إخلاء عاجل للمنازل وقلق روسي متزايد بعد تفجير الطائرة فوق سيناء
علم موقع “العربية.نت” أن سلطات النظام السوري، أصدرت أوامر عاجلة بالإخلاء لعشرات المنازل التي يقطنها مواطنون سوريون بجوار مطار “حميميم” في مدينة “جبلة”، والذي تقلع منه وتهبط في مدرجه الطائرات العسكرية الروسية.
وعُرف في هذا السياق، أن السلطات لم تُمهِل المواطنين أو تتريث كي تجد لهم سكناً بديلاً أو تعويضا ماليا مقبولاً يسهّل على “المُهجّرين” شراء مساكن جديدة كالتي أُخرجوا منها بداعي قرار “الاستملاك” الذي أصدرته محافظة اللاذقية بتاريخ 12 نوفمبر الجاري، والقاضي “باستملاك” حوالي 40 عقاراً هي بمجملها منازل بأراضيها الزراعية، يقطنها مواطنون ويزاولون فيها أعمالهم الزراعية بصفة أساسية.
مسببات القرار لا تبرر تنفيذه المفاجئ
ويشار إلى أن الأربعين عقاراً المشار إليها، تضم عشرات المنازل الخاصة بأراضيها الزراعية الخصبة والتي تشتهر بها أراضي مطار “حميميم” وماجاورها من حقول تعتبر الأكثر خصوبة في السهل الساحلي السوري كله.
وعبّر مواطنون عن استيائهم الشديد لقرارات الاستملاك التي أعادت الى أذهانهم فترة “الإصلاح الزراعي” في ستينيات القرن الماضي، حيث كان النظام البعثي يستولي على أراضي الملاّك ثم يقوم بتوزيعها على “أفراد الطبقة العاملة” وتأمين شعبية واسعة بسبب طرد الملاك الأصليين وتوزيع أملاكهم على فلاحيهم ومزارعيهم، ما أدى إلى انقسام حاد في المجتمع، مابين “طبقة عاملة” وأصحاب أراضٍ تم التعامل معهم “كبقايا رجعية للاستعمار الفرنسي” كما كان يرد في أدبيات حزب البعث الذي حكم سوريا من ستينيات القرن الماضي، ولايزال له وجود بسبب حمل رئيس النظام السوري لصفة “الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي”.
القرار الذي قضى باستملاك الدولة لتلك العقارات التي اشار القرار الصادر الى أرقامها، عقارا عقارا، استند في مسبّباته الروتينية الى قرارات صادرة في وقت سابق من عام 2011 وتحديدا في الشهر الثامن منه، أي بعد ولادة الثورة السورية بأشهر. وكذلك استند الى قرار صادر عن وزارة الادارة المحلية بتاريخ 2012.
والنظام يتراجع بعد وعد التعويضات المجزي
وتقول الأخبار الواردة من المنطقة، ونشر بعضها في مواقع موالية للأسد، إن القرار الذي صدر عن “مجلس مدينة جبلة” واقترح التعويض بـ”حسب كلفة السوق” وبحسب “الحد الأعلى” وهو مايتناسب أصلا مع المطلوب منهم إخلاء عقاراتهم، قد اعترضت عليه محافظة اللاذقية، ودعت الى اجتماع لإلغاء هذا البند، كما ذكرت مواقع موالية، خصوصا أن إخلاء المنازل والعقارات يتم بالكامل ليس في فقط في أملاك تتبع لملاّك موالين لنظام الأسد، بل في بيئة حاضنة لنظام الأسد 100 % كما يعلم الجميع.
قرار الاستملاك والذي وصفه موالون بـ”التهجيري” للسكّان تضمّن منطقة “الشراشير” المحيطة بمطار “حميميم” الذي تتخذه الطائرات الروسية هبوطاً وإقلاعاً ومأوى لطياريها وجنودها وخدماتها العسكرية.
القرار المفاجئ بالاستملاك!
أول رد فعل لدى الموالين، كان بوصف القرار بـ”الاستملاك المفاجئ” حيث عرف أن النظام لم يمهّد للموضوع ولم يعط فترة انتظار كي يتمكن المطلوب منهم اخلاء منازلهم وأراضيهم الزراعية، من تأمين بديل مقبول، خصوصا أنهم يعيشون في بيوت محاطة بأراض زراعية تتبع لهم وهم غير معتادين على العيش بأماكن مكتظة بالسكان نظرا الى طبيعة سكنهم السابقة والتي توصف بـ”الخاصة” كونها منازل دخل أراضٍ مفتوحة خالية من السكان.
“الاستملاك المفاجئ” والتعبير لصفحات موالية على شبكات التواصل الاجتماعي، تم كإجراء احترازي عاجل طلبته السلطات الأمنية الروسية من رئيس النظام السوري، بعد تفجير الطائرة الروسية فوق سيناء بمصر. وهذا هو سبب “التعجل” بتطبيقه دون منح وقت انتظار للملاّك الأصليين بتأمين بدائل.
مطار “حميميم” حوّل المنطقة الى جبهة عسكرية
فقد وردت معلومات كثيرة عن زيادة الحماية على مطار “حميميم” العسكري في منطقة “الشراشير” المجاورة له، من خلال الطلب من جميع السكان عدم الاقتراب من سياجه، أو عدم إدخال آلات زراعية الى المنطقة وتحت أي سبب.
كما تم الطلب من جميع القاطنين في المناطق المجاورة للمطار بعدم محاولة التحدث مع الجنود الروس أو محاولة الاختلاط بهم أو تقديم الطعام لهم أو أي نشاط من أي وجه مع القوة التي تعمل على حراسة المطار من جميع نقاطه.
خصوصا أن القوات التي تقوم بحراسة مباشرة للطائرات العسكرية الروسية، هي قوات روسية خالصة، تليها قوات مشتركة من المخابرات العسكرية السورية وضباط من الفرقة الرابعة وبعض عناصر الشرطة العسكرية. وعلم في هذا السياق أن تأمين السياج الذي يحيط بمطار “حميميم” يتم من خلال مراقبة عبر الكاميرات وأشعة الليزر، وعرف أن المنطقة المحيطة بالمطار، ولمسافات بعيدة، مرصودة عبر الأقمار الصناعية الروسية على مدار الساعة.
توسعة المطار ليست سببا للإخلاءات المفاجئة
يشار إلى أن توسعة مطار “حميميم” كي يستوعب عدد طائرات روسية عسكرية، أكثر عددا وأكبر حجماً، لم يكن يتطلب “إجراء عاجلا بالاخلاء”. وكان النظام السوري قد أعلن بأكثر من وسيلة إعلامية تابعة له، أن هناك “نوايا” بالتوسعة المشار اليها. إلا أن الطارئ المتمثل بتفجير الطائرة الروسية فوق سيناء المصرية، أدى لإصرار روسي على الإخلاءات الفورية الى درجة أن بعض المواقع على شبكات التواصل، نشرت أخبارا لم يتم التأكد منها بأن الروس يشترون الأراضي المحيطة بمطار “حميميم” بمنازلها وكل ماعليها وبأسعار مغرية.
الأهالي يقولون لنظامهم: هذا تهجير!
الى ذلك فقد أطلق أهالي “الشراشير” هاشتاقاً يقول “لا للاستملاك الجائر بحق الشراشير” مطالبين فيه النظام بالعدول عن “تسعيرة” التعويضات التي “لاتشتري مترا في مكان آخر”. وقام الأهالي بتوقيع عريضة يصفون فيه قرار النظام بإخلائهم بأنه “تهجير” حتمي لهم.
المصدر: العربية نت