددة.
ويرى متابعون أن موقف الدول العربية من حزب الله والذي من المرجح أن يمتد أيضا إلى الحشد الشعبي بالعراق هو رسالة مفادها أن الإرهاب لا طائفة له.
وتوقع بعض الخبراء أن تلجأ إيران خلال الفترة المقبلة إلى خطاب تعبوي طائفي، وهو الخطر الذي قد يجرف المنطقة إلى فخ الصراع المذهبي الذي تريده طهران.
فكري سليم رئيس قسم اللغة الفارسية بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر، قال في تصريحات لـ”العرب”، “على الدول العربية أن تضع في اعتبارها أهمية توضيح الأبعاد السياسية لقراراتها، وتوعية الرأي العام العالمي بأن مواجهة تلك الكيانات لكونها إرهابية، لا لكونها تنتمي لمذهب ديني مغاير، فتحركات حزب الله المناهضة للمصلحة الوطنية ومحددات الأمن القومي العربي، وضعت الحكام العرب في موقف لا بديل فيه عن المواجهة”.
وأوضح سليم “يجب الاستناد إلى أراء العقلاء من الشيعة العرب الرافضين لسياسات حزب الله واستخدام إيران له في شق الصف العربي، مثل الشيخ علي الأمين في لبنان والشيخ جواد الخلقي في العراق، فالصراع ليس مذهبيا، كما يراد له، فهناك شيعة عرب متمسكون بقوميّتهم العربية في مواجهة الأطماع الفارسية وهو ما يجب التأكيد عليه”.
وأكد الخبير في الشؤون الإيرانية أن النظام الحالي في طهران والذي يدعي أنه إصلاحي لا يختلف عن سابقيه، وسيواصل العمل على محاولة استهداف السعودية ودول الخليج، عبر الشيعة الموالين له، ما يستوجب الحذر واتخاذ إجراءات احترازية لمواجهته.
العرب