أظهر وقف إطلاق النار الجزئي في سوريا مؤشرات على تذبذبه يوم الجمعة وسط اتهامات متصاعدة بقيام الحكومة بشن هجمات مختلفة وعدم الإيفاء بوعد وصول المساعدات الإنسانية لآلاف الأشخاص المحاصرين.
أصدرت جماعات معارضة للرئيس السوري بشار الأسد تحذيرات، قائلة إن الهجمات الحكومية تهدد بإنهاء الهدنة المستمرة منذ أسبوع واستمرار محادثات السلام التي تجري برعاية الأمم المتحدة.
ولكن على ما يبدو فإن الهجمات – التي تشنها قوات الأسد وحلفاؤه من الروس- يشيرون إلى مناطق رمادية أثارت تساؤلات حول وقف إطلاق النار حتى قبل أن يبدأ. بموجب بنود الاتفاق، لا زالت الضربات العسكرية مسموحة ضد بعض الجماعات، التي تشمل الدولة الإسلامية وجبهة النصرة التي تقاتل قوات الأسد.
وهذا يعطي مجالا محتملا لشن ضربات جوية وبرية ضد الجماعات المتمردة الأخرى التي تعارض الأسد والذين وافقوا على الانصياع لوقف إطلاق النار.
مقاتلو المعارضة في مناطق متعددة من البلاد التي أنهكتها الحرب ذكروا بأن هناك هجمات عنيفة شنت من قبل القوات الموالية للحكومة تشمل ضربات جوية شنتها روسيا، التي تدخلت عسريا العام الماضي لدعم الأسد.
قال أبو النور–اسمه الحركي- الذي يقاتل ضد الهجوم الذي تشنه الحكومة في جبال محافظة اللاذقية الشمالية الغربية قرب الحدود مع تركيا:” إننا نتعرض لخمسين ضربة جوية في اليوم من قبل الروس”.
في استعادة لصدى تظاهرات أيام الجمع التي شكلت بداية للانتفاضة السلمية عام 2011 ضد الأسد، نظم السوريون في مناطق سيطرة المتمردين مظاهرات هتفت بشعارات كانت معروفة خلال ثورات الربيع العربي. أظهرت مقاطع فيديو وصور بثت على شبكات التواصل الاجتماعية الناس وهم خارجون إلى الشوارع في المناطق التي تتعرض للحصار منذ سنوات من قبل قوات الحكومة.
دخلت اتفاقية وقف الأعمال العدائية حيز التنفيذ الأسبوع الماضي نتيجة للدعم المتواصل لها من قبل روسيا والولايات المتحدة، اللتان تدعمان أطرافا متنافسة في الحرب التي أدت إلى مقتل أكثر من 250000 شخص وشردت الملايين.
أفادت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الموجودة في بريطانيا عن مقتل 118 شخص، من بينهم 24 مدني في المناطق التي تشملها اتفاقية وقف إطلاق النار خلال الأيام الخمسة الأولى. تستثني الاتفاقية جماعات مصنفة على أنها إرهابية، مثل الدولة الإسلامية وجبهة النصرة التابعة للقاعدة في سوريا.
اعترف المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا ستافات دي مستورا بحصول انتهاكات في تصريحات أدلى بها يوم الخميس، ولكنه قال أنه وبشكل عام فإن وقف إطلاق النار صمد وخفف بصورة كبيرة من حدة العنف.
بدت تصريحات دي مستورا متناقضة بصورة واضحة مع البيان الذي صدر فيما بعد عن جيش الإسلام.
قال الجيش إن وقف إطلاق النار فشل في وقف تقدم القوات الحكومية، بما في ذلك المناطق القريبة من معاقل جيش الإسلام إلى الشرق من دمشق.
وأضاف الجيش في بيانه إن الحرب “لم تتوقف بصورة فعالة على الأرض” واستمرت قرب العاصمة وفي مناطق الاشتباك مثل حمص وحلب.
لجنة المفاوضات العليا، وهي تحالف معارض تدعمه السعودية، أصدرت هي الأخرى بيانا اتهمت فيه الأسد وحلفاؤه في القيام بمحاولات برية وشن هجمات ضد المدنيين.
قال المنسق العام للتحالف، رياض حجاب، خلال مؤتمر صحفي في باريس يوم الجمعة بأنه من المبكر جدا إصدار قرار من قبل المعارضة فيما يتعلق بالمشاركة في المحادثات التي تجري برعاية الأمم المتحدة.
وتساءل كيف يمكن أن تكون روسيا حكما في الهدنة في حين أنها طرف فعال في الصراع. كما أشار إلى أن بندا رئيسا في الاتفاق وهو وصول المساعدات بصورة سريعة إلى السوريين الذين يقبعون تحت الحصار، توقف بسبب العقبات التي تضعها الحكومة السورية.
مئات الآلاف من السوريين يعيشون تحت خطر التعرض للمجاعة بسبب الحصار المفروض في عدة مناطق في البلاد من قبل الجماعات المعارضة والقوات الموالية للحكومة. غالبية هؤلاء الناس يتعرضون للحصار من قبل الحكومة، التي تتهم بأنها تخرق قانون الحرب بصورة منهجية وذلك عبر حرمان وصول الغذاء والدواء إلى المحاصرين.
وجاء في بيان اللجنة العليا للمفاوضات :” أوقفت قوافل المساعدات في نقاط تفتيش تابعة للنظام لقترات طويلة بذريعة تفتيشها تحت أعين الناس، ولا زال السوريون يموتون يوميا بسبب الجوع ونقص المساعدات”.
وعدت اللجنة العليا بمراقبة وقف إطلاق النار لأسبوعين.
يلقي مسئولو الأمم المتحدة والعاملون في مجال الإغاثة اللوم على الحكومة السورية لوضعها عراقيل على وصول المساعدات الإنسانية الجديدة. قال أحد هؤلاء المسئولين رافضا الكشف عن هويته :” من الواضح أن الحكومة تضع عراقيل أمامنا في كل ما يجري”.
وصلت بعض المساعدات إلى واحدة من المناطق المنكوبة يوم السبت،و هي بلدة مضايا في ضواحي دمشق والتي تتعرض لحصار حكومي. ولكن المسئول قال إن الحكومة منعت وصول بعض المعدات الطبية إلى البلدة، حيث حذر السكان وعمال الإغاثة من تدهور الأوضاع الإنسانية.
تراقب الأمم المتحدة المساعدات خلال وقف إطلاق النار. يوم الأحد، قال يعقوب الحلو وهو منسق الأمم المتحدة المقيم في دمشق بأن 154000 شخص يعيشون في مناطق محاصرة سوف يتلقون الغذاء والدواء خلال خمسة أيام.
وقال الحلو يوم الأحد :” إنها أفضل فرصة حصل عليها الشعب السوري خلال السنوات الخمس الماضية للوصول إلى سلام دائم واستقرار”.
مركز الشرق العربي