يعتبر قطاع التعليم من أهم القطاعات بالمجتمع، لا يقل أهمية عن قطاع الصحة، الذي حظي بدعم كبير في الشمال السوري، بينما يعاني الواقع التعليمي في الشمالي، مشاكل عدة، و نقص حاد في الأدوات، و حالة صراع دائم داخليا و خارجيا .
انطلقت الثورة السورية في شهر آذار في عام 2011، بدأ المشهد السوري يتطور لحظة بلحظة، حتى بدأت قوات النظام باستهداف جميع أشكال الحياة في مناطق سيطرة فصائل الثوار، من مشافي و مدارس و جميع البنى التحتية .
قطاع الصحة هو من أهم القطاعات و حظي بدعم كبير في الشمال السوري، منذ بداية الثورة و حتى يومنا هذا، لكن قطاع التعليم في ظل الثورة، تم إهماله بشكل كبير، و لقي تهميشا كبيرا من جميع الأطراف أولها الجهات الخارجية الداعمة .
بعد انطلاقة الثورة؛ بدأت تتشكل لدينا مؤسسات في ظل الثورة السورية، مهمتها إدارة شؤون المدنيين، كان منها وزارة التعليم و وزارة التربية، و يتبع لها مديريات التربية في المحافظات المحررة، منها مديرية التربية و التعليم في حماة و إدلب و حلب و اللاذقية، التي تعمل جميعها في الشمال السوري، تنظم عمل المنظمات الداعمة للعملية التعليمية .
لكن على الرغم من وجود مؤسسات التعليم، لايزال الوضع التعليمي في الشمال السوري لايرتقي إلى المستوى المطلوب، و وجهت المسيرة التعليمية عقبات كثيرة، جعلت من تقدمه و تطوره يتأخر و يتراجع قليلا إلى الوراء .
في بداية هذه الصعوبات و العقبات التي تواجه مسيرة التعليم هي استهداف النظام المتكرر للبنى التحتية و خصوصا المدارس، فقد استهدف الطيران الروسي عدة مرات مدارس في سوريا المحررة، منها مجزرة مدرسة بلدة حاس جنوب إدلب راح ضحيتها عشرات الطلاب و من الكادر التدريسي، مما جعل الأهالي يصابون بهلع و منعهم إرسال أبنائهم إلى المدارس، فحُرم كثير من الأطفال من حقهم في التعليم في سبيل العيش الآمن و المحافظة على الأرواح .
و من الأسباب الأخرى، هي محاربة التعليم من قبل بعض المنظمات الخارجية التي يعرف تمويلها و دعمها، يدعم كل شيء إلا المعلم الموجود داخل صفه، و ملتزم بتعليم أطفال، و نرى في الشمال السوري، كثرة الوظائف و الدعم المالي الكبير في عدة مجالات، فنرى وظائف الدعم النفسي و الدعم الإجتماعي و اللوجستي و مساعدين و وظائف لم نسمع بها إلا في السنوات القليلة الأخيرة، و رواتبها لا تقل عن 500 $ أمريكي، بينما المعلم الملتزم في مدرسته، و في أغلب مدارس الشمال، لا يتجاوز 150 $ أمريكي، عندما يتوفر الدعم التام للمعلم و للطلاب و للمدارس، يتطور التعليم و يزداد الاهتمام، و نحصل و لو بعد عناء، على محصول علمي .
تسرب الطلاب و العمل في سن مبكر من أحد الأسباب التي جعلت مدارسنا فارغة، ” راجي الخليف ” أحد معلمي ريف حماة الغربي، و متطوع براتب قليل لتعليم أبناء بلدته في سهل الغاب في الريف الغربي لمحافظة حماة، يروي تجربته في هذا المجال، يقول لدينا طلاب في الصف الأول حتى الرابع، أعداد جيدة و مقبولة نوعا ما، لكن ما أن يصبح الطالب في الصف الخامس يترك المدرسة و يبدأ العمل بمساعدة أهله، سواء في المنزل أو في الأراضي الزراعية، أو لتعلم مهنة يحصلون من خلالها على المال، لأن مسيرة التعليم بحسب ما ذكر الأهل و أن فقر الحال و سوء الأوضاع و التهجير و النزوح، جعلنا نعتمد على الأطفال في إعالة البيت .
و من ناحية أخرى، يشهد الشمال السوري تجمعا للنازحين السوريين من كافة المناطق السورية، التي هجرتهم آلة النظام، فأعداد الطلاب فاقت قدرة المدارس على الاستيعاب، لصغر حجمها، و عدم وجود الجهات الرسمية التي تتولى دعم و بناء مدارس جديدة، تكون قادرة على استيعاب الطلاب المهجرين, و خاصة في المرحلة الابتدائية, فلا مقاعد دراسية كافية ولا قرطاسية منتظمة, ولا كتب دراسية متوفرة بشكل كامل, لتتيح للطالب إكمال دراسته دون أي عناء .
أسباب كثيرة و مخاطر عدة تعارض مسيرة التعليم في الشمال السوري، قصف بالطيران و المدافع و استهداف للمراكز الحيوية و البنى التحتية، و القاتل مازال حرا طليقا، الفقر و التشرد و التهجير و عدم الاستقرار، توظيف الغير مؤهلين للتعليم و تهميش دور المعلم الحقيقي، و قوافل التهجير و كثرة الطلاب, و حرب من الجهات الداعمة و القائمين عليها و عدم تحمل المسؤولية و الأمانة .. و أخيرا ” كل نفس بما كسبت رهينة ” .
مجلة الحدث _ حسان محمود