اختار الرئيس الأميركي دونالد ترامب أحد أكثر ضباط الاستخبارات الأميركيين كفاءة ليكون على رأس المكتب المسؤول عن التجسس على إيران في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، في انعكاس لرؤيته العنيفة تجاه طهران.
وكشفت صحيفة “نيويورك تايمز” عن هوية “الأمير الأسود” أو “آية الله مايك”. والاسم الحقيقي للمسؤول، بحسب ما قالت الصحيفة، هو مايكل دي أندريا، رئيس مركز مكافحة الإرهاب السابق في “سي آي إيه”.
ودي أندريا هو أحد أعنف الضباط في الوكالة، إذ اعتاد على إثارة الرعب في نفوس زملائه، الذين رفض الكثيرون منهم العمل تحت إمرته. كما شارك في برنامج التعذيب الممنهج الذي تبنته الوكالة في أعقاب هجمات الـ11 من سبتمبر 2001 على مبنيي التجارة العالمية في نيويورك.
وأشرف دي أندريا على عملية اغتيال أسامة بن لادن في منطقة أبوت أباد في باكستان عام 2001، كما عزز كثيرا من الاعتماد على هجمات الطائرات من دون طيار لاصطياد متشددين في أفغانستان وباكستان واليمن.
وتحول دي أندريا إلى الإسلام خلال عملية خارجية قابل خلالها زوجته المسلمة.
ويملك الرجل، الذي سيكون مسؤولا عن عمليات التجسس على إيران، قلبا ميتا، إذ يقول زملاء سابقون له إنه لا يعرف الخوف، ولا يتردد في استهداف الجهاديين والإرهابيين حتى لو أدى ذلك إلى سقوط ضحايا مدنيين.
وتعيين دي أندريا في منصبه الجديد هو واحد من بين حركة تنقلات داخل أكبر وكالة استخبارات في العالم. وتعكس التنقلات الجديدة رغبة مايك بومبيو، المدير الجديد للوكالة، في تبني نهج أكثر فاعلية في عمليات التجسس مستقبلا.
وظلت إيران أحد أكثر الأهداف صعوبة بالنسبة للوكالة، إذ لا يتمتع الجواسيس الأميركيون بحرية الحركة داخل البلد، كما لا تملك الولايات المتحدة سفارة في طهران يمكن أن تلعب دور الغطاء الدبلوماسي لمثل هذه التحركات، كما ظلت أجهزة الاستخبارات الإيرانية تكافح عمليات واشنطن السرية المكررة طوال أربعة عقود.
وقال روبرت إيتنغر، المحامي السابق في “سي آي إيه” الذي ساهم بقدر كبير في برنامج الطائرات من دون طيار ضد الجهاديين، إنه “بإمكان دي أندريا أن يدير برنامجا في منتهى العنف، لكن في نفس الوقت بطريقة ذكية للغاية”.
وعندما سئل عما إذا كان تعيين دي أندريا في منصبه الجديد مؤشرا على استراتيجية أكثر عنفا تجاه إيران، قال “هذه هي القراءة الصحيحة”.
ومواقف دي أندريا تجاه إيران غير معلنة، لكنه على ما يبدو يعرف إيران جيدا. وفي عام 2008 لعب دي أندريا دورا حاسما في اغتيال القيادي السابق في حزب الله اللبناني عماد مغنية بواسطة سيارة مفخخة استهدفته في أحد أحياء دمشق.
ووصف ترامب إيران خلال قمة تاريخية مع قادة من العالمين العربي والإسلامي في الرياض الشهر الماضي، بأنها “الدولة رقم واحد في دعم الإرهاب”. وسرعان ما عين ترامب لمواجهة إيران “المسؤول الأميركي الأول في مكافحة الإرهاب”.
ولم يخل سجل دي أندريا من الأخطاء أيضا، إذ كان مسؤولا عن جاسوس مزدوج بين صفوف حركة طالبان، فجر نفسه في معسكر أميركي في أفغانستان، وتسبب عام 2009 في مقتل 7 من ضباط سي آي إيه، في أكبر خسارة للوكالة منذ أكثر من نصف قرن.
ونحت الوكالة دي أندريا جانبا عام 2015 بعد شهور فقط من خطأ مماثل هاجمت فيه طائرة من دون طيار معسكرا للقاعدة في باكستان، من دون أن تتوفر لها معلومات بوجود رهينتين في نفس المكان، أحدهما أميركي والآخر إيطالي.
وتولى بعدها دي أندريا منصب المسؤول عن مراجعة كفاءة عمليات التجسس في الخارج.
وقال مسؤول سابق في الوكالة لـ”نيويورك تايمز” إن موقعه الجديد على رأس مكتب إيران “هو أنسب كثيرا مقارنة بما يتمتع به من مهارات”.
وقال إيتنغر “الكثير من الناس الذين أعرفهم كانوا خائفين منه، وكانوا يعتقدون أنه بلا قلب، لكن الحقيقة عكس ذلك. كل ما في الأمر هو أنه دقيق، ويقيم الناس وفقا لمعايير عالية جدا”.
العرب اللندنية