نفّذت تركيا مناورات بحرية قرب المياه اليونانية أمس (الثلاثاء)، في مسعى لتصعيد الضغط على اليونان قبل انعقاد قمة زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل غداً، للنظر في التوتر في شرق المتوسط وتقييم العلاقات مع أنقرة. وفي الوقت ذاته عقدت في مقر حلف شمال الأطلسي (ناتو) الجولة السادسة من المحادثات الفنية العسكرية بين تركيا واليونان والتي تهدف إلى خفض التوتر في البحر المتوسط.
وأُجريت المناورات التي تضمنت تدريبات بالذخيرة الحية، في منطقة قريبة من جزيرتي رودس وكاستيلوريزو اليونانيتين.
وأسفرت جهود «ناتو» وألمانيا، الأسبوع الماضي، عن اتفاق بين تركيا واليونان على استئناف المحادثات الاستكشافية حول التوتر بين البلدين والتي توقفت في 2016، في إسطنبول قريباً. وجاءت المناورات غداة زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لليونان، الاثنين، حيث أجرى محادثات استهدفت التشجيع على خفض حدة التوتر في شرق المتوسط وإطلاق حوار بين أثينا وأنقرة. وجاء في بيان مشترك بعد مباحثات بومبيو ونظيره اليوناني نيكوس ديندياس في سالونيك، شمال اليونان، أن النزاع بين اليونان وتركيا بشأن المناطق الغنية بالنفط والغاز في شرق المتوسط يجب حله سلمياً، وفقاً للقانون الدولي. وعبّر بومبيو عن أمله أن تنطلق المحادثات الاستكشافية التركية ـ اليونانية، المقررة في إسطنبول قريباً، بالشكل الصحيح، مؤكداً أهمية توصلها إلى نتائج تكون أكثر من مقبولة لدى الطرفين، قائلاً: «يجب ألا يقتصر الأمر على إجراء محادثات، بل يجب التوصل إلى حلول جيدة».
وبلغ التوتر ذروته في الأسابيع الأخيرة بين أثينا وأنقرة اللتين تتنازعان مناطق في شرق المتوسط يُعتقد أنها غنية بالغاز والنفط. والأسبوع الماضي أعلن البلدان العضوان في «ناتو» استئناف المباحثات الاستكشافية مجدداً بعد توقفها أربع سنوات.
وحث رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس، في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الجمعة، الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على إعطاء فرصة للدبلوماسية.
وبدوره، دعا إردوغان، الاثنين، إلى العمل على جعل البحر المتوسط «بحيرة سلام» عوضاً عن «تلويثه بخصومات جديدة بين الدول»، قائلاً إن تركيا «بصفتها أمة ورثت الحضارة العثمانية والسلام في البحر المتوسط» تريد إعادة إحياء مناخ السلام في هذه المنطقة. وأضاف أن تركيا لا تريد التوتر في البحر المتوسط وإنما السلام والتعاون والإنصاف والعدل.
وانتقد الرئيس التركي الاتحاد الأوروبي، قائلاً إنه لم يستغلّ الفرص الدبلوماسية لحل الأزمة وإنه خضع لليونان وقبرص، مشيراً إلى أن هناك إمكانية لحل المشكلات. وقالت وزارة الدفاع التركية إن وفدين عسكريين، تركي ويوناني، عقدا، أمس، اجتماعاً فنياً في مقر «ناتو» في بروكسل، لبحث «سبل فض النزاع» في شرق المتوسط، هو السادس من نوعه في سبتمبر (أيلول) الجاري.
تأتي هذه التطورات قبل انعقاد القمة الأوروبية التي كانت تترقبها أنقرة بقلق بعد تلويح الاتحاد الأوروبي بمعاقبتها على أنشطتها «غير القانونية» للتنقيب شرق المتوسط. لكن هذه الضغوط خفت مع التحرك باتجاه الحوار مع اليونان، وزالت المخاوف مع إعلان بروكسل أول من أمس، أن الظرف الراهن ليس مناسباً لمناقشة العقوبات على تركيا وأن الاتحاد يتابع الموقف وإن استدعى الأمر اجتماعاً جديداً سيُعقد في أي وقت.
وسبق تأجيل القمة الأوروبية من 24 سبتمبر إلى الأول من أكتوبر (تشرين الأول) بسبب إصابة بفيروس «كورونا» في محيط رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، الذي انضم الأسبوع الماضي إلى اجتماع ثلاثي عبر الفيديو كونفرنس مع كل من إردوغان والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أحرز تقدماً باتجاه ترسيخ نهج الحوار وخفض التوتر، وأسفر أيضاً عن نزع فتيل التوتر بين أنقرة وباريس، حيث أجرى إردوغان عقب الاجتماع مباشرة اتصالاً هاتفياً مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون أعقب أسابيع من التلاسن الحاد، على خلفية دعم فرنسا لليونان وقبرص في شرق المتوسط.
وقال إبراهيم كالين، المتحدث باسم الرئاسة التركية، الاثنين، إن تركيا تعد قمة الاتحاد الأوروبي «فرصة لإعادة ضبط العلاقات»، لكن على التكتل الخروج باقتراحات محددة وجدول زمني للعمل معاً وفق «خريطة طريق».
نقلا عن الشرق الأوسط