يعقد مجلس الأمن القومي التركي، الأربعاء، جلسته الأولى بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي نفذها قادة في الجيش التركي، فيما ينتظر أن ينتج عن الاجتماع قرارات “مهمة للغاية”، وفقا لما صرح به الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وكان رئيس التركي قال أمس الثلاثاء، إن قرارات هامة للغاية ستتخذ يوم الأربعاء، مشيرا إلى أن الاجتماعات التي ستعقد في هذا اليوم ستمكن الدولة أكثر من استئصال الكيان الموازي من أجهزة القضاء والأمن.
وأشار الرئيس إلى وجود حركة تعيينات لأسماء جديدة وإبعادا لشخصيات أخرى في سلكي الأمن والقضاء، فيما رفض الإفصاح بمعلومات إضافية أكثر حول ماهية القرارات التي ستتخذ ويعلن عنها.
إلى جانب ذلك، أجرى رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، الثلاثاء، سلسلة لقاءات مع أبرز أحزاب المعارضة لتنسيق المواقف عقب الإطاحة بمحاولة الانقلاب، لتأكيد رفض كل التيارات السياسية في البلاد لمحاولة الانقلاب ووقوفها إلى جانب الإرادة الشعبية، حسبما صرح به يلدريم في مؤتمر صحفي مع رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال قليتشدار أوغلو.
وفي وقت دعا فيه قليتشدار أوغلو، إلى ضرورة التزام الجميع بالهدوء في المرحلة الحالية، وعدم نسيان أن تركيا هي دولة قانون، مشددا على أهمية التعامل مع أي حادثة في إطار القانون، فقد أبدى رئيس حزب الحركة القومية المعارض دولت بهجلي دعما غير محدود لكل الإجراءات التي ستتخذها الحكومة لمحاسبة الانقلابيين ومنع تكرار الأمر مرة أخرى.
وقال رئيس حزب الحركة القومية إن “هناك الكثير من المطالبات بإعادة عقوبة الإعدام. وإذا كان حزب العدالة والتنمية (الحاكم) مستعد، فإننا أيضا كذلك. سندرس فرض هذه العقوبة ونفعل كل ما يلزم”.
وتزايدت الدعوات لإعادة عقوبة الإعدام من الحشود الغاضبة التي شهدتها تركيا مؤخرا. وشدد يلدريم على ضرورة التروي وعدم التعجل في هذا الأمر. وقد أعرب شركاء تركيا الأوروبيون عن قلقهم من مثل هذا التحرك.
قرارات تاريخية
ويرى مراقبون للشأن السياسي التركي، أن اجتماع مجلس الأمن القومي التركي برئاسة أردوغان سيعقبه قرارات تاريخية ستتخذ لإعادة النظر في رسم السياسات الخارجية والداخلية للدولة التركية، بناء على معطيات عدة توفرت لدى القيادة التركية عقب الإطاحة بالانقلاب.
ويقول مدير المعهد التركي العربي للدراسات الاستراتيجية الدكتور محمد العادل، في حديث مع “عربي21“، إن القرارات المتوقع أن تتخذها القيادة التركية، ستكون في إعادة النظر في العلاقة الخارجية مع بعض الدول التي لم تتعاون استخباريا مع تركيا في كشف تحركات الانقلابيين، وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من دول الاتحاد الأوروبي.
وتوقع العادل أن تعيد تركيا النظر في انضمامها إلى حلف الناتو، الذي أصبح قناعة لدى القيادة التركية أن “الناتو” بات يشكل عبئا عليها في الحرب ضد تنظيم الدولة، فضلا عن موقفه من الحرب ضد حزب العمال الكردستاني.
ويضيف مدير المعهد التركي العربي للدراسات، أن تركيا قد تلوح بسحب مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لاعتبارين اثنين، دفع الشعب التركي للضغط باتجاههما، الأول: “خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي”، والثاني: “محاولة الانقلاب الأخيرة، فلو كانت دول الاتحاد صديقة فعلا لتركيا لكان بإمكانها تحذير تركيا من ذلك”.
وكان أردوغان قد طرح، في وقت سابق، بعد الاستفتاء البريطاني، إمكانية إجراء تركيا لاستفتاء مماثل يحدد إمكانية الاستمرار من عدمها، في مفاوضات العضوية. واقترح الرئيس التركي الاستعاضة عن معايير كوبنهاغن الخاصة بمعايير الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، بمعايير مماثلة تحت اسم معايير أنقرة.
مراجعات عميقة
وبحسب ما يراه الدكتور محمد العادل، فإن محاولة الانقلاب الفاشلة أحرجت العالم كله وكشفت للقيادة التركية العدو من الصديق مع جميع دول العالم، فذلك سيدفع تركيا إلى إجراء مراجعات عميقة لإعادة رسم العلاقات مع دول الغرب والدول العربية التي تأخرت في حسم موقفها من الانقلاب.
ويشير العادل في حديثه لـ”عربي21” إلى أن تركيا قد تفاجئ العالم بإعادة العمل بعقوبة الإعدام، وستكون فيها رسالة قوية للغرب المتخاذلين وغير الصادقين مع تركيا، وبخاصة أن هناك أصواتا من دول أوروبية تدعو لعدم تطبيق هذه العقوبة، إلا أن الشعب التركي يضغط بقوة لإعادتها.
الشأن الداخلي
ويرجح مدير المعهد التركي العربي للدراسات، أن يذهب حزب العدالة والتنمية الحاكم بالتعاون مع الأحزاب التركية الأخرى إلى صياغة سياسة داخلية جديدة، وهي فرصة للحزب الحاكم في توحيد الجبهة الوطنية لمجابهة مثل هذه الظروف التي تمر بها تركيا حاليا.
ويدعو الدكتور العادل إلى أن يغتنم حزب الحرية والعدالة هذه الفرصة في بناء هذه الجبهة الوطنية، واتخاذ قرارات صعبة يتم من خلالها تهدئة الداخل التركي، وذلك بإعادة المفاوضات مع حزب العمال الكردستاني. وإن الأحزاب الكردية عليها أن تتخذ أيضا قرارات صعبة، لأن الانقلاب كان يستهدف القوة الاقتصادية والإقليمية لتركيا الجديدة.
وتجدر الإشارة إلى أن مجلس الأمن القومي، من الممكن أن يجتمع مرتين في الشهر الواحد عند الضرورة، بقيادة رئيس الجمهورية، وحضور رئيس الوزراء، ورئيس هيئة الأركان، وقيادات القوات البرية والبحرية والجوية والدرك، إضافة إلى نواب رئيس الوزراء ووزراء الداخلية والخارجية والعدل والدفاع.
عربي 21