أصدرت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم الثلاثاء 25 آذار (مارس) تقريرًا بعنوان “تداعيات عمليات التدمير والاستيلاء التي مارسها نظام بشار الأسد على الملكيات الخاصة في محافظة درعا وأثرها على عودة اللاجئين والنازحين”، سلَّطت فيه الضوء على سياسة التدمير المتعمدة والمنهجية التي اتبعها نظام الأسد للاستيلاء على المنازل والأراضي والعقارات، مستخدمًا في ذلك مجموعة واسعة من القوانين والتشريعات التي تفتقد إلى الشرعية القانونية.
جاء التقرير في بابين رئيسين؛ احتوى الباب الأول على ثلاثة فصول، فيما تضمَّن الباب الثاني أربعة فصول:
الباب الأول: تطرق هذا الباب إلى انخراط أهالي محافظة درعا في الحراك الشعب السوري، وتداعيات ذلك على حياتهم وممتلكاتهم العقارية. كما تناول مسار تطور الحراك الشعبي السلمي المطالب بالديمقراطية، وردَّ فعل نظام بشار الأسد العنيف تجاه هذه المطالب منذ بداية آذار (مارس) 2011، مستعرضًا أبرز الانتهاكات الجسيمة التي نفذها النظام وحلفاؤه، ومبيّنًا حجم الدمار الواسع الذي لحق بالممتلكات والبنى التحتية في المحافظة نتيجة لهذه الممارسات.
الباب الثاني: تناول هذا الباب بالدراسة والتحليل حالات منتقاة من مدينة درعا، شملت أحياء مخيم اللاجئين ومخيم النازحين وطريق السد، إضافة إلى مناطق من ريف المحافظة متمثلة في بلدة خربة غزالة ومدينة نوى، كنماذج توضح نمط الانتهاكات في الريف. واستعرض التقرير أبرز الانتهاكات المرتكبة في هذه المناطق، متتبعاً الأضرار الجسيمة التي لحقت بالممتلكات، وتأثيرها المباشر في دفع السكان إلى الهجرة القسرية، وكيف استغل نظام بشار الأسد هذه الحالة للاستيلاء على الممتلكات العقارية. كما وضح التقرير أثر تلك الاعتداءات وتدمير الممتلكات على فرص وإمكانية عودة اللاجئين والنازحين.
يقول مدير الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني: “يمثّل هذا التقرير وثيقة توثيقية وتحليلية شاملة تكشف بوضوح إحدى أكثر الانتهاكات المنهجية خطورة التي مارسها نظام بشار الأسد، والمتمثلة في الاستيلاء المنظَّم على الممتلكات العقارية وتدميرها في محافظة درعا. لقد بذلنا جهودًا كبيرة في الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان لتوثيق هذه الجرائم بحق ممتلكات السوريين، بدءًا من إصدار القوانين الجائرة التي صُممت خصيصًا لنهب حقوق النازحين واللاجئين والمختفين قسريًّا والمعارضين السياسيين، مرورًا بعمليات التدمير الممنهجة للمساكن والبنى التحتية، وصولًا إلى اعتماد سياسة الأرض المحروقة، كأدوات استراتيجية لاقتلاع السكان وتغيير هوية المناطق بشكل دائم”.
ويضيف: “هذا التقرير يمثل دعوة واضحة للعدالة والمساءلة. كما أنَّه يؤكد بالأدلة أنَّ ما تعرض له السوريون في محافظة درعا من تهجير وتدمير لم يكن نتيجة ظروف عشوائية، وإنَّما هو نتيجة سياسة منظمة وممنهجة تهدف بشكل أساسي إلى تغيير التركيبة السكانية للمنطقة”.
وختم مدير الشَّبكة تصريحه بالقول: “نأمل أن يساهم هذا التقرير في تسليط الضوء على تلك الجرائم والانتهاكات بحق الشعب السوري، وأن يشكّل خطوة مهمة على طريق تحقيق العدالة للضحايا ومحاسبة المجرمين الذين تسببوا في هذه المأساة الإنسانية، إذ إنَّ مثل هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم. وما ورد في هذا التقرير هو بمثابة دعوة مباشرة وصريحة للمجتمع الدولي من أجل اتخاذ خطوات جادة وعاجلة لمساءلة نظام بشار الأسد وحلفائه عن سياسات الاستيلاء والتدمير المتعمد للممتلكات، والعمل على استعادة حقوق الضحايا، وإرساء أسس العدالة الانتقالية التي تعد شرطًا أساسيًّا لتحقيق السلام المستدام في سوريا”.