كان المرحوم “نجاة إيكزاجي باشي” يقول: “في كل العالم فكرة “‘know how’ والتي تعني “اعلم كيف”، هي السائدة، إلا في بلادنا ففكرة “know who” والتي تعني “اعلم مَن” هي السائدة. وفي الحقيقة إننا نعلم أنّه كثيرا ما تتردد، عبارات تشتمل على مفهوم “أوجد رجلك”، أو في كثير من الأحيان نسمع عبارة من مثل: “هل تعلم من أكون؟”.
الانتساب إلى التنظيم
بعيد بدء انكشاف تفاصيل تنظيم “الكيان الموازي”، شاهدنا باستغراب مدى اهتمام البعض بالانتساب إلى هذا التنظيم، بدلا من الاهتمام بالعلم والجدارة. ورأينا أنّ العضوية في التنظيم تبدأ منذ التسجيل في الثانوية العسكرية، وصولا إلى إشغال مناصب عسكرية عليا. وشاهدنا باستغراب كيف أنّ ضباطا رفيعي المستوى، منتسبين لتنظيم “الكيان الموازي” قادوا الطائرات الحربية ليلة محاولة الانقلاب الفاشلة. وجدنا أنّ هؤلاء ضربوا بعرض الحائط العلوم التي تلقوها خلال دراستهم في سبيل الانتساب لهذا التنظيم الإرهابي.
وباء أشبه بالطاعون
فكما أننا رأينا أنّ كثيرا ممن لديه مشكلة قضائية، بحثوا عن الحل في الانتساب إلى التنظيم، وكذلك فهمنا أنّ المنافسة التجارية أيضا يمرّ طريقها في الانتساب إلى تنظيم الكيان الموازي”. وكلنا يعلم بأنّ الكيان الموازي انتشر كالطاعون في أروقة المحاكم، وفي أبنية الأمنيات، وفي التعليم وفي الإعلام، وحتى في الحياة الاجتماعية اليومية.
انقلابيون حزبيون
لا أحد يعلم بَعد، مدى تأثير التنظيم الموازي الإرهابي على الأحزاب السياسية، على سبيل المثال: “لا نعلم كم عدد المنتمين إلى التنظيم الموازي، من منتسبي حزب العدالة والتنمية، الحزب الحاكم منذ عام 2002. “شامل طيّار” النائب في البرلمان عن حزب العدالة والتنمية، يقول: إلى الآن فُصل ما يقارب 300 من مناصبهم، ممن كانوا يشغلون مراكز مختلفة داخل العدالة والتنمية. وفي الوقت نفسه، الرأي العام بات على علم ببعض الأسماء الذين يشغلون مناصب عليا، ويعرفون في الوقت نفسه بشكل مباشر، أو من خلال أقربائهم، بعشقهم لتنظيم الكيان الموازي.
العمليات
في الواقع لم يدرك أحد الوجه الحقيقي لتنظيم الكيان الموازي، إلى أن نُفّذت العملية ضده بعيد الاستهداف الذي طال من قبل التنظيم عام 2012 رئيس الاستخبارات التركية “هاكان فيدان”، والرئيس “رجب طيب أردوغان”. بينما عملية 17-25 كانون الأول / ديسمبر، كشف الكيان الموازي على حقيقته بشكل نهائي. ومحاولة الانقلاب التي تعرضت لها تركيا في 15 تموز / يوليو، كانت بمثابة النقطة الأخيرة التي كفلت فضح ألاعيب التنظيم جميعها. وبالنظر إلى العمليات التي نفّذت ضد الكيان الموازي، نجد أنّ صداقة التنظيم، والانتساب إليه لم يكن ليشكّل مشكلة كبيرة، على سبيل المثال: “كان بعلم البعض أنّ هناك وزراء منتسبين للتنظيم”.
الوضع مختلف
الآن الوضع مختلف جدا، إذ لا يمكن لأحد من خلال نطق عبارة “هل تعلم من أكون”، ان ينأى بنفسه خارج المحاكمة والمساءلة، وإن كان لا يزال داخل العدالة والتنمية منتمون لتنظيم الكيان الموازي، فستتم تصفيتهم في أقرب وقت ممكن. والموقف الصارم للرئيس أردوغان في هذا الصدد، يخبرنا عن مصداق ما قلناه، وعلينا أن نذكّر بأنّ حزب الحركة القومية عمل على هذه التصفيات في وقت سابق.
ترك برس