مع فرض النظام حصاراً قاسياً على الهامة وقدسيا، على مدار سنة وثلاثة شهور وأكثر لم يعد بمقدور المدنيين مع تشديد الحواجز بالخروج من وإلى المنطقة، بات المستحيل يواجه الأهالي.. لا مواد غذائية ولا حتى تموينية ولا حتى حليب الأطفال الأكثر ضرورة.
ورغم صبر الأهالي لتلك الأيام المريرة إلا أن التصعيد العسكري وارتفاع وتيرته الهمجية التي استهدفت الأحياء السكنية وأماكن التجمع، ولم تنجُ المستشفيات ومراكز الدفاع من تلك النيران.
لم تكن التهدئة سوى حل لضمان سلامة الأهالي وتجنيب المنطقة مزيدا من الدمار، وقد سبق ذلك الحل منطقة التهجير القسري التي حصلت في داريا ومحيط السيدة زينب جنوبي دمشق.
ومع انسحاب المعارضة من مواقع عديدة كانت سيطرت عليها مسبقاً في محور العيون على أطراف الهامة بريف دمشق الغربي وتم تسليمها إلى قوات النظام وطبعاَ كان ذلك وفق الاتفاق المبدئي بين كلا الطرفين
ومع الموقع الاستراتيجي المرتفع لتلك المناطق بات السبب الرئيسي لتغيير المعادلة في السيطرة لصالح قوات النظام؛ حيث بدأت قوات النظام تتسلل وتتقدم وفق تغطية القصف وتم السيطرة على بناء الباخرة الاستراتيجي في منطقة العيون ومواقع أخرى.. نظام يسعى بدعم وتنسيق مع أعوانه من المليشيات الإيرانية ورعاية روسية، لتغيير هوية المنطقة واستبدال السكان الأصليين بالحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني وعائلاتهم وعائلات موالية للنظام.
كما أكد ناشطون أن (التهجير الإرادي) بالترهيب الأمني يضاهي التهجير القسري الذي شهدته داريا من قبل، سيناريو يتكرر من داريا وقبلها الزبداني ومضايا ..إلى قدسيا والهامة وكلهم يهجرون إلى إدلب التي استقبلتهم بروح الأخوة ولهفة المساندة، رغم أنها تلقى ضغوطاَ كبيرة في ظل ازدياد الاحتياجات الأساسية لتأمين الإقامة المناسبة للعائلات.
ولدى زيارتنا في أول صباح للمهجرين في مكان الايواء مركز “إحسان مبيض” قابلنا أم محمد (35 عاماً) من قدسيا، وبغصة بالكلام منعتها من متابعة الحديث قائلة “نحن نعيش أشبه ما يكون بالحلم اليوم في إيواء وتشريد وبالأمس أرغمنا على ترك منازلنا.. إلى متى سيعاني شعب بأكمله من ظلم وتآمر وتهجير من أجل نظام بشار الذي لم يجد نفسه يوماً؟ من أجل أطماع ومصالح استقرت في وطن ينزف حتى الموت”.
عائلات من نساء وأطفال بات (نازحون) اسماً يطلق عليها رغماً عنها وتنتظر لحاق من تبقى لها من الأهل، فهم بانتظار الإفراج عن معتقليهم من نساء وأطفال ووعود قطعها عليهم نظام بشار بذلك.. لكن هل سيتم الإفراج عن المعتقلين أم أن نظام عرف عنه التخاذل وخرق الهدنات سيحول دون ذلك كعادته؟!
المركز الصحفي السوري- بيان الأحمد