لم تأت عناصر الفصائل من كوكب آخر، بل هم خليط من الأقرباء والأصدقاء وأبناء البلدة أو الحي .
قد يؤدي الغياب أو البعد إلى النسيان أحياناً،
إلا أن الذاكرة سرعان ما تستعيد الصور والمواقف السابقة، وخاصة السيئة والمؤلمة من المخزن منها عند الحاجة.
حتى المهاجرين والغرباء، من السهل أن يجمعوا كما هائلا من المعلومات حول أصولهم عن طريق وسائل التواصل التي لم تعد تخفى على أحد .
فلا حاجة لطول الشرح، ممن يريد أن يصف لنا ويكلمنا من فوق عمن تربطنا بهم علاقات عميقة .
فقد عرفنا وخبرنا تصرفات العناصر في كل الفصائل، لا بل تابعنا تقلبهم بين أكثر من فصيل وسبب انشقاقهم و حوافز انتمائهم .
في كل الفصائل بلا استثناء يوجد البر والفاجر، الحسن والقبيح ، اللص والعفيف،
ولو اختلفت النسبة بين فصيل وآخر، ومن حين لآخر، إلا أن ( حارتنا ضيقة ومنعرف بعض )،
ولا حاجة لأن أعلن حربا على فصيل، من أجل بعض العناصر المفسدة فيه،
ولو جاز ذلك لجاز قتال كل الفصائل الإسلامية والجيش الحر بلا استثناء، لأن اللصوص والمرتزقة و(الشبيحة) تصول وتجول بين المدنيين، لا وبعضها يترقى برتب القيادة،
وعند الصدام معهم كنا دائما نجد في الفصائل ذاتها من الشرفاء والصادقين من يرد بغيهم وقمعهم حتى طردهم والتوعد لمن فر منهم .
حتى في تلك الكتائب التي اشتهرت بالسطو، وقطع الطريق، كنا نجد بينهم من تأثره الكلمة الطيبة، والدعوة بالحسنى، فينقلب على رفقاء الدرب، ويفعل بأصحابه ويعيد حقوق ما تعجز عنه المحاكم بكل أنواعها .
إذاً ..
التعميم من العمى في كل الأحوال،
وعندما تريد أن تحكم بأمر بين خصمين والتبس عليك الأمر ، ولم تستطع أن تكون محايداً
ما عليك إلا أن تضع نفسك في موضع الضحية، ثم اختبر قدراتك للتحمل، وراقب ردة الفعل،
ولهذا لن تنجح عمليات الشيطنة عند العاقل المتابع لبعض الفصائل، كما لن تنجح في المقابل عمليات التنزيه .
وما نشاهده اليوم
من حرب الأقلام المستعرة للكتاب والناشطين، وحرب الرايات التي فاضت فجأة بها وسائل التواصل، ما هي إلا تجارب شخصية وعلاقات خاصة سقط أصحابها في فخ التعميم.
المركز الصحفي السوري – حليم العربي