بدأ القضاء العراقي إجراءات ضد المسؤولين عن استفتاء انفصال إقليم كردستان بتهمة “المساس بوحدة البلاد وتعريضها للخطر”، في حين قالت وزارة الدفاع العراقية إن العراق يعتزم السيطرة على المنافذ الحدودية مع الإقليم “بالتنسيق” مع إيران وتركيا، وسط رفض أميركي لنتائج الاستفتاء، ووساطة فرنسية لحل الأزمة.
وأعلن مجلس القضاء الأعلى العراقي أنه أحال طلبا تم تقديمه للمجلس موخرا إلى محكمة التحقيق المركزية، يدعو إلى اتخاذ الإجراءات القانونية بحق مسوولين أكراد كانوا مسؤولين عن إجراء الاستفتاء بإقليم كردستان.
وقال القاضي عبد الستار البيرقدار المتحدث الرسمي لمجلس القضاء الأعلى في بيان إن “جهاز الادعاء العام أحال طلب اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المسؤولين عن إجراء الاستفتاء في إقليم كردستان إلى محكمة التحقيق المركزية للمباشرة بإجراءات التحقيق الأصولي وفق القانون”.
وأضاف بيرقدار أن “الإجراء جاء بناء على قرار المجلس الوزاري للأمن الوطني المصادق عليه من مجلس النواب، ولمخالفة الاستفتاء قرار المحكمة الاتحادية العليا”.
وأشار بيرقدار إلى أن “الادعاء العام طلب من المجلس الوزاري للأمن الوطني والجهات المختصة بيان قائمة أسماء الأشخاص المخالفين للدستور وقرار المحكمة الاتحادية لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم وفق القانون”.
وقالت مصادر مطلعة إن التهمة الرئيسية التي تضمنتها لائحة التهم المقدمة للمجلس هي المساس بوحدة البلاد وتعريضها للخطر.
السيطرة على المنافذ
في غضون ذلك، قالت وزارة الدفاع العراقية إن “تنفيذ قرارات الحكومة المركزية في ممارسة السلطات الاتحادية صلاحياتها الدستورية لإدارة جميع المنافذ الحدودية والمطارات تجري حسب ما هو مخطط لها بالتنسيق مع الجهات المعنية ودول الجوار ولا يوجد أي تأجيل في الإجراءات”.
وقال مدير المخابرات عند نقطة العبور من المنطقة الكردية إلى تركيا عبد الوهاب البارزاني إن القوات العراقية تتمركز في موقعها على الجانب التركي من الحدود.
وأضاف لوكالة أسوشيتيد برس “حتى الآن لم يتصلوا بنا” -في إشارة إلى سلطات إقليم كردستان-، موضحا أنه سمع أنهم يخططون لإقامة نقطة جمركية على بعد نحو 15 مترا من الجانب التركي، متوقعا أن يستمر المرور بشكل عادي.
وتأتي هذه التطورات ردا على استفتاء الانفصال الذي أجرته حكومة كردستان العراق الاثنين الماضي، والذي جاءت نتائجه لصالح الانفصال عن بغداد.
رد الإقليم
واليوم السبت تجتمع حكومة إقليم كردستان العراق للرد على قرار حظر الرحلات الدولية من الإقليم وإليه بعد سريان القرار الذي اتخذته الحكومة العراقية “لأجل غير مسمى” مساء أمس.
وقال وزير النقل والمواصلات في حكومة إقليم كردستان العراق مولود باو مراد إن حكومة الإقليم سوف تتخذ الإجراءات المناسبة للرد على حظر الطيران.
وبات إقليم كردستان معزولا عن المطارات الدولية بعد أن علقت شركات الطيران الأجنبية رحلاتها إلى مطاري أربيلوالسليمانية استجابة لإخطار من حكومة بغداد التي تسيطر على المجال الجوي للبلاد.
وكان مطار أربيل أكثر ازدحاما من المعتاد مع مسارعة الركاب للحاق بآخر الرحلات المغادرة للإقليم قبل الحظر الذي بدأ الساعة السادسة مساء أمس بالتوقيت المحلي (15:00 بتوقيت غرينتش).
رفض أميركي
وفي تطورات متصلة، قال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إن بلاده لا تعترف بالاستفتاء على انفصال كردستان العراق، وحث جميع الأطراف المعنية على الحوار وضبط النفس.
ووصف تيلرسون الجمعة هذا الاستفتاء بالأحادي، وقال إن التصويت والنتيجة يفتقران إلى الشرعية، مضيفا أن بلاده تواصل دعم عراق موحد واتحادي وديمقراطي ومزدهر. وقال إن على جميع الأطراف بما فيها جيران العراق رفض أي خطوة أحادية وأي استخدام للعنف.
من جهته، قال ستيفن دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن المنظمة الدولية تشعر بالقلق إزاء التوترات المتزايدة في العراق بعد إجراء الاستفتاء في إقليم كردستان.
وساطة فرنسية
في غضون ذلك، قال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي إن المكالمة الهاتفية التي جرت بين حيدر العبادي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس “لم تتطرق إلى ضرورة الاعتراف بحقوق الشعب الكردي مطلقا، أو عدم التصعيد من قبل بغداد، وكما تم الترويج له”.
وأضاف المكتب في بيان أنه على العكس تماما مما أشيع، فقد جرت إدانة إصرار القيادة الكردية على إجراء الاستفتاء وتعريض المنطقة إلى عدم الاستقرار.
وكان الرئيس الفرنسي دعا رئيس الوزراء العراقي إلى زيارة باريس في 5 أكتوبر/تشرين الأول، مقترحا “مساعدة العراق” بهدف تهدئة التوترات مع إقليم كردستان العراق الذي تقيم معه فرنسا “علاقات ودية”، وفق ما أعلن قصر الإليزيه.
وقالت الرئاسة الفرنسية إن ماكرون “ذكّر بأهمية الحفاظ على وحدة العراق وسلامته والاعتراف بحقوق الشعب الكردي بالوقت نفسه”، مضيفة “يجب تجنب أي تصعيد”.
الجزيرة _ وكالات