اتهم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الغرب بالتسبب في “الفوضى” بدعمه لما أسماها بـ”الثورات الملونة” و”الربيع العربي”، محذرا من ازدياد التوتر السياسي بالعالم بسبب تفاقم المشاكل التي تواجه الاقتصاد العالمي، ومؤكدا عدم استعداد روسيا دخول حرب باردة جديدة مع الغرب.
وقال بوتين خلال مداخلته في منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي، الجمعة، موضحا التدخل الروسي في الشأن السوري، إن موسكو لا تتطلع إلى توسيع سلطة الرئيس السوري بشار الأسد، بل تسعى إلى تعزيز الثقة بين مختلف مكونات الشعب السوري وذلك من خلال إجراء مفاوضات سياسية.
ولفت إلى أن سوريا تواجه مشكلة الإرهاب إضافة إلى مشاكل سياسية داخلية مهمة، وشدد على ضرورة وضع دستور جديد وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية تحت إشراف الأمم المتحدة من أجل تسوية الأزمة السورية، مؤكدا أن الأسد يرى أن هناك حاجة لعملية سياسية.
ودعا الرئيس السوري نظيره الأمريكي للتأثير على المعارضة السورية من أجل المضي في طريق التسوية وحل الصراع نهائيا.
وأكد بوتين أن الأهم بالنسبة لسوريا ليس أن يبسط الأسد سيطرته على أراض وإنما استعادة الثقة في السلطات.
وحذر بوتين من انهيار سوريا إذا استمرت الأمور على ما هي عليه، مشيرا إلى أن هذا سيكون السيناريو الأسوأ في حال استمرار الصراع.
روسيا غير مستعدة لدخول حرب باردة
وكشف الرئيس الروسي أن روسيا لا تريد حربا باردة جديدة مع الغرب ولا تريد أن تفكر أنها تنزلق في هذا الاتجاه، وقال: “أنا على ثقة من ألا أحد يريد ذلك”، واستطرد: “قطعا نحن لا نريد ذلك”.
ولم يفت بوتين الفرصة للتحدث عن حلف شمال الأطلسي الذي انتقده بشدة، وحذر من أنه ستكون عواقب في حال واصل الحلف نهج “سياسات أحادية الجانب” تجاه روسيا. وقال إنه إذا نسق الجانبان الملفات الدفاعية فلن تكون هناك حرب باردة جديدة.
وحذر بوتين من احتمال أن يعمل من يرى له مصلحة في إثارة الأزمات السياسية على اختلاق ما يشحن الأجواء السياسية.
الأزمة الأوكرانية
وفي سياق مختلف، قال الرئيس الروسي خلال مشاركته في فعاليات منتدى بطرسبورغ الاقتصادي، إن دولا غربية أيدت الانقلاب في أوكرانيا عوض دعمها لانتخابات شرعية، مؤكدا ضرورة تنفيذ الاتفاقات الموقعة بشأن تسوية الأزمة الأوكرانية، ولافتا إلى أنه يتفق مع نظيره الأوكراني، بيترو بوروشينكو، حول ضرورة تعزيز بعثة المراقبين الدوليين في منطقة النزاع بشرق أوكرانيا وتسليحهم إذا اقتضى الحال ذلك.
بوتين يشيد بترامب
وحول علاقة روسيا بأمريكا قال بوتين إن موسكو ستعمل مع الرئيس الأمريكي المقبل أيا كان، وأضاف: “أمريكا قوة عظمى بل ربما هي اليوم القوة العظمى الوحيدة. نحن نقبل ذلك… نريد العمل مع الولايات المتحدة ونحن مستعدون لذلك”.
وتابع قوله: “العالم يحتاج لبلد قوي مثل الولايات المتحدة ونحن نحتاجه.. لكن لا نحتاج منهم أن يتدخلوا دوما في شؤوننا وأن يملوا علينا كيف نعيش”.
كما أشاد الرئيس الروسي بالمرشح الجمهوري المحتمل لرئاسة الولايات المتحدة، دونالد ترامب، وقال إنه شخصية “متوهجة”، وأضاف: “قلت إنه شخصية متوهجة. إنه متوهج.. أليس كذلك؟ لم أذكر أي تقييم آخر له”.
وأوضح أنه استخلص من تصريحات ترامب أنه يفضل استعادة العلاقات الكاملة بين موسكو وواشنطن. وتساءل بوتين: “ما الخطأ في ذلك؟”.
روسيا تدعو الاتحاد الأوروبي لاستمرار الحوار
وعن علاقة روسيا بالاتحاد الأوروبي، دعا بوتين إلى ضرورة استئناف الحوار بين موسكو والاتحاد الأوروبي، مؤكدا استعداد روسيا لإبداء المرونة.
وقال بوتين، خلال المنتدى الدولي الاقتصادي، إن اللقاءات الأخيرة مع ممثلي أوساط الأعمال الألمانية والفرنسية، أظهرت رغبة رجال الأعمال الأوروبيين واستعدادهم للتعاون مع روسيا، مشددا على ضرورة إعادة الثقة إلى العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوربي، وكذا “استعادة المستوى السابق للتعاون”.
وأكد أن موسكو مستعدة “لنلتقي شركاءنا في منتصف الطريق”، واستدرك: “لكن لا يجوز أن يصبح ذلك لعبة مرمى واحد”، على حد تعبيره.
واقترح الرئيس الروسي استئناف الحوار على المستوى الفني بين الخبراء حول دائرة واسعة من المسائل، بما في ذلك التجارة والاستثمارات وإدارة الجمارك، في محاولة لإعمار قاعدة مواصلة التعاون بين الطرفين.
بوتين ومثيرو الشغب بكأس أوروبا
وفي تعقيبه على أحداث الشغب التي شهدتها أخيرا فرنسا خلال بطولة كأس أوروبا 2016، أدان بوتين أحداث العنف التي قام بها مثيرو الشغب خلال هذه التظاهرة الرياضية، وتساءل ساخرا: “كيف تمكن 200 مشجع روسي من الاعتداء على الآلاف من المشجعين الإنجليز؟”.
وقال بوتين إن “العنف بين المشجعين الروس والإنجليز، لهو أمر مخز”، مضيفا: “أنا لا أفهم كيف أن 200 من أنصارنا كانوا قادرين على ضرب عدة آلاف من المشجعين الإنجليز”.
وتابع: “بالنسبة لي، نعطي أهمية أقل لكرة القدم من الاشتباكات بين المشجعين في كأس أوروبا 2016، هذا مؤسف ويؤسفني ذلك”.
ودعا بوتين السلطات الفرنسية لتطبق القانون بالتساوي على جميع المشاركين في أعمال العنف، مضيفا: “في كل الأحوال، فإن الإجراءات التي تتخذها القوى الأمنية يجب أن تكون هي نفسها تجاه جميع الانتهاكات”.
واشتبك المئات من مثيري الشغب الروس والإنجليز في مدينة مرسيليا الساحلية على مدى يومين، ووصلت الأمور السبت الماضي إلى حرب شوارع قبيل مباراة المنتخبين على ملعب “فيلودروم”، ما أدى إلى وقوع عشرات الإصابات.
وأدى توقيف المشجعين الروس إلى أزمة دبلوماسية مصغرة بين روسيا وفرنسا، واعتبر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الأربعاء، أمام مجلس الدوما أن “هذا الحادث غير مقبول على الإطلاق”.
واستدعي سفير فرنسا في موسكو إلى الخارجية الروسية وتم تحذيره “من تفاقم التوتر” في العلاقات بين البلدين.
عربي 21