هناك علاقةٌ تنشأ بيننا وبين مع ما حولنا، مثلاً ذاك الخدش على الحائط، تلك الشجيرة اليابسة جانب مدخل الدار، بقع الدهان على الأرضية، حتى ذلك الأثر على جبينك إثر سقوطك في صغرك.
هل كان تدمير #مخيم_اليرموك ( #فلسطين ) مقصودا لتغيير هويته؟
العجيب أنك غالباً ما تودّ التخلص من هذه “العيوب” إلا أنك إن حدث وتخلصت منها سوف تفتقدها إلى أن تعتاد تفاصيل غيرها، وقد لا تفعل. كما حصل للكثير من السوريين، تغربنا عن رائحة الياسمين، عن أزقة الجامع الكبير، وعن أسواق العطارة والصابون، وعن أرغفة خبز التنور، وعن أسطحة منازلنا المغطاة بصواني “دبس البندورة” والكثير من التفاصيل، حتى الأدق منها، المليئة بالحنين، والتي نبحث عنها في كل صوب وحين.
تسأل بيان، ذات العشرين، القاطنة في تركيا منذ 8 سنين، هل هذا هو الوطن؟، إن لم يكن فَلِمَ الحنين؟.
تقع بين يديها رواية عائد إلى حيفا لكاتبها غسان كنفاني. ” لا شيء. لاشيء أبداً. كنت أفتش عن فلسطين الحقيقية. فلسطين التي هي أكثر من ذاكرة، أكثر من ريشة طاووس، أكثر من ولد، أكثر من خرابيش قلم رصاص على جدار السلم.”
تفكر بيان، لِمَ يَحنّ الجميع لبيت طفولته؟. يقال أن الأطفال يلاحظون التفاصيل بشكلٍ أفضل من الكبار، لابد أن تلك التفاصيل الصغيرة و الكثيرة ارتبطت بضحكاتنا ولعبنا لذا نحن نحنُّ ونشتاق، لكن كما قيل إن عادت تلك المقاهي فمن يعيد لك الرفاق، نحن من تغيّر، لو عدنا لتلك الأماكن وحتى لو عاد الأشخاص لن يكون الأمر كما كان.
“وكنت أقول لنفسي : ما هي فلسطين بالنسبة لخالد؟ إنه لا يعرف المزهريه، ولا السلم ولا الحليصة ولا خلدون. ومع ذلك فهي بالنسبة له جديرةٌ بأن يحمل من أجلها السلاح ويموت في سبيلها، وبالنسبة لنا أنت وأنا، مجرد تفتيش عن أشياء تحت غبار الذاكرة، وانظري ماذا وجدنا تحت ذلك الغبار … غباراً جديداً أيضاً!
لقد أخطأنا حين اعتبرنا أن الوطن هو الماضي فقط، أما خالد فالوطن عنده هو المستقبل…”
إن كان الماضي هو الذكريات التي تركت في سوريا، ما هو المستقبل إذاً؟، أهو هنا في تركيا؟، أهو هناك في سوريا؟، أم في البعيد، أبعد حتى من هنا وهناك؟!.
ماذا يكون ذاك المسمى وطن؟. يجيب الكتاب” أتعرفين ما هو الوطن يا صفية؟ الوطن هو ألا يحدث ذلك كله.”
بيان آغا
المركز الصحفي السوري
عين على الواقعه