أعلن السفير الروسي الجديد في أنقرة أليكسي يرهوف، أن روسيا وتركيا يربطهما تنسيق وثيق جدا فيما يتعلق بالوضع في سوريا، وأن التعاون الإيجابي بين الجانبين خلال “محادثات أستانة” بخصوص سوريا مؤشر واضح على ذلك.
جاء ذلك خلال لقاء جمع يرهوف بعدد من ممثلي وسائل الإعلام التركية والدولية في مقر السفارة الروسية بأنقرة، عقب أيام قليلة من تسلم الرئيس رجب طيب أردوغان أوراق اعتماده.
وفي 19 ديسمبر / كانون الأول الماضي، اغتيل السفير الروسي لدى أنقرة أندريه كارلوف في هجوم مسلح أثناء إلقائه كلمة في معرض فني بالعاصمة التركية، ولاقت عملية الاغتيال إدانات واسعة من كل من أنقرة وموسكو وعواصم عربية وغربية كثيرة.
طفرة إيجابية سياسية بين أنقرة وموسكو
أوضح يرهوف في بداية حديثه أن الحوار السياسي بين تركيا وروسيا شهد تطورا سريعا في الآونة الأخيرة، وأن كلا البلدين يمتلكان حاليا رؤى مشتركة في كثير من القضايا الإقليمية.
وأضاف: “نتيجة طبيعية لهذا التقدم، اكتسب التعاون بين الجانبين زخما كبيرا، وانعكس ذلك بشكل ملحوظ على الاتصالات الهاتفية بين زعيمي البلدين، حيث تسارعت وتيرتها مؤخرا”.
وأعرب يرهوف الذي شغل منصب مدير مركز الأزمات في وزارة الخارجية الروسية قبل تعيينه سفيرا لدى أنقرة، عن بالغ سعادته وفخره بعودته للعمل في تركيا مجددا، بعد عمله 6 أعوام قنصلا عاما لبلاده في إسطنبول في الفترة بين 2009 و2015.
وإلى جانب خبرته الكبيرة بالشأن التركي، يمتلك السفير الروسي الجديد خبرة واسعة بشأن تفاصيل الخريطة السياسية لمنطقة الشرق الأوسط، إذ عمل خلال السنوات الماضية سفيرا لروسيا في كل من المغرب، ومصر، وسوريا، وإسرائيل.
وعن سنوات عمله في تركيا قال يرهوف: “قضيت في إسطنبول مرحلة صعبة وجميلة في الوقت نفسه، امتدت 6 أعوام، لكنني اعتبرها من أسعد سنين عمري”.
وتابع: “عينت سفيرا لبلدي في أنقرة عقب حادث أليم أثر بشكل كبير على وزارة خارجيتنا، وعلى روسيا بصورة عامة”.
ومضى قائلا: “نقدر التعازي التركية التي وصلتنا من كثير من الأشخاص والمؤسسات العامة والخاصة، كما نثمن القرارات التي اتخذتها الدولة التركية تخليدا لذكرى كارلوف”.
وأطلقت الحكومة التركية اسم أندريه كارلوف على الشارع الذي تطل عليه السفارة الروسية في مدينة أنقرة.
تحديات اقتصادية تتخللها إنجازات
وعلى صعيد العلاقات الاقتصادية، أشار السفير الروسي إلى أن التعاون الحالي بين البلدين يبعث على الأمل على كافة الأصعدة والمستويات.
وزاد: “على الرغم من انخفاض قيمة الحجم التجاري بين البلدين في السنوات القليلة الماضية، إلا أن العلاقات الاقتصادية بين موسكو وأنقرة تشهد تطورا كبيرا، وتربطنا مشروعات ضخمة مثل خط أنابيب الغاز الطبيعي، السيل التركي (لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا)، ومحطة آق قويو النووية (جنوبي تركيا)”.
ولفت السفير الروسي إلى وجود الكثير من الفرص الاقتصادية الكبيرة القابلة للنقاش بين البلدين.
وأردف: “ثمة مجالات جديدة من الممكن التعاون فيها، ولدي معلومات أن الجانبين في الوقت الحالي يبحثان التعاون في موضوعات لم يتطرقا إليها من قبل، وذلك أمر يبعث على الأمل”.
سياسيا، اعتبر السفير الروسي أن استمرار العلاقات بين روسيا وتركيا في صورة طيبة يعد سببا لتحقيق جهود أكثر فاعلية على الأرض.
وأشار إلى أن “الوضع في سوريا لا سيما في الشمال، على درجة كبيرة من الحساسية، وهذه الحساسية تفرض على الجانبين الاستمرار في التقارب والتعاون”.
جنيف وأستانة وجها لوجه
ولدى سؤاله عن محادثات جنيف بخصوص سوريا، قال: “أرى أنها مرحلة تمت إدارتها بصعوبة، نتيجة للطلبات المتشددة والصارمة التي قدمها كل طرف للآخر خلال المحادثات”.
وأعقب: “لكن جنيف خرجت أيضا بمكاسب مهمة، على الأقل بدأ الآن الجانبان الحديث مع بعضهما، لذا يجب استمرار هذه المرحلة”.
وبشأن محادثات أستانة بخصوص الوضع العسكري في سوريا أيضا، قال يرهوف: “الهدف الرئيسي لأستانة كان التوافق على تخفيض التصعيد العسكري في بعض المناطق في سوريا، ونحن الآن صرنا قادرين على توصيل كثير من المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية إلى تلك المناطق”.
وشدد السفير الروسي على عدم تعارض محادثات جنيف وأستانة، ولفت إلى قدرة كليهما على تحقيق إسهامات إيجابية بخصوص حل الأزمة.
وفي 23 و24 يناير / كانون الثاني الماضي، عقد اجتماع في أستانة بقيادة تركيا وروسيا، ومشاركة إيران والولايات المتحدة ونظام بشار الأسد والمعارضة السورية، بحث التدابير اللازمة لترسيخ وقف إطلاق النار في سوريا.
وخلال الاجتماع اتفقت تركيا وروسيا وإيران، على إنشاء آلية مشتركة للمراقبة من أجل ضمان تطبيق وترسيخ وقف إطلاق النار في سوريا.
واعتبارا من 30 ديسمبر / كانون الأول الماضي، دخل اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا حيز التنفيذ بعد موافقة النظام السوري والمعارضة عليه، بفضل تفاهمات تركية روسية، وبضمان أنقرة وموسكو.
سياسة السير بخطى قصيرة
وعلق يرهوف على تساؤلات البعض حول عدم تحقيق تغيير جذري في القضية السورية قائلا: “طبيعة الأزمة معقدة، هناك منهج يسمى (السير بخطى قصيرة)، ونحن نرى أن من الأصوب التقدم وفقا لذلك المنهج”.
غير أن السفير الروسي الجديد امتنع في ختام لقائه عن الحديث عن صفقة شراء أنقرة أنظمة صواريخ الدفاع الجوي الروسية “إس 400″، وقال: “أتيت إلى هنا وأنا على دراية أنني لن أتحدث عن هذا الأمر”.
واختتم بالإشارة إلى أن “الموضوع حساس جدا، وتتحدث عنه الصحافة الروسية والتركية بشكل تفصيلي، والأمر نفسه أثار ضجة كبيرة في واشنطن وبروكسل (عاصمة الاتحاد الأوروبي)، لذا فأي كلمة ستخرج مني هنا قد تفهم بشكل صحيح، وقد تُحرّف، ويُساء استغلالها”.
وفي 27 يوليو / تموز الماضي، أعلن المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، أن صفقة منظومة الدفاع الجوي “إس 400” التي تعتزم بلاده شراءها من روسيا، “شارفت على الانتهاء بشكل كبير”.
و”إس 400″ الروسية نظام دفاع جوي من الجيل الجديد، مصمم لتدمير المقاتلات والطائرات التكتيكية والاستراتيجية، وصواريخ كروز ونظيرتها الباليستية.
الاناضول