إسلام أباد – أثار موقف “الحياد البارد” الذي اعتمدته باكستان تجاه أزمة اليمن ردودا شعبية غاضبة ضد الحكومة والبرلمان، وسط مخاوف من أن يقود هذا الموقف إلى شرخ في العلاقات مع دول الخليج.
وتظاهر آلاف من الباكستانيين احتجاجا على قرار البرلمان برفض المشاركة في عملية عاصفة الحزم باليمن استجابة لدعوة من دول التحالف العربي.
ورفع متظاهرون شعارات تحث على التطوع بالجهاد والدفاع عن مصالح الأمة الإسلامية في مواجهة أعدائها.
وشاركت أغلبية الأحزاب الباكستانية في هذه المظاهرات التي شملت عدة مدن كبرى. وطالبت بإرسال قوات إلى اليمن لوقف التمدد الإيراني، معتبرة أن قرار الحياد لا يخدم مصالح الباكستانيين.
وكان علماء دين وأئمة في أكثر من 75 ألف مسجد وجامع حثوا الحكومة على الوقوف إلى جانب دول الخليج والموافقة على كل طلباتها، مشيرين إلى أن لهذه الدول مواقف لا يمكن للشعب الباكستاني أن ينساها.
واستفز الوضع في اليمن البلوش في كل من باكستان وأفغانستان وإيران، وعبروا عن الاستعداد لإرسال آلاف المقاتلين من رجال القبائل إلى اليمن للمشاركة في الحرب ضد الميليشيا الحوثية التي تنفذ أجندة طهران وتساعد على التمدد الإيراني.
وقال المعارض الإيراني عبدالرحيم ملا زاده، المكنى بأبي المنتصر البلوشي، “إن مئة ألف مقاتل على الأقل من بلوشستان هم رهن الإشارة للمشاركة في عمليات عاصفة الحزم”.
وكان قلب الدين حكمتيار رئيس الوزراء الأفغاني السابق، وزعيم الحزب الإسلامي، تعهد منذ أيام قليلة بإرسال الآلاف من المقاتلين للمشاركة في القتال ضد الحوثيين.
وأشار محللون إلى أن العداء لإيران كبير في باكستان وأفغانستان خاصة بين قبائل البلوش التي يقاتل أبناؤها الواقعون تحت السيطرة الإيرانية من أجل الاستقلال، وأن هذا العداء يتغذى من العنف الطائفي الذي تمارسه السلطات الإيرانية عليهم وعلى القوميات الأخرى التي تعمل على الاستقلال بدورها.
وليس مستبعدا أن تنجح الضغوط الشعبية في دفع الحكومة الباكستانية إلى طلب اجتماع جديد للبرلمان لإعادة مناقشة أمر المشاركة في حرب اليمن خاصة في ظل ردود فعل خليجية قوية تجاه باكستان.
وكان البرلمان الباكستاني قد تبنى قرارا يحث إسلام أباد على الالتزام بالحياد في الصراع الدائر في اليمن ويدعو كافة الفصائل اليمنية إلى حل خلافاتها سلميا، واعتبر رفضا لطلب السعودية بتقديم مساعدات عسكرية لعملية عاصفة الحزم.
ويتهم سياسيون باكستانيون حكومة نواز شريف التي أشادت بقرار البرلمان بأنها تصرفت تحت ضغط إيران وتركيا متغاضية عن مصالحها الكبرى مع دول الخليج.
وآوت المملكة العربية السعودية شريف لعدة سنوات حينما خرج إلى المنفى عقب انقلاب عام 1999.
وانتقد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش التقارب في المواقف بين طهران وأنقرة وإسلام أباد قائلا “يبدو أن أهمية طهران لإسلام أباد وأنقرة تفوق أهمية دول الخليج، بعدنا الاقتصادي والاستثماري مطلوب، ويغيب الدعم السياسي في اللحظة الحرجة”.
ووصف قرقاش قرار البرلمان بأنه “متناقض وخطير وغير متوقع من إسلام أباد”، وذلك في واحدة من سلسلة تغريدات على تويتر تنتقد موقفي باكستان وتركيا من الأزمة اليمنية.
وقال المسؤول الإماراتي في تغريدة أخرى “الموقف الملتبس والمتناقض لباكستان وتركيا خير دليل على أن الأمن العربي من ليبيا إلى اليمن عنوانه عربي، اختبار دول الجوار خير شاهد على ذلك”.
وأضاف “باكستان مطالبة بموقف واضح لصالح علاقاتها الإستراتيجية مع دول الخليج العربي، المواقف المتناقضة والملتبسة في هذا الأمر المصيري تكلفتها عالية”.
وكانت مصادر سعودية وصفت القرار الباكستاني بالمتخاذل، وذلك في تصريح لـ”العرب” مباشرة بعد صدور قرار البرلمان بالتزام الحياد تجاه عاصفة الحزم، مشيرة إلى أن هذا الموقف قد يؤثر على المصالح الباكستانية مع الرياض وباقي دول الخليج.
وأكد مسؤول سعودي أن زمن الدعم غير المشروط الذي يقدمه الخليج للدول الأخرى قد ولى وأن دول مجلس التعاون تحكم على الدول من خلال مواقفها الداعمة للموقف الخليجي، مشيرا إلى أن المملكة ودول الخليج ممتعضة من التبريرات الباكستانية.
وتدعم دول الخليج باكستان بطريقة مباشرة عبر المنح والمساعدات بالإضافة إلى إتاحة الفرصة أمام نحو 1.4 مليون باكستاني يعملون في دول الخليج ويرسلون حوالات إلى بلادهم تعد رافدا حيويا لاقتصادها.
وقدمت السعودية لباكستان قرضا بقيمة 1.5 مليار دولار العام الماضي، كما أن الإمارات مستثمر كبير في باكستان.
العربArray