نشر موقع “بلومبيرغ” مقالا للصحافية زينب فتاح، تقول فيه إن الدول الأربع التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية والتجارية بقطر الشهر الماضي، ستجد أن من الصعب رفع سقف الضغط على أكبر مصدر للغاز في العالم دون أن تضر باقتصادها.
وتشير الكاتبة في مقالها، الذي ترجمته “عربي21″، إلى أن كلا من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وعدت بأن تتخذ إجراءات عقابية إضافية على قطر، بعد رفضها للثلاثة عشر مطلبا المقدمة من الدول لإنهاء المواجهة.
وتلفت فتاح إلى أن دول الحصار تتهم قطر بدعم الإرهاب، والتدخل في شؤونها الداخلية، والتقارب مع إيران، إلا أن قطر تنكر تلك التهم كلها، مشيرة إلى فشل جهود المصالحة، التي قادتها الكويت لمنع الخلاف من أن يستمر ويدخل في الشهر الثاني.
وتورد الكاتبة أن الخيارات المتاحة للتحالف الذي تقوده السعودية وآثارها على الطرفين، تأتي على النحو الآتي:
الطرد من مجلس التعاون الخليجي
وتقول فتاح إن “هذا غير محتمل؛ لأن الكويت وعُمان ستستخدمان حق الفيتو ضد طرد قطر من مجلس التعاون الخليجي، الذي ستكون له تداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية، وقد تمتع المواطنون القطريون بالدخول إلى دول مجلس التعاون الخمس الأخرى دون الحاجة لتأشيرة سفر –والعكس أيضا– وفي الوقت الذي تمتع فيه قطاع الأعمال بمعاملة خاصة، فإن هذه المعاملة ستذهب إن تم طرد قطر أو تجميد عضويتها”.
وتضيف الكاتبة أن “فكرة طرد أعضاء من المجلس ستتسبب بالضرر للمنظمة، وفي الوقت الذي عانى فيه أعضاء المنظمة الستة من الاتفاق على اتخاذ إجراءات معينة، مثل الاتفاق على عملة موحدة، لكنهم استطاعوا الاتفاق على فرض ضريبة القيمة المضافة لدعم واردات النفط، الذي تراجعت أسعاره، وضعف المجلس أو تفككه هو أمر سترحب به إيران، المنافس الرئيسي للسعودية؛ لبسط النفوذ في المنطقة، التي تشتبك معها السعودية في حرب بالوكالة تمتد من اليمن إلى سوريا”.
وينقل الموقع عن الاقتصادي في “كابيتال إيكونوميست” في لندن جيسون تيوفي، قوله إن تفكك مجلس التعاون الخليجي “سيؤدي في الغالب إلى نزاعات أكثر بين دول الخليج، وقد تتجاوزها إلى الساحة العامة”، وأضاف أن تفكيك المجلس يبقى أمرا مستبعدا حتى لو تم طرد قطر منه.
عقوبات أشد
وتنوه فتاح إلى أن “العقوبات أدت إلى ارتفاع التكاليف على قطر بسرعة، حيث أن الطائرات القطرية ممنوعة من الطيران في أجواء السعودية والإمارات، وكانت البضائع تنقل بأسعار رخيصة، من خلال البر من السعودية، لكن يجب أن تأتي الآن عن طريق البحر أو الجو”.
وترى الكاتبة أن “إيجاد إجراءات عقابية أخرى للضغط على اقتصاد قطر أمر صعب؛ لأن دخل البلد الكبير من الغاز يأتي من المبيعات خارج المنطقة، أبعد مما يستطيع المجلس أن يتحكم به، فأكبر ثلاثة شركاء تجاريين عام 2016، كانوا اليابان وجنوب كوريا والهند بالترتيب، بحسب البيانات التي جمعتها (بلومبيرغ)”.
وتستدرك فتاح بأنه “مع أن التجارة مع قطر ليست ضرورية للدول المقاطعة، إلا أن اقتصادها يتأثر بسبب المقاطعة، حيث تقدمت تركيا لإرسال سفن الأغذية التي كانت تأتي من السعودية، وقدمت إيران المساعدة، وتقوم قطر بإيجاد مصادر بديلة لمنتجات الألبان، في الوقت الذي تتم فيه إعادة توجيه مواد البناء اللازمة لتطوير البنية التحتية لملاعب الكرة لتكون جاهزة لكأس العالم عام 2022، التي ستكلف 200 مليار دولار، إلى موانئ عُمان والكويت، اللتين لم تشاركا في المقاطعة”.
الضغط على الشركاء
وتفيد الكاتبة بأن “إحدى السبل التي يمكن للكتلة التي تقودها السعودية أن تسلكها، هي أن تفرض على الشركات العالمية أن تتخلى عن الصفقات التجارية مع قطر، للإبقاء على عقودها مع الدول المقاطعة، وقد تملك السعودية بالذات القدرة في هذا المجال، من مشتريات الأسلحة، إلى طرح أسهم (أرامكو) مستقبلا، فثروة السعودية عليها طلب شديد”.
وتجد فتاح أنه “مع هذا، فإن الوقت ليس مناسبا لتقوم تلك الدول بالتصرف بعدوانية مع شركائها التجاريين، فانخفاض سعر النفط ترك المنتجين الخليجيين يبحثون عن الاستثمارات الأجنبية، في الوقت الذي لا تزال فيه مصر تتعافى من الأزمة المالية التي حصلت بسبب النقص في العملة الصعبة”.
وينقل الموقع عن المحاضر في كلية الدراسات الدفاعية في جامعة كنغز كوليج في لندن أندرياس كريغ، قوله إن الدول الأوروبية بالذات لن تقبل أن تضطر إلى الاختيار.
وتذهب الكاتبة إلى أن “هذا التكتيك غير ممكن إذا ما أخذنا بعين الاعتبار عدد الحالات التي توجد فيها الشركات الكبيرة في قطر ودول المقاطعة، فمثلا شركة (لارسن أند توبرو) الهندية تقوم ببناء استاد كرة القدم لكأس العالم في قطر، ولديها مشاريع بنية تحتية كبيرة في أنحاء الخليج كلها، بما فيها الإمارات والسعودية”.
سحب الأموال
وتقول فتاح: “يمكن لدول المقاطعة أن تطلب من بنوكها سحب أموالها كلها من المؤسسات المالية القطرية، ومع أن ذلك قد يضغط على السيولة المالية في قطر، فإنه سيحرم أيضا البنوك الخليجية من كسب فوائد أعلى بالريال، وهو السبب الأساسي لادخار الأموال هناك أصلا”.
وتختم الكاتبة مقالها بالإشارة إلى أن معدل الفائدة المحسوب على ثلاثة أشهر ارتفع لجميع البنوك إلى 2.47% في 12 تموز/ يوليو، وهي أعلى نسبة منذ 2010، مقارنة مع المعدل في الإمارات، الذي وصل إلى 1.55%، والسعودية 1.8%، بحسب البيانات التي جمعتها “بلومبيرغ”.
عربي 21