” كلها كم سنة بتخلص الحرب وبنرجع، شو رح نقضي عمرنا بالغربة”، جملة عبر بها كثير من السوريين عندما قرروا خوض تجربة اللجوء إلى دول الاتحاد الأوروبي هربا من براميل الموت وبحثا عن حياة طبيعية بكافة أبعادها بعدما فقدوها في وطنهم سوريا.
” البلد ماعاد ينعاش فيه” و” لك ليش لهلا ماطلعتوا شو عم تستنو”، عبارات لطالما رددها لاجئون لمن بقي في سوريا بقصد تشجيعهم على ترك البلاد والهجرة نتيجة الوضع الإنساني والاقتصادي المتردي والظروف التي قست عليهم وزادت همومهم ومعاناتهم، فلا تكاد تخلو عائلة سورية إلا وذاقت أشد ألوان العذاب من فقدان لأحبة وحرمان بالإضافة للفقر الذي يواجهه الملايين منهم.
وتتباين المواقف بين اللاجئين، فمنهم من حالفه الحظ في منطقة لجوئه، ومنهم من يتحسر على تركه لوطنه، تقول روشان من مدينة ادلب بعد أن أضنتها الغربة في ألمانيا:” ياليتني بقيت في بيتي تحت رحمة الطيران، فخير لي أن أموت في وطني على أن أعيش بذل، “ومتل مابقولوا الي بيطلع من دارو بقل مقدارو”، حاولت التأقلم والاندماج أنا وعائلتي مع المجتمع الألماني، إلا أن الشوق والحنين للوطن كان غالبا، فكيف لي أن أنسى ذكرياتنا بحلوها ومرها، وشوارع مدينتي وأزقتها ؟”.
وقد بلغ عدد طالبي اللجوء السوريين في أوروبا 428,735 بين أبريل 2011 وأغسطس 2015 ، وتستضيف ألمانيا وصربيا نسبة 43% منهم بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ولعل فئة الشباب تشكل الشريحة الأكبر من بين اللاجئين بعد أن ضاقوا ذرعا من واقعهم فهم الفئة الأكثر استهدافا في الحرب الدائرة من قبل قوات النظام من الاعتقال والسوق الإجباري لخدمة العلم أو الاحتياط، بالإضافة لقلة فرص العمل حتى لذوي الشهادات الجامعية.
تعددت أهداف ودواعي الهجرة لدى السوريين فبعيدا عن المقصد الأساسي لها وهو الملاذ الآمن، هناك من قصدها كونها أصبحت ظاهرة أقرب لما يسمى “موضة”، ونتيجة لتزايد أعداد اللاجئين لدول الجوار أو للدول الأوروبية، قام مجموعة من الناشطين بعدة حملات على مواقع التواصل الاجتماعي تناجي بها كل من يرغب بترك الوطن وتفضيل حياة اللجوء.
وعرضت بعض الصور لتحفيذهم على البقاء والعودة لحضن الوطن فهو بحاجة ماسة لأبنائه أكثر من أي وقت مضى، وبعض ماكتب عليها ” يا دكتور لا تهاجر فنحن والمرضى بحاجتك، يا أستاذ أرجوك لا تهاجر فنحن وأولادنا وإخواننا نريد التعلّم، يا مهندس لا تهاجر فأنت الركن الركين في الإعمار، يا إعلامي لا تهاجر فأنت عين على الواقع، يا سوريين جميعاً لا تهاجروا فأنتم من تبقّى، يا مجاهد لا تهاجر فأنت حامينا بعد الله.”
ومن يتجول في مدن وشوارع سوريا يجد مساجدها وأسواقها وأماكنها العامة خالية من شبابها، وكأنها تناديهم ليعودوا إليها ويعيدوا معهم الأمل والروح إليها بعد أن تركوا فراغا كبيرا بكل زاوية منها.
وتوجهت بعض السيدات والفتيات برسائل عبر مواقع التواصل الاجتماعي تقول فيها:” لمن تركتم الوطن؟ لبشار وقواته؟ أم لإيران والميليشيات الشيعية؟ ومتى ستعودون إليه ؟ عندما تنتهي الحرب؟ عندها لن يكون بحاجة إليكم، ولا لحبكم، فكفاكم هجرة وعودوا لأحضان الوطن، لاتتركوه للغرباء”.
المركز الصحفي السوري_سماح خالد