وكانت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية قد أعلنت يوم الأربعاء الماضي مسؤولية نظام أسد عن استهداف بلدة اللطامنة بثلاث قنابل محملة بالغازات السامة في أواخر آذار/ مارس 2017، ونتج عن هذه الغارات أكثر من 106 مصابين بينهم ضحايا، وأكّد تقرير المنظمة أن نظام أسد استهدف البلدة بغارتين متفرقتين من قبل طائرات حربية من نوع “سيخوي 22” وغارة ثالثة من طائرة مروحية في 24، 25 و30 آذار/ مارس من عام 2017.
نفس السلاح المستخدم
وعن وجه الشبه بين استهداف بلدة اللطامنة بالأسلحة الكيماوية أواخر آذار/ مارس 2017 واستهداف مدينة خان شيخون بداية نيسان/ أبريل من نفس العام والذي راح ضحيته أكثر من 90 قتيلاً ومئات المصابين، يقول مدير مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية نضال شيخاني لـ أورينت نت: “إن آلية التحقيق وتحديد الهوية من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيماوية أشارت في تقريرها الصادر منذ أيام أن استهداف مدينة خان شيخون بالأسلحة الكيماوية مطابق لاستهداف بلدة اللطامنة من حيث آلية الاستخدام وتطابق نوع المواد وخصائصها”.
وتابع شيخاني “تقنياً لا يوجد فارق كبير بين استهداف بلدة اللطامنة بالأسلحة الكيماوية واستهداف خان شيخون, فالطائرة ذاتها من نوع سيخوي 22 ورمزها (قدس 1) وهي التي نفّذت الهجومين في اللطامنة وخان شيخون, كما استخدمت نفس المواد السامة وهذا ما أكدته المخابر الدولية التي أثبتت وجود نفس مادة السارين”.
وأما حول العبوة المستخدمة (الصاروخ) فيوضح شيخاني بقوله: “العبوة المستخدمة في الهجومين تختلف قليلاً من حيث التصنيع ولكنها متشابهة من حيث المضمون, في العبوة M4000 المستخدمة في استهداف اللطامنة ليست بنفس شكل العبوة التي استخدمت في خان شيخون, ولكن كلاهما مخصص لنفس الغرض”.
وأما مدير وكالة حق الإخبارية عبد الرزاق السلطان والعامل بخدمة (الراصد) يقول لأورينت نت: “لدينا كمراصد عاملة ضمن خدمة الراصد المستخدمة بالتعاون مع إدارة الدفاع المدني العديد من الأدلة التي تُثبت التطابق بين هجوميّ اللطامنة وخان شيخون, فالطائرة ذاتها تابعة لملاك مطار الشعيرات وكنّا قد حذّرنا من الطائرة والطيار قبل استهداف مدينة خان شيخون بلحظات”.
نفس التوقيت
وأضاف السلطان قائلاً, “أما وجه الشبه الثاني فهو اختيار ذات التوقيت لأغلب الاستهدافات الحاصلة إن كان في اللطامنة أو خان شيخون, فأغلبها وقعت بين الساعة السادسة والسابعة صباحاً كون الجو ربيعي والهواء ساكن وحالة الرطوبة ملائمة لمثل هكذا جرائم”.
وأكمل السلطان “خلال الأيام القليلة التي مرّت بين استهداف بلدة اللطامنة في 30 آذار/ مارس 2017 واستهداف مدينة خان شيخون بتاريخ 4 نيسان/ أبريل 2017 كانت الأجواء غير ملائمة للاستخدام الكيماوي بسبب سرعة الرياح, ولذلك مع أول فرصة لهم أقلعت طائرة سيخوي 22 من مطار الشعيرات بحمص ورمزها (القدس 1) ويقودها العميد محمد يوسف حاصوري, وبما أن توقيت إقلاعه مشابه تماماً لاقلاعه أثناء استهداف بلدة اللطامنة قبل أيام حذّرنا منه وفعلاً كان محمّلاً بالأسلحة الكيماوية التي استهدفت مدينة خان شيخون وبنفس أسلوب استهداف بلدة اللطامنة”.
وهذا ما أكّده تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيماوية الذي جاء فيه أن “طائرة عسكرية من نوع سيخوي22 أقلعت من قاعدة الشعيرات جنوب حمص بتمام الساعة السادسة صباحاً يوم 24 آذار/ مارس 2017 واستهدفت بلدة اللطامنة بقنبلة من نوع M4000, وبنفس التوقيت تقريباً من يوم 30 آذار/ مارس أقلعت طائرة مشابهة للأولى لتستهدف بلدة اللطامنة للمرة الثالثة”.
نفس الأعراض
من جانب آخر، أكّد مدير مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية نضال شيخاني لـ أورينت نت أن “اثنين من استهدافات بلدة اللطامنة كانت بغاز السارين, وهو ذاته الذي تم استخدامه باستهداف مدينة خان شيخون, ولهذا فإن المصابين بالمنطقتين ظهرت عليهم نفس الأعراض”.
وأوضح شيخاني هذه الأعراض بقوله “عانى المصابون خلال استهداف بلدة اللطامنة ومدينة خان شيخون بغاز السارين من صعوبة بالتنفس واختلاج وخروج زبد من الفم, بالإضافة لحدقة دبوسية واحمرار بالعينين والجلد”.
ووفقاً للمعلومات المتطابقة من مدير الدفاع المدني في محافظة إدلب مصطفى حاج يوسف ومدير الدفاع المدني في حماة رامي السلوم حول الأعراض التي تعرّض لها المصابون في المنطقتين (اللطامنة وخان شيخون) أكدوا لأورينت نت، أن الأعراض ذاتها بين مصابي الاستهدافين، وتجلّى ذلك بحالات الاختناق وجحوظ العينين وضيق التنفس والمواد السائلة الخارجة من الفم والأنف وفقدان الوعي, بحسب مديريّ الدفاع بالمحافظتين.
جدوى إعادة تحقيق “خان شيخون”
في 26 تشرين الأول من عام 2017 أصدرت لجنة التحقيق المشتركة التابعة لهيئة الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية تقريراً، أشارت فيه إلى مسؤولية نظام أسد باستهداف مدينة خان شيخون بغاز السارين، ولكن القرار لم يكن يملك تلك الصلاحيات التي ملكها التقرير الأخير حول استهداف بلدة اللطامنة.
وفي هذا الصدد يقول شيخاني لـ أورينت نت “إن اعادة التحقيق مرة أخرى باستهداف مدينة خان شيخون بالغازات السامة لن يُقدّم أو يؤخر شيئاً لأن الجاني معروف عند الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية, وهذا ما أعلنته سابقاً آلية التحقيق المشتركة والتي أشارت لتورط نظام أسد باستهداف خان شيخون بالغازات السامة”.
وهذا ما أكّده كذلك عضو هيئة القانونيين السوريين, المحامي عبد الناصر حوشان لأورينت نت بقوله “شكّلت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية فريقاً للتحقيق وتقصّي الحقائق حول استخدام الأسلحة الكيماوية بتاريخ 27 يونيو 2018, وهذا الفريق مفوّض باستكمال التحقيق في القضايا المتعلقة بسوريا وتأكيد الجاني”.
وأردف حوشان قائلاً “ولكن هذا الفريق لن يُحقق في الحالات التي حققت بها الآلية المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية والتي انتهت ولايتها في عام 2017, وهذا ما ينطبق على مجزرة خان شيخون الكيماوية, وهذا يعني أن الفريق جاء مكملاً لعمل فريق تقصي الحقائق الذي أثبت مسؤولية نظام أسد باستخدام الكيماوي في خان شيخون”.
وأشار حوشان إلى أن “فريق تقصي الحقائق المشترك بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية السابق لم يكن من صلاحياته تحديد هوية الفاعل وتوجيه الاتهام له بعكس الفريق الحالي التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية, ولهذا كان تقرير استهداف اللطامنة هو الأول من نوعه بتحديد الفاعل ضمن آلية العمل الجديدة للمنظمة”
نقلا عن اورينت