تستعر وراء الكواليس حرب من نوع آخر, هي حرب خفية ومبهمة, لكنها حرب مستمرة بين الدول جميعها, ولا سيما تلك الدول ذات المطامع الاستعمارية والتي تسعى دائما لتعميق حالة الهيمنة التي تمارسها على بعض الدول الأخرى أوعلى الأقل, المحافظة عليها, هي حرب الاستخبارات التي تُستخدم فيها كل الوسائل, وآخرها الطرق “الذكية” في اختراق الحسابات الشخصية والرسمية والتجسس على الرسائل الإلكترونية, أو ربما باستخدام “البوكيمون”!.
بدأت بعض التقارير الإلكترونية وبعض الآراء لكثير من الجهات حول العالم تشير إلى احتمالية أن تكون لعبة “بوكيمون_جو” هي لعبة استخباراتية بالدرجة الأولى, حيث نُشرت هذه اللعبة في بداية شهر يوليو الحالي 2016م, وقام الإعلام بالترويج لها بشكل مخطط ومدبر له, الأمر الذي جعل الشركة المصنعة للعبة تصرِّح يوم 20|7|2016, أي بعد عشرين يوما من إصدارها بتخطي اللعبة حاجز الثلاثين مليون مشترك, وهو ما لم يحصل لأي لعبة من الألعاب.
“القديمة والجديدة” الأمر الذي دفع العديد من المختصين بأمور تطبيقات الألعاب ولا سيما المهندسين إلى البحث في وصف هذه اللعبة وشروط لعبها فوجدوا أنها مجانية لا رسوم عليها، لكن الأمر المهم أن اللعبة تعتمد على تحديد الإحداثيات “جي بي إس” الموجودة على الهواتف الذكية, و تقنية الواقع المعزز إضافة إلى فتح “الكاميرا والبلوتوث”!.
وعلى الرغم من الفترة الزمنية القصيرة لانطلاق اللعبة إلا أن هناك مخاطر وسلبيات متوقعة خاصة أثناء اللعب خلال قيادة المركبات كاحتمالية التعرض لحوادث الاصطدام والوقوع والكسور والجروح، مما يزيد احتمالية خطر الوفاة وأيضا تعريض حياة الآخرين للخطر، كما أنها تُعرّض من يلعبها إلى خطر التجسس على الخصوصيات كالصور الخاصة ومقاطع الفيديو داخل الجهاز، وقد يؤدي تشغيل كاميرات الهواتف لاستخدامها في المنازل أو في الأماكن ذات الحساسية الخاصة، يؤدي إلى فقدان الخصوصية بالنسبة لمن يلعبها فضلا عن وخصوصية منزله وعائلته بالمجمل.
وقد حذرت عدة دول عربية من مخاطر اللعبة في العديد من المواقع الالكترونية الرسمية وغير الرسمية من بينها الإمارات ومصر والسعودية والكويت وغيرها من الدول, وذلك نظرا للآثار السلبية للعبة على مختلف جوانب الحياة وتشير بعض الأنباء إلى تحركات حكومية في المملكة العربية السعودية لحظر لعبة “بوكيمون جو” بسبب مخاطرها، أما في مصر, فقد أصدر بعض علماء “الأزهر” بياناً جاء فيه أن اللعبة جعلت “الناس كالسكارى”، وصدرت تنبيهات في الإمارات من أن تحميلها قد يؤدي إلى “اختراق خصوصية المستخدمين، أو التربص بهم في أماكن نائية للاعتداء عليهم، وسلب ممتلكاتهم.
دولياً, وفي روسيا ظهرت دعوات بمنعها كونها تجسسية، مع احتمالية وجود علاقة للعبة بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وحظر جيش الاحتلال الإسرائيلي على أفراده ممارسة اللعبة في الثكنات العسكرية كونها مصدراً لجمع المعلومات، وفي الصين برزت مخاوف في أن تساعد اللعبة في تحديد مواقع عسكرية واستكشاف قواعد الجيش الصيني السرية، من خلال تحديد الأماكن التي لا يستطيع المستخدمون الذهاب إليها لاصطياد البوكيمون، فيمكن الاستنتاج بأن هذا الموقع ربما يكون منطقة عسكرية.
إذا ليست مفارقة, أو حادثة عبثية عابرة أن تصدر تحذيرات في دول عديدة عربية وأجنبية من المخاطر المحتملة لتلك اللعبة التي تدعمها حملة “إعلامية” غير مسبوقة, حيث تنبأت هذه الدول بأهداف اللعبة الخفية وقامت بتحذير رعاياها من النوايا الاستخباراتية الكامنة وراء انتشار هذه اللعبة.
لا يبدو الأمر مستبعداً، لذلك يخشى السوريون أن تتعقب طائرة “السوخوي” الروسية أو التابعة للنظام “البوكيمون” في منازل المدنيين السوريين الآمنين إن صحّت تلك المخاوف!!.. فكرة قد لا تكون بالغريبة!!
المركز الصحفي السوري-فادي أبو الجود.