غزة- نور أبو عيشة: تعمق أزمة جائحة كورونا العالمية، جراح الإنهيار الإقتصادي الذي يعانيه قطاع غزة، جراء الحصار الإسرائيلي المفروض عليه للعام الثالث عشر على التوالي.
عدة قطاعات اقتصادية كانت تنشط بشكل نسبي في غزة، اليوم ومع فرض الجهات الحكومية المختصة حالة الإغلاق الجزئي، بداية مارس/ آذار الماضي، ضمن إجراءاتها لمنع تفشي الفيروس، توقف عملها وتكبّدت خسائر، تقول مصادر اقتصادية إنها كبيرة جدا.
والأربعاء، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية ارتفاع إجمالي إصابات كورونا إلى 263، بينهم 13 في غزة.
ومن أبرز القطاعات التي أغلقت مرافقها الاقتصادية أو توقفت أعمالها بشكل كامل أو جزئي، السياحة والفنادق وصالات الأفراح، والنقل والمواصلات، والتجارة والصناعة.
حالة الإغلاق أدت بدورها إلى ارتفاع مؤشري البطالة والفقر، اللذين وصلا ما قبل أزمة كورونا ومع بداية 2020، إلى 52 بالمئة، و50 بالمئة، على التوالي.
ويعاني قطاع غزة، حيث يعيش أكثر من مليوني فلسطيني، أوضاعا اقتصادية ومعيشية متردية للغاية، جراء حصار إسرائيلي متواصل منذ أن فازت حركة “حماس” بالانتخابات البرلمانية، صيف 2006.
وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (مقره جنيف)، نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، إن نصف سكان القطاع فقراء، فيما يتلقى 4 أشخاص من بين كل 5 مساعدات مالية.
** القطاع السياحي
تأثر قطاع السياحة الداخلية في غزة بشكل كامل بحالة الإغلاق المفروضة لمنع تفشي كورونا، بحسب صلاح أبو حصيرة، رئيس هيئة المطاعم والفنادق في القطاع.
وقال أبو حصيرة، في تصريح للأناضول، إن حالة الإغلاق تسببت بشلل القطاع السياحي الداخلي بنسبة 100 بالمئة.
وبسبب الإغلاق، اضطر قطاع الضيافة (فنادق، مطاعم، منتجعات) إلى تسريح عماله، البالغ عددهم نحو 5 آلاف، يعيلون حوالي 25 ألف نسمة، وفق أبو حصيرة.
هؤلاء الـ5 آلاف عامل، انضموا اليوم إلى صفوف البطالة بغزة، ولم يعد لهم مصدر رزق يعتاشون منه، ما يعني أن هناك ارتفاعا في حالات الفقر أيضا.
إلى جانب ذلك، يبين أبو حصيرة أن 25 قطاعا اقتصاديا تأثرت من إغلاق قطاع السياحة.
ويستطرد: “على سبيل المثال، المطاعم بالعادة تُنشّط حركة أسواق الخضار واللحوم والأسماك، كما أن صالات الأفراح تنشّط قطاعات الخياطة والأزياء والأسواق وصالونات التجميل، كافة القطاعات مرتبطة ببعضها، وإغلاق القطاع السياحي يُلقي بظلاله السلبية على عشرات القطاعات”.
وكبد هذا الإغلاق، وفق أبو حصيرة، أصحاب المنشآت السياحية والفنادق والمستثمرين، خسائر كبيرة جدا، لافتا إلى أن هيئته تعمل حاليا على حصر تلك الخسائر.
ويؤكد أبو حصيرة، أن موسم الصيف للعام الجاري، بات شبه معدوم، بالنسبة إلى القطاع السياحي بغزة.
ويشير إلى أنه في حال تم رفع حالة الإغلاق، فإن القطاع السياحي يحتاج إلى أكثر من 3 أشهر كي يستعيد عافيته.
** القطاعات الأخرى
تقدر غرفة تجارة وصناعة غزة، أعداد الأشخاص الذين خسروا أعمالهم جرّاء أزمة كورونا، بحوالي 15ـ 20 ألف عامل.
ويقول مدير العلاقات العامة والإعلام بغرفة التجارة والصناعة ماهر الطباع، للأناضول: “عند ارتفاع أعداد البطالة فإن رقعة الفقر تتسع بشكل تلقائي”.
وبيّن أن هؤلاء العمال يعيلون آلافا من أفراد أسرهم، ما يعني أن الضرر الاقتصادي سيطول آلاف العائلات.. “جائحة كورونا، تعمق الأزمة الاقتصادية الفلسطينية بشكل عام، واقتصاد غزة الضعيف بشكل خاص”.
ومنذ بداية الإجراءات الوقائية لمنع تفشي كورونا، أصاب الشلل قطاع النقل والمواصلات في غزة بنسبة 80 بالمئة، وفق تقديرات الطباع.
ويضيف: “توقف الجامعات والمدارس، وعدم توجه الموظفين إلى مقرات أعمالهم والعمل عن بعد، وتوقف المؤسسات، وانخفاض حركة المواطنين، أسباب أدت إلى شلل قطاع النقل والمواصلات”.
في السياق ذاته، فقد انخفضت إنتاجية القطاعات التجارية والصناعية الأخرى بنسب متفاوتة، وفق الطبّاع.. “على سبيل المثال، في هذه الأزمة، لا أحد يفكر في شراء الملابس أو القرطاسية، أو بعض أنواع الأجهزة الكهربائية، هذه التجارة تشهد نوعا من الركود”.
من جانب آخر، يوضح الطبّاع، أن قطاع غزة شهد ارتفاعا في نسبة الواردات، خلال مارس الماضي، بنحو 30 بالمئة.. “ذلك الارتفاع جزء منه طبيعي كزيادة موسمية، حيث ترتفع بالعادة الواردات في موسم الصيف، ومع اقتراب شهر رمضان”.
إلى جانب ذلك، فإن حالة القلق التي انتابت الناس، في الشهر نفسه، جراء ظهور الفيروس بغزة، أدت إلى زيادة شراء المواد الغذائية الأساسية والمنظّفات والمستلزمات الطبية.
ويتابع الطباع: “خلال فبراير/ شباط الماضي، دخل غزة نحو 5 آلاف شاحنة محمّلة بالبضائع المختلفة، فيما دخل خلالها في مارس ما يزيد على 8 آلاف شاحنة”.
نقلا عن القدس العربي