“الطفولة والسلام”، ستاران يتخذهما النظام السوري دوما في إعلامه ليثبت حرصه واهتمامه بمستقبل سوريا المتمثل بجيلها الضائع، وبناء على ذلك نشرت صحيفة “البعث” الموالية مؤخرا عن وجود خطة وطنية لإنقاذ الطفولة ومنع عملية تجنيد الأطفال، وسيتمّ تطبيقها مطلع العام القادم من خلال التعاون مع الجمعيات الدولية والمنظمات الإنسانية بهدف الوصول إلى كافة الأطفال خارج القطر، داعياً الإعلام للقيام بدور توعوي لنشر ثقافة حقوق الطفل ومخاطر التجنيد ومنع استغلال البراءة وانتهاك الطفولة.
كلام لا خلاف عليه، فأطفال سوريا بكافة مراحلهم العمرية هم الشريحة الأكثر تضررا خلال سنوات الحرب المنصرمة، فها هم يكبرون ويقاسون حياة النزوح والقصف والدمار، فعن أي طفولة يتحدث وزير إعلام النظام محمد رامز ترجمان حيث أشار خلال ورشة عمل حول (حظر تجنيد الأطفال في الأعمال القتالية).
في البداية وقبل طرح أي مشروع أيا كانت أهدافه يجب الوقوف عند المسببات الرئيسية التي تؤدي لظاهرة “تجنيد الأطفال” وخرطهم في الحرب وعسكرتهم، ولعل السوريين أنفسهم على يقين تام بأن تجنيد الأطفال لمن هم في سن المراهقة في مناطق سيطرة المعارضة ناتج عن معاناة سكان تلك المناطق من تمرد النظام واستخدامه مختلف أنواع الأسلحة بما فيها الطيران الحربي والمروحي لمحاربة شعبه.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه ما الذي يدفع أولئك الأطفال لسلك طريق التجنيد رغم أنه قرار غير صائب ونتيجته وخيمة على الطفولة وعلى المجتمع كحد سواء؟.
كما هو معروف في كافة المجتمعات المتقدمة وحتى النامية يكون تركيز الاهتمام في بنائها وتطورها على الأطفال في مجال التعليم والحياة العملية، إلا أن النظام الذي يدعي خوفه عليهم كثف مؤخرا من حملاته العسكرية على كافة المناطق المحررة في الشمال السوري وفي ريف دمشق مستهدفا وبأكثر من مرة تجمع المدارس فيها إذ راح ضحيتها عشرات الأطفال، عدا عن الغارات المتفرقة التي تقتلهم تحت الأنقاض وهم في بيوتهم.
ونظرا لذلك فإن الأهالي عزفت عن إرسال أبنائها للمدارس، وبات الأطفال من هم بسن المراهقة بين 14 و17 عاما بلا هدف وبلا تعليم وليس أمامهم خيار سوى الانخراط بحياة الحرب التي تحاوطهم من كافة الجوانب، فمن الطبيعي أن ينحازوا لها ويتجندوا بحكم البيئة التي فرضها النظام عليهم وأجبرهم على التعايش معها، فغدا حمل السلاح هاجسا يراود أفكارهم ويشدهم للدفاع عن أرضهم رغم صغر سنهم.
حري بإعلام النظام أن يسلط الضوء على معاناة الأطفال والأعباء التي أجبروا على تحملها رغم صغر سنهم، فمنهم من أصبح معيلا بعد فقد والده، ومنهم من يعيش في خيمة من نايلون وآخرون متشردون بلا تعليم وبلا وطن، ولنكون منصفين فالنظام يتحمل معظم المسؤولية في ضياعهم وميولهم للتجنيد والعسكرة.
المركز الصحفي السوري ـ سماح الخالد