بدأت القوات النظامية السورية وحلفاؤها أمس، المرحلة الثانية «الشرسة» من معركة السيطرة على شرق حلب. واحتدمت المعارك مع فصائل معارضة في الأحياء الجنوبية الشرقية للمدينة، في وقت ظهرت بوادر انقسام في «حركة أحرار الشام الإسلامية»، أكبر الفصائل العسكرية المعارضة التي تنتشر في حلب، وسط تحذير دولي من «وضع مخيف» في الأحياء المحاصرة ونزوح ما لا يقل عن 20 ألف مدني إلى أحياء حلب الغربية الخاضعة لسيطرة القوات النظامية أو الأكراد.
وتحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن مقتل ما لا يقل عن عشرة مدنيين جراء غارات شنّتها طائرات حربية على حي باب النيرب الخاضع لسيطرة الفصائل في حلب، في وقت دارت اشتباكات عنيفة في حيّي طريق الباب والشعار الملاصقين لحيي جبل بدرو والصاخور اللذين هجرتهما الفصائل أول من أمس عندما خسرت ثلث مساحة الأحياء الشرقية لمصلحة القوات النظامية.
وقال مسؤول من فصيل «الجبهة الشامية» المعارض، إن «ليس هناك من تقدم جديد (للقوات النظامية)، لكن القصف والمعارك ما زالت عنيفة، بخاصة في العزيزية» شرق حلب. وأضاف أنه كانت هناك تعبئة كبيرة للقوات المتحالفة مع النظام في المنطقة، في وقت ظهرت بوادر انقسام في «حركة أحرار الشام». وأفادت شبكة «شام» المعارضة بأنه جرى أمس تعيين المهندس علي العمر (أبو عمار العمر) قائداً عاماً للحركة بعد انتهاء ولاية المهندس مهند المصري، وأشارت إلى أن التعيين جاء «بعد مشاورات طويلة بين أعضاء مجلس الشورى في الحركة أفضت إلى تعليق عدد من أعضاء مجلس الشورى عملهم في المجلس»، من بينهم القائد السابق أبو جابر الشيخ والمسؤول العسكري أبو صالح طحان.
في المقابل، أوضح مسؤول كبير في التحالف العسكري الذي يقاتل دعماً لدمشق، إن الجيش السوري وحلفاءه يهدفون لانتزاع السيطرة على شرق حلب بالكامل من أيدي المعارضة المسلحة قبل تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب السلطة في كانون الثاني (يناير)، ملتزمين بجدول زمني تؤيده روسيا للعملية بعد تحقيق مكاسب كبيرة في الأيام الماضية. وأوضح إيغور كوناشينكوف الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية في بيان: «تمكّن الجنود السوريون من تغيير الوضع (شمال شرقي حلب) بشكل كبير خلال الأربع والعشرين ساعة الأخيرة، وذلك بفضل العمليات المخطط لها بشكل جيد جداً وبتأن». وقال إن التأكيدات لمزاعم عن خسائر كبيرة بين المدنيين أثناء العملية أثارت قلقاً لا داعي له، لكنه أشار إلى أن موسكو مصدومة بما وصفه بـ «عمى» الغرب في ما يتعلق بتقويم الوضع الحقيقي على الأرض.
وأعرب رئيس العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن أوبراين، عن «غاية القلق على مصير المدنيين بسبب الوضع المقلق والمخيف في مدينة حلب». وتحركت الدول الأوروبية في مجلس الأمن لكسر الجمود الديبلوماسي من خلال دعوة فرنسا وبريطانيا إلى عقد جلسة طارئة في شأن حلب. وقال السفير الفرنسي فرنسوا ديلاتر، إن الجلسة الطارئة يرجح أن تعقد اليوم، معتبراً أن «الوضع الحالي يضعنا أمام مواجهة لحظة الحقيقة». وأشار الى أن فرنسا وبريطانيا أعدتا أفكاراً لمشروع قرار ينص على محاسبة المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيماوية «ويفرض عقوبات عليهم». وقال إن باريس تعد لاستضافة اجتماع وزاري خلال أيام «للدول ذات التفكير المشترك» لتقويم الوضع، فيما أكد السفير البريطاني ماثيو ريكروفت، أن هناك خطة يجب على النظام السوري وروسيا وإيران أن تقبل بها».
وفي حال عقد الجلسة اليوم، يتوقع أن يقدم المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين، إحاطتين فيها، خصوصاً حول حلب.
الى ذلك، أقر التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» بشن غارة من طريق الخطأ على القوات السورية في 17 أيلول (سبتمبر) قرب دير الزور. ووفق البنتاغون كانت هناك «أخطاء» و «عوامل بشرية» دفعت التحالف إلى الخلط بين القوات السورية والإرهابيين وشن الضربة التي أوقعت نحو 90 قتيلاً.
وفي تطور لافت، أعلن تنظيم «داعش» مساء أمس أنه أسر جنديين تركيين في قرية الدانا قرب مدينة الباب بريف حلب الشمالي الشرقي حيث تدور معارك بين التنظيم وفصائل سورية مدعومة من أنقرة في إطار عملية «درع الفرات». وجاء ذلك في وقت قال الرئيس رجب طيب اردوغان إن القوات التركية دخلت إلى سورية «إلى جانب الجيش السوري الحر» بهدف «حماية الأصحاب الحقيقيين للأرض … وإنهاء حكم الأسد الوحشي الذي يمارس سياسة إرهاب الدولة»، مؤكداً أن تركيا لا تطمع «بحبة تراب من الأراضي السورية».
الحياة