يخيم التشاؤم على مؤتمر جنيف 4 المخصص لبحث التسوية السياسة للأزمة السورية التي شارفت على عامها السابع، رغم إبداء واشنطن دعمها للمؤتمر، بحسب تأكيد فرنسا وألمانيا.
وينطلق المؤتمر الذي تشرف عليه الأمم المتحدة الخميس المقبل في العاصمة السويسرية. وسيدور حول خطط تشكيل حكومة انتقالية ووضع دستور جديد للبلاد وإجراء انتخابات.
وبعد فشل جولة أستانة 2 الخميس، وتصاعد الاتهامات المتبادلة بين أطراف الصراع وداعميهم، خاصة إيران وتركيا، تراجع الأمل في إمكانية تحقيق أي خرق في هذا المؤتمر.
وفي اجتماع لوزراء خارجية مجموعة العشرين حاول وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون طمأنة الحلفاء بأن واشنطن لا تميل إلى جانب موسكو بشأن الصراع السوري، وأبلغهم الجمعة بأن الولايات المتحدة تؤيد جهود الأمم المتحدة للتوسط في حل سياسي للحرب.
وقال تيلرسون إن العلاقات العسكرية مع روسيا تعتمد على موقفها من المعارضة المسلحة التي تقاتل حكومة الرئيس بشار الأسد ال
وصرح وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت “لا ينبغي التقليل من قدر الصعوبات والمخاطر”، محذرا روسيا وإيران من الاعتقاد بأن حكومة الأسد ربما يمكنها إعادة السيطرة في يوم ما على كامل الأراضي السورية.
وفي الوقت نفسه أكد أيرولت اعتقاده أن باستطاعة روسيا أن تلعب دورا بناء في سوريا، وقال “ينبغي أن تتوقف روسيا عن النظر إلى أعضاء المعارضة السورية باعتبارهم إرهابيين”.
ولعبت روسيا التي تعتبر حليفا للأسد دورا رياديا في المحادثات بشأن سوريا في كازاخستان، وكانت تعول على أن تكون هذه المباحثات التي تشرف عليها مع كل من تركيا وإيران البديل عن جنيف، بيد أن الضغوط الدولية والإقليمية والدولية حالت دون ذلك.
ويتوقع مراقبون أن يلاقي جنيف 4 مصير المؤتمرات السابقة التي عقدت لإيجاد مخرج للأزمة السورية. وفشلت في تحقيق أي تقدم يذكر، حيث مازالت التباينات قائمة بين الفرقاء المحليين والإقليميين والدوليين.
ولا تزال المعارضة السورية على موقفها الداعي إلى حكم انتقالي يقضي برحيل الرئيس بشار الأسد من السلطة، وتؤازرها في ذلك الدول الداعمة لها، وعلى رأسها تركيا، التي ليّنت في الفترة الماضية من تصريحاتها تجاه الأسد، لتعود مجددا إلى التصعيد، وذلك بعد اتصال هاتفي أجراه الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، تلته زيارة مدير الاستخبارات الأميركية مايك بومبيو إلى أنقرة، وأخيرا زيارة وزير الدفاع الأميركي جوزيف دانفورد ولقاؤه رئيس هيئة الأركان العامة التركية خلوصي أكار
ذي تدعمه موسكو.
وقللت باريس وبرلين من التوقعات المعقودة جنيف 4، حيث قال وزير الخارجية الألماني زيجمار جابريل، إنه لا بد من التحلي بقدر كبير من الواقعية.
وأكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الجمعة، أن المعارضة السورية ستشارك في مباحثات جنيف المقبلة، بتمثيل شامل ورفيع. وجاء ذلك في اجتماع “أصدقاء سوريا” بمدينة بون الألمانية.
ويرى مراقبون أن تركيا اليوم على مفترق طرق بين البقاء مع الحليف الروسي أو العودة مجددا إلى الحضن الأميركي، والثاني على ما يبدو الخيار الأقرب، خاصة إذا ما صدقت النوايا الأميركية بإقامة مناطق آمنة في سوريا لطالما نادت بها أنقرة، وأيضا فكت واشنطن ارتباطها مع وحدات حماية الشعب الكردي التي تصنفها تركيا تنظيما إرهابيا.
وجدد أردوغان اتهام الأسد بالمسؤولية عن قتل مئات الآلاف من السوريين، قائلا في حوار له مع قناة العربية الجمعة، “نظام الأسد القاتل قام بقتل الأبرياء وإن كان الرقم المعلن هو 600 ألف سوري، لكنني أقول إن الرقم أكثر من ذلك، فهو قرابة المليون حيث استخدم البراميل المتفجرة وكافة الأسلحة من الدبابات والمدفعية، وقام بتدمير الحضارة وأيضا الأماكن الأثرية، وفعل ذلك بشكل وحشي ودون تردد ولا يزال”.
وبالإضافة إلى عودة هجوم أردوغان على الأسد، شكلت مشاركة تركيا في اجتماع أستانة 2 بوفد منخفض المستوى، مؤشرا على وجود استدارة تركية في الملف السوري. كما أن إعلان الرئيس التركي نيته التوجه بعد الباب إلى كل من منبج والرقة وإقامة منطقة آمنة داخل العمق السوري بمساحة تصل خمسة آلاف كلم، هو عنصر إضافي آخر يعكس وجود هذا التحول الذي يصفه البعض بالمتوقع، بالنظر إلى الانقلابات الكثيرة التي شهدتها السياسة التركية خلال السنوات الأخيرة.
ويقول مراقبون إن روسيا تراقب بحذر هذه التطورات خاصة وأنها راهنت على التعاون مع تركيا لتحقيق حل سياسي للأزمة السورية يتفق مع رؤيتها، التي لا تشمل بالتأكيد إقامة مناطق آمنة، أو الإطاحة بالأسد على الأقل في المرحلة الانتقالية.
ولكن يبدو أن هذا الرهان بدأ يضعف، وأن الأمور تتجه للعودة إلى المربع الأول، في ظل ازدواجية تركية وسياسة أميركية مهووسة بإعادة هيبة أميركا وهي مندفعة أكثر من سابقاتها.
وبناء على ذلك من المرجح أن يشهد مؤتمر جنيف تصلبا في المواقف خصوصا بين الجانب التركي والمعارضة حيال مسألة الحكم الانتقالي، وأيضا تعنتا من جانب النظام السوري وحليفته إيران خاصة، التي تفضل الحسم العسكري على التسوية السياسية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو كيف ستتعاطى موسكو مع الملف السوري، في حال فشل جنيف وهو الأمر المتوقع بنسبة كبيرة؟.
العربي اللندنية