بات واضحا أن المواجهة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية تجاوزت حدود النزاع الإقليمي إلى الطابع الدولي، وتبيّن من مداولات جلسة مجلس الأمن التي انعقدت يوم الإثنين الماضي أنها باتت مفتوحة، ومادة ساخنة لانقسام المواقف بين واشنطن من جهة، وبكين وموسكو من جهة ثانية، حيث وقفت الصين وروسيا في صف المشروع النووي الكوري، وتحوّل المندوب الصيني في الأمم المتحدة إلى ما يشبه المحامي عن المشروع، وتحت صيغة إيجاد مخرج وضع واشنطن وبيونغ يانغ على قدمي المساواة، الأمر الذي أغضب المندوبة الأميركية، نيكي هالي، ودفعها إلى انتقاد الموقف الصيني بعباراتٍ تتجاوز حدود الدبلومسية.
ستكون الجلسة الثانية للمجلس يوم الإثنين المقبل ساحة الاختبار الحقيقية بين مواقف الدول الثلاث. وبناء عليها، سوف يتحدّد المسار الذي ستأخذه الأزمة، حيث من المقرّر أن تتقدم البعثة الأميركية في مجلس الأمن بمشروع قرارٍ لفرض عقوبات قاسية جدا ضد كوريا الشمالية، تصل إلى حد قطع العلاقات التجارية مع الدول التي تتعامل مع بيونغ يانغ، وهذا أمر يعني الصين وروسيا اللتين تزودان كوريا الشمالية بالمواد الحيوية، وخصوصا النفط.
ستحفل الأيام القليلة الباقية إلى حين انعقاد جلسة مجلس الأمن بالتوتر والشد والجذب بين واشنطن وبكين وموسكو، ويبدو حتى الآن أن كلا من المعسكرين مصممٌ على خوض مواجهةٍ، لا مساومة فيها، ومن يتأمل خطاب الطرفين يجد أن لهجة الحرب تطغى على السطح، ولكن كلا الطرفين يعرف مدى خطورة اللجوء إلى القوة العسكرية، من أجل وضع حد للمشروع الكوري الشمالي.
ثمّة فرضية تقول باستحالة الحل العسكري اليوم، فقد كان ممكنا قبل التجربة النووية الأخيرة، وصار متعذّرا على الولايات المتحدة القيام به، لأن عواقبه كارثية، حسب ما ورد على لسان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في مؤتمره الصحفي يوم الثلاثاء. وبناء على هذه الفرضية، سوف تضطر الولايات المتحدة للتراجع خطوة إلى الوراء، وتقبل تسويةً تقوم على تبريد النزاع أو تجميده، وإيجاد مخرج لتنفيس التهديدات الأميركية بضمانة صينية روسية، كما حصل في جولات التصعيد السابقة في عامي 2006 و2009.
ما يجعل من هذا المخرج ممكنا ليس الكلفة العالية للحرب التي يمكن أن تدمر المنطقة برمتها، وإنما المنطق البراغماتي الذي يتحلى به الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي بدأ يعمل على استثمار الأزمة تجاريا، وصرح علنا يوم الثلاثاء بأن الولايات المتحدة جاهزة لتسليح حليفيها المتضرّرين مباشرة، كوريا الشمالية واليابان، بأسلحة متطورة جدا، وبذلك يريد أن يقنع سيول وطوكيو أن الحل ليس بالحرب، بل في توازن الرعب، وما تجنيه واشنطن من ذلك هو صفقات السلاح الباهظة الثمن، كما هو حاصل اليوم في منطقة الخليج بعد قمة الرياض في مايو/ أيار الماضي التي وقعت خلالها السعودية عقودا، بما يتجاوز 100 مليار دولار، من أجل شراء السلاح، والحماية من التهديدات الإيرانية.
باتت المعادلة المطروحة من الصين وروسيا قائمةً على ركيزتين: بيونغ يانغ لن تتراجع عن خيارها النووي، والحل العسكري كارثي. وبالتالي يكمن المخرج في تعايش الولايات المتحدة مع هذا الوضع كما هو.
إذا سارت الأزمة في هذا المنحى، لن تكون بيونغ يانغ الرابح الوحيد من الأزمة، بل ستجني بكين وموسكو مكاسب كبيرة على حساب واشنطن التي سوف يتأكد أنها لم تعد قادرةً على ممارسة دور الشرطي الدولي. وكما خسرت، خلال الأعوام الأخيرة، أمام طهران وموسكو في العراق وسورية ولبنان واليمن، سوف تبدأ مرحلة التراجع أمام بكين في منطقة شبه الجزيرة الكورية، وهذا سوف يقود إلى تأسيس معادلة نفوذ جديدة، شبيهة بالتي باتت قائمة في الشرق الأوسط.
ستحفل الأيام القليلة الباقية إلى حين انعقاد جلسة مجلس الأمن بالتوتر والشد والجذب بين واشنطن وبكين وموسكو، ويبدو حتى الآن أن كلا من المعسكرين مصممٌ على خوض مواجهةٍ، لا مساومة فيها، ومن يتأمل خطاب الطرفين يجد أن لهجة الحرب تطغى على السطح، ولكن كلا الطرفين يعرف مدى خطورة اللجوء إلى القوة العسكرية، من أجل وضع حد للمشروع الكوري الشمالي.
ثمّة فرضية تقول باستحالة الحل العسكري اليوم، فقد كان ممكنا قبل التجربة النووية الأخيرة، وصار متعذّرا على الولايات المتحدة القيام به، لأن عواقبه كارثية، حسب ما ورد على لسان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في مؤتمره الصحفي يوم الثلاثاء. وبناء على هذه الفرضية، سوف تضطر الولايات المتحدة للتراجع خطوة إلى الوراء، وتقبل تسويةً تقوم على تبريد النزاع أو تجميده، وإيجاد مخرج لتنفيس التهديدات الأميركية بضمانة صينية روسية، كما حصل في جولات التصعيد السابقة في عامي 2006 و2009.
ما يجعل من هذا المخرج ممكنا ليس الكلفة العالية للحرب التي يمكن أن تدمر المنطقة برمتها، وإنما المنطق البراغماتي الذي يتحلى به الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي بدأ يعمل على استثمار الأزمة تجاريا، وصرح علنا يوم الثلاثاء بأن الولايات المتحدة جاهزة لتسليح حليفيها المتضرّرين مباشرة، كوريا الشمالية واليابان، بأسلحة متطورة جدا، وبذلك يريد أن يقنع سيول وطوكيو أن الحل ليس بالحرب، بل في توازن الرعب، وما تجنيه واشنطن من ذلك هو صفقات السلاح الباهظة الثمن، كما هو حاصل اليوم في منطقة الخليج بعد قمة الرياض في مايو/ أيار الماضي التي وقعت خلالها السعودية عقودا، بما يتجاوز 100 مليار دولار، من أجل شراء السلاح، والحماية من التهديدات الإيرانية.
باتت المعادلة المطروحة من الصين وروسيا قائمةً على ركيزتين: بيونغ يانغ لن تتراجع عن خيارها النووي، والحل العسكري كارثي. وبالتالي يكمن المخرج في تعايش الولايات المتحدة مع هذا الوضع كما هو.
إذا سارت الأزمة في هذا المنحى، لن تكون بيونغ يانغ الرابح الوحيد من الأزمة، بل ستجني بكين وموسكو مكاسب كبيرة على حساب واشنطن التي سوف يتأكد أنها لم تعد قادرةً على ممارسة دور الشرطي الدولي. وكما خسرت، خلال الأعوام الأخيرة، أمام طهران وموسكو في العراق وسورية ولبنان واليمن، سوف تبدأ مرحلة التراجع أمام بكين في منطقة شبه الجزيرة الكورية، وهذا سوف يقود إلى تأسيس معادلة نفوذ جديدة، شبيهة بالتي باتت قائمة في الشرق الأوسط.
العربي الجديد _ بشير البكر