أشار تقرير جديد نشره باحثون من جامعة بوتسدام في ألمانيا إلى أن الآلاف من البحيرات الطبيعية في جبال الهيمالايا عرضة للفيضان إثر ذوبان الكتلة الجليدية بسبب الاحتباس الحراري، مما قد يؤدي إلى فيضانات الأنهار التي تنساب من تلك البحيرات.
ففي بحثهم الذي نشر حديثا في دورية “بي أن إي أس” في 30 ديسمبر/كانون الأول الماضي، قام الباحثون باختبار نماذج المحاكاة التي أجروها على تلك البحيرات.
تبعات تغير المناخ
يحمل تغير المناخ تبعات خطيرة حول العالم، لذا يعمل العلماء بدأب في محاولة منهم لفهم ما قد ينتج عن هذا التغير، فهناك إجماع علمي على أن النشاط البشري هو السبب وراء زيادة نسبة الغازات الدفيئة في الهواء الجوي.
إذ أدى النشاط البشري إلى زيادة نسبة غازات ثاني أكسيد الكربون والميثان بالإضافة إلى الأوزون في طبقة التروبوسفير، ومن ثم فهو المسبب الأكبر للاحتباس الحراري المتزايد منذ بداية الثورة الصناعية.
تجذب منطقة جبال الهيمالايا العلماء لدراسة مثل تلك التغيرات، إذ إنها شهدت بالفعل بعض التغيرات المناخية المثيرة، مثل ذوبان الأنهار الجليدية وتكون البحيرات الطبيعية التي وصل عددها إلى 85 بين عامي 2003 و2010.
الجدير بالذكر أن هذه البحيرات تتكون بطريقة طبيعية حين تشق المياه طريقها إلى أسفل الجبال متجمعة في الشقوق، وقد يشكل هذا خطرا على أشكال الحياة التي تقف في طريقها أثناء جريانها، فالركام الثلجي الذائب قد يكون سدا طبيعيا في طريقها.
غير أن هذه السدود مكونة من الصخور المفككة والوحل المتماسكين معا بواسطة الثلوج. وعندما يذوب الجليد يفسح الركام الثلجي طريقا محدثا فيضانات يسميها العلماء اختصارا باسم “غلوف” (GLOF) أو فيضانات البحيرات الجليدية المتفجرة، إذ شهدت العقود الأخيرة أمثلة كثيرة منها.
كما يؤدي ذوبان الكتلة الجليدية إلى تزايد المخاطر الطبيعية كالأمواج الفيضانية الناجمة عن فيضانات غلوف أيضا، فذوبان الكتل الجليدية وانحسار المياه خلف السدود الهشة التي قد تتحطم أو تفيض في أي وقت، قد يتسبب في حدوث فيضانات مدمرة.
وهو ما حدث بالفعل، إذ دمرت موجة من الفيضانات مثل هذه ثلث بلدة هواراس في عام 1941. وفي كورديليرا بلانكا أودت الكوارث الطبيعية المرتبطة بذوبان الكتل الجليدية بحياة أكثر من 25 ألف شخص بين عامي 1941 و2003.
الاحتباس الحراري والكتل الجليدية
وفي هذا البحث الجديد سعى الباحثون لمعرفة ما قد يحدث في العقود المقبلة مع استمرار ذوبان الكتل الجليدية، فقام العلماء باختبار 5.4 مليارات نموذج محاكاة مزود ببيانات طبوغرافية وأخرى من الأقمار الصناعية وذلك في محاولة منهم لمعرفة ما يتوقع حدوثه عندما تذيب درجات الحرارة المرتفعة الكتل الجليدية في الهيمالايا.
ووجد العلماء أن خمسة آلاف بحيرة في جبال الهيمالايا تعاني نظاما غير مستقر وذلك لضعف ركامها الصخري، كما وجدوا أيضا أن البحيرات ذات منسوب المياه المرتفع هي المعرضة بشكل أكبر لإحداث فيضانات غلوف.
كما كشفوا عن تزايد خطورة فيضانات غلوف في الأجزاء الشرقية من الهيمالايا وذلك بمعدل ثلاث مرات أكبر من غيرها، وأكد العلماء نتائج الأبحاث السابقة التي أشارت إلى أن ثلثي الكتل الجليدية في الهيمالايا ستختفي في العقد المقبل، مما يعني تراكما للمياه في البحيرات، وهو يعد تهديدا خطيرا للحياة الموجودة هناك.
المصدر : الجزيرة