“الفقير مابحقلوا يعيش برفاهية أو حتى يفكر ويحلم فيها ” عبارة خرجت من صميم قلب شاب يتألم عندما وجد نفسه أمام معرض سيارات باهظة الثمن لايمكن شرائها إلا من قبل الأغنياء، فهي عبارة عامية لكن معناها جوهري لأنه يحدد قيمة الفرد من خلال وضعه المادي، فالإنسان المسيطر اقتصاديا، هو فقط من يستطيع العيش في زحمة تجار يتعاملون بالدولار غير مبالين بالفقر الخانق الذي حل بالشعب السوري بعد تدمير البنى التحتية من قبل النظام خلال ثورة الحرية.
فقد برزت بلدة سرمدا كواجهة استثمارية تجذب التجار السوريين، رغم أنها بلدة صغيرة تابعة لناحية الدانا الواقعة في محافظة إدلب، تمتلك موقعاً استراتيجياً مهماً، فهي صلة وصل بين الحدود السورية التركية، ويبلغ عدد سكانها 25 ألف نسمة.
تحررت هذه البلدة من النظام السوري في آب عام2012 وتوجهت الأنظار إليها لتصبح نقطة تجارية حيوية بامتياز، ومركز لتجارة السيارات الأوربية الجديدة والمستعملة، بسبب قربها من معبر باب الهوى الحدودي المحرر.
فغدت المعارض تشهد ازدحاماً كبيراً وحركةً شرائيةً لم تشهدها من قبل، حيث أطلق عليها سكان المنطقة “السوق الحرة” .
أحمد تاجر للسيارات يشير أن إيجابيات هذه السيارات تبدأ من أسعارها التي تتراوح ما بين 4000-10000 دولار في أفضل حالاتها، فضلاً عن أنها تعمل على الديزل المتوفر أكثر من البنزين وبسعر أقل، وتتواجد بعدة ميزات كالمقود من جهة اليمين، والمضادة للرصاص، والصالونة السباعية المقاعد ،فمعرض القنديل بسرمدا يعتبر من أكبر المعارض بسوريا ، حيث أنها حققت حلم بعض العائلات المتوسطة الدخل.
بالمقابل ظهرت عدة سلبيات لها، تحدث عنها “أبو عبدو” المالك لإحداها يقول: صحيح هي مصدر رزقي لكني أعاني من نوعيتها الرديئة نتيجة سعرها القليل ونوعية الوقود السيئة المستعملة ، فهي غير قادرة على الصمود أمام الطرقات المحفرة ، ويمكن أن تكون بعد سنتين كومة قطع حديدية تصلح للخردة فقط.
ناهيك عن عدم إمكانية حمايتها بشكل قانوني، أبو حسين يمتلك سيارة أوربية يتكلم عن غياب تسجيلها أو امتلاك رقم يميزها، وأن عقد البيع الموقع من قبل صاحب المعرض بحضور شهود والمتضمن اسم المشتري ورقم هيكل السيارة يحدد المالك الشرعي لكنه لا يكفل استرجاعها عند السرقة المنتشرة، رغم هذا أغلب الناس غير مباليين بترخيصها أو صيانتها فالفوضى والحرب أبعدت تفكير الأفراد عن العواقب من اقتناء سيارة أوربية في حال عودة النظام إلى بعض المناطق .
لكن مع فقدان بعض المحركات والقطع الصناعية، وغلاء أسعارها بشكل خيالي، اضطر الناس لاستبدال هذه الوسيلة المستخدمة للعمل قبل الترفيه، بالدراجات النارية وسخروها لقضاء لوازمهم اليومية.
لكن هل فعلاً بعد أن كان الانسان هو أثمن رأس مال في الوجود، أصبح المال والتجارة هما السلطة الأولى المحددة للوجود، ووسيلة ضغط وحسرة وخسارة لبعثرة أحلام المواطن السوري المحاصر ماديا ومعنويا.
#المركز_الصحفي_السوري – رماح الحوراني