رداً على موقف الولايات المتحدة المتشدد تجاه إيران، ومطالبتها بإعادة فرض جميع العقوبات الدولية على طهران بدعوى انتهاكها للاتفاق الذي أبرمته مع القوى العالمية في عام 2015. تواصل إيران تهديداتها لواشنطن، في الوقت الذي يسعى فيه المجتمع الدولي إلى التهدئة والحيلولة دون حدوث تصعيد.
لكن الباحث والمحلل السياسي الأميركي الدكتور مجيد رفيع زادة يرى في تقرير نشره معهد جيتستون الأميركي للأبحاث أن أولئك الذين يطالبون باتباع سياسة استرضاء تجاه حكام إيران كوسيلة لتغيير تصرفات النظام الإيراني، لا يدركون أنه كلما زاد ما يقدمه المجتمع الدولي لحكام إيران، أصبحت طهران أكثر عدوانية وجرأة. وعلى سبيل المثال، فإنه بعد يوم واحد من تصويت مجلس الأمن الدولي على رفع الحظر على الأسلحة المفروض على إيران، كشف حكام طهران عن صاروخ باليستي تردد أنه يمكن أن يصل إلى الولايات المتحدة، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.
وقال رفيع زادة، رئيس المجلس الأميركي الدولي الخاص بالشرق الأوسط، إن صحيفة «أفكار نيوز» الإيرانية المملوكة للدولة نشرت تقريراً باللغة الفارسية بعنوان «الأراضي الأميركية في مرمى القنابل الإيرانية الآن»، وتفاخر هذا التقرير بالأضرار التي يمكن أن يلحقها النظام الإيراني بالولايات المتحدة.
وجاء في التقرير أنه «بإرسال قمر صناعي عسكري إلى الفضاء، أظهرت إيران الآن أنها تستطيع استهداف كل الأراضي؛ وكان البرلمان الإيراني قد حذر (الولايات المتحدة) في وقت سابق من أنه من المحتمل أن يسفر أي هجوم نووي كهرومغناطيسي على الولايات المتحدة عن مقتل 90 في المائة من الأميركيين».
كما هدد التقرير الاتحاد الأوروبي الذي صوت لصالح رفع حظر الأسلحة المفروض على إيران قائلاً: «إن نفس نوع تكنولوجيا الصواريخ الباليستية التي استخدمت لإطلاق القمر الصناعي يمكن أن تحمل أسلحة نووية، أو كيماوية أو حتى بيولوجية لمحو إسرائيل من على الخريطة، وضرب قواعد الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة والمنشآت الأميركية، واستهداف الناتو حتى في أقصى غرب أوروبا».
يذكر أنه عندما حاولت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران بعد أن رفضت الأمم المتحدة مد أجل حظر الأسلحة، بعثت 13 دولة من الدول الـ15 أعضاء مجلس الأمن الدولي رسائل أعربت فيها عن معارضتها للطلب الأميركي. وكان من بين الدول المعارضة حلفاء وشركاء قدامى للولايات المتحدة من بينها فرنسا، وألمانيا، والمملكة المتحدة، وبلجيكا.
وقال رفيع زادة إن هذه ليست المرة الأولى التي أصبح فيها النظام الإيراني أكثر عدوانية بعد اتباع المجتمع الدولي لسياسات استرضاء تجاه حكام إيران. وأشار إلى أنه يتعين أن نتذكر أنه لدى التوصل إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، المعروفة بالاتفاق النووي الإيراني أوضح الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما أنه «واثق» من أن رفع العقوبات والاتفاق النووي «سوف يلبيان احتياجات الأمن القومي للولايات المتحدة ولحلفائنا». كما ورد في تمهيد الاتفاق أن جميع الدول الموقعة عليه «تتوقع أن يساهم التنفيذ الكامل لهذا الاتفاق بصورة إيجابية في تحقيق السلام والأمن الإقليميين والدوليين».
وتساءل رفيع زادة قائلاً: «رغم ذلك، ماذا كانت النتيجة؟» وأضاف أن المجتمع الدولي شهد إطلاق الحوثيين اليمنيين الصواريخ على الأهداف المدنية، ونشر «حزب الله» جنوداً له في سوريا وزيادة في هجمات «حماس» على جنوب إسرائيل، وذلك بدعم من إيران. ومع تدفق مليارات الدولارات من الإيرادات إلى جيوب المرشد الإيراني على خامنئي والحرس الثوري الإيراني، لم يتغير سلوك إيران إلى الأفضل، بل أصبحت أكثر قوة وجرأة و«أسوأ دولة راعية للإرهاب»، حسب وصف وزارة الخارجية الأميركية.
وأوضح رفيع زاده أنه كلما كان يزيد عطاء المجتمع الدولي لإيران، كانت تزيد من تجارب إطلاق صواريخها الباليستية، القادرة على حمل رؤوس نووية، وهو ما يمثل انتهاكاً واضحاً لقرار مجلس الأمن رقم 2231. وأضاف أنه بعد كل محاولة استرضاء لحكام إيران، كان النظام يكثف من القمع وانتهاكات حقوق الإنسان في الداخل. وذكرت منظمة هيومان رايتس ووتش أنه بعد الاتفاق النووي ورفع العقوبات، صعدت إيران من اعتقال وإعدام نشطاء حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين. وأصبحت إيران «أكثر الدول إعداماً للنساء وصاحبة أكبر عدد من حالات الإعدام في العالم»، ووفقاً لما ذكرته منظمة العفو الدولية أصبحت إيران صاحبة المرتبة الأولى في إعدام القصر.
واختتم رفيع زادة تقريره بقوله إن سياسات التوافق والاسترضاء تعني الضعف بالنسبة لحكام إيران، وإنه كلما كثر عطاء المجتمع الدولي لحكام إيران، كلما بدا أن النظام يشعر أن لديه القدرة على مواصلة سلوكه الشرير.
نقلا عن الشرق الاوسط