“من مر إلى أمر” هكذا حال السوريين سواء في الداخل السوري أو خارجه، بعد أن باتوا متخبطين في كيفية تأمين لقمة عيشهم ومسايرة المجتمع اللاجئين إليه، مما دفع الكثير منهم لاتباع وسائل غير شرعية تمكنهم من الوصول لأي شيء يساعدهم في مواجهة مشقة الحياة، واستغل ذلك تجار الحروب المستفيدين مالياً متناسين أن الذي يستغلونه وجد ببلدهم وشعبها ملاذا آمنا للعيش رغم ألم الغربة، ومن هذه الوسائل الغير الشرعية “التزوير”.
بلغ عدد السوريين قرابة المليونين ونصف في شتى المدن التركية، فكان أبرز سبب لتوجههم إلى مكاتب التزوير المنتشرة في تركيا هو فقدان أوراقهم الثبوتية ووثائقهم الرسمية وجوازات سفرهم والشهادات العلمية وهي الأهم لتأمين فرصة العمل، وبما أن وجود السوريين داخلها غير قانوني، ازداد الترويج لعمليات التزوير عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي أو أشخاص مستفيدين يعملون بسرية لصالح آخرين لحين تطورت إلى وجود مكاتب علنية خاصة بهذه الأمور.
ومن الأوراق المزورة ( جوازات سفر، إقامات، شهادات علمية لكافة المستويات والاختصاصات الجامعية منها الدكتوراه أحياناً، رخص قيادة وغيرها الكثير)، وباستخدام أختام الخارجية السورية المزورة والأسعار مرتفعة نسبياً متباينة بحسب نوع الوثيقة المزورة وجودتها والمطلوب فيها تفاصيل شخصية بسيطة وتحديد ماهية الورقة المطلوبة فمثلاً الشهادة العلمية للدكتوراه قيمة تزويرها (1600 دولار).
وعن سر سهولة عملية تزوير الوثائق الخاصة بالحكومة السورية يقول (عبد الرحمن سالم) صاحب مطبعة سابقة في سوريا وذو خبرة طويلة في هذا المجال في تقرير لأخبار الآن:” كل الحكومات تحرص على تعقيد عمليات التزوير وتطوير وثائقها باستعمال رموز معقدة ونوعيات خاصة من الورق غير متوفرة لدى العامة، ما عدا وثائق الحكومة السورية التي لم تشهد تطوراً في نوعيتها وأن بطاقات الأفراح أصبحت أكثر تعقيداً منها”.
تضاربت الآراء بين المؤيد والمعارض لعملية التزوير فبعضهم يراها إيجابية وعمل إنساني واجب تلبيته لأن السوريين مضطرين لمثله، وآخرون اعتبروه ضرراً كبيراً لما له من عواقب وخيمة مثل أنها تتيح العمل للشخص الغير مناسب لأن 40% من المدرسين العاملين بالمدارس السورية داخل الأراضي التركية هم من أصحاب الشهادات المزورة، بينما أغلب المدرسين الحقيقيين والذين يحملون إجازات جامعية لا يجدون فرصة للعمل وهذا ينعكس سلبياً على جيل الأطفال فيما بعد وفق حكمة رددها الأهالي “فاقد الشيء لا يعطيه” وتخطي الأمر لحدود غير معقولة عندما زورت بعض المكاتب أوراق رسمية تركية.
ولاء من مدينة حلب لاجئة في تركيا ومُدرّسة بإحدى مدارس السوريين هناك تقول:” صحيح أن عمليات التزوير أزاحت عقبات من أمام الأفراد السوريين في ظل عجز المعارضة والأطراف الحكومية عن حل مشاكل اللاجئين، بينما هي مصيبة أخرى سيعاني منها السوريون في المستقبل لأنها بالنهاية عملية غير معترف بها بأي دولة”.
كيفما التفت السوريون اصطدموا بالمشاكل الاجتماعية والسياسية التي تعرقل محاولة سير حياتهم بشكل طبيعي وتضيف الأعباء والمعاناة عليهم، فالتزوير سبيل للعيش آنياً لهم إلا أنه كارثة كبيرة مستقبلياً ستضطرهم للمساءلة والمحاسبة من جديد وبالتالي تقديم المزيد من المال في وقت أضحى فيه 80% من الشعب السوري يعاني من الفقر.
المركز الصحفي السوري – محار الحسن