تناول الكتاب والصحفيون زيارة بشار الأسد روسيا من عدة جوانب وزوايا، الكثير منهم تحدث عن العلاقات التركية السورية وحضورها بالزيارة بالإضافة لملف تعويم الأسد، وراحت الصحف السورية الرسمية تتحدث عن نتائج سياسية واقتصادية كبيرة تحققت من الزيارة ، فما هي الحقيقة؟.
كتب خير الله خير الله الكاتب اللبناني المعروف في موقع صحيفة العرب اللندنية ” ما لا يمكن تجاهله، في أيّ وقت، أن لقاء موسكو كان بين رئيسين منبوذين دوليا. لا يجمع بين فلاديمير بوتين وبشّار الأسد سوى أنّهما يعيشان في عزلة عن العالم. يعيش كلّ منهما في دائرة ضيّقة خاصة به… ويعاني كلّ منهما من آثار جانبيّة لمرض التوحّد إن لم يكن من المرض نفسه، تحاول روسيا الغارقة إلى ما فوق أذنيها في الحرب الأوكرانيّة إظهار سيطرتها على القرار السياسي السوري الذي يمسك به الإيراني بالفعل.
كانت زيارة رئيس النظام السوري إلى موسكو من دون مضمون فعلي. لن تعوّم الزيارة التي جاءت في ذكرى مرور 12 عامًا على اندلاع الثورة السوريّة، فبشّار الأسد الذي يرفض الاعتراف بأنّ نظامه انتهى وبأنّه لا يحقّ له الكلام عن “النازية الجديدة والقديمة” لا يحقّ له ذلك، خصوصًا أن النظام السوري آوى باكرًا نازيين حقيقيين ملاحقين دوليًّا فروا إلى سوريا وعاشوا في دمشق في حماية النظام. رفض النظام في كلّ وقت تسليم هؤلاء ليحاكموا أمام العدالة الدوليّة. كان أبرز هؤلاء النازيين الذي أقاموا سنوات طويلة في دمشق ألويس برونر. توفي الألماني برونر في العاصمة السوريّة في العام 2001، أي بعدما خلف بشّار والده!
من موسكو حيث لا فارق بين نازية هتلر ونازية فلاديمير بوتين، تحدث رئيس النظام السوري عن “الاحتلال التركي” متجاهلًا الاحتلالات الأربعة الأخرى (الروسي والإيراني والأميركي والإسرائيلي). هل بات حرامًا أن يكون الأميركي في سوريا في حين صارت زيادة الوجود العسكري الروسي أمرًا مرحبا به؟ من يقبل بالاحتلالين الإيراني والروسي، لا بدّ أن يقبل، بكلّ طيبة خاطر، بالاحتلال الإسرائيلي والأميركي والتركي.
في النهاية، لا يحقّ لمن قتل نصف مليون سوري وهجّر ما يزيد على عشرة ملايين مواطن إعطاء شهادات حسن سلوك لأحد ، بما في ذلك المملكة العربيّة السعودية التي أشاد بها من موسكو في حديث إلى وكالة “سبوتنيك” للأنباء تطرق فيه إلى “تغيير” في سياسة المملكة وفي موقفها السوري.
وكتب إياد الجعفري في موقع المدن مقالًا بعنوان “لا اقتصاد في زيارة الأسد إلى موسكو” وتحدث عن النتائج الاقتصادية التي حققها الفريق الاقتصادي المرافق لبشار الأسد حيث قال ” وفي تصريحاته للإعلام الروسي، كان حديث الأسد عن الاقتصاد، عامًّا وينقصه اليقين. إذ تحدث عن اتفاقية سيتم توقيعها، تتناول 40 مشروعًا استثماريًّا محددًا لكنه لم يحدد أيًّا منها. ورفض الحديث عن القيمة التمويلية للاتفاقية المزعومة، متذرعًا بأن الأهداف أهم من الأرقام، في تشبيه يناسب لغة البروباغندا، لا لغة الاقتصاد. ومما يؤشر أكثر على فشل مسعى فريقه الاقتصادي، أن الاتفاقية المزمعة لم تُوقّع خلال زيارته، كما يُفترض أن يحدث في زيارات رؤساء الدول التي تكون تتويجًا لمناقشات اللجان المختصة. ووفق تصريحات الأسد، فقد استغرق العمل على هذه الاتفاقية، “سنوات، وليس شهورًا “. لكن العمل المكثّف كان خلال الأشهر الأخيرة، حسب وصفه. ورغم أن الزيارة كان مخططًا لها، منذ ما قبل الزلزال، –أي قبل أكثر من شهر ونصف-، إلا أن ذلك لم يكن كفيلًا بالوصول إلى حصيلة نهائية للمفاوضات حول الاتفاقية، بحيث أُرجئ توقيعها إلى وقت لاحق، “خلال أسابيع”، وفق الأسد أيضًا.”
نشر موقع “تسار غراد” الروسي تقريرًا وذكر الموقع أنه ليس هناك أدنى شك في أن محادثات موسكو ناقشت التعافي الاقتصادي لروسيا في سوريا؛ حيث قدمت موسكو الكثير من المساعدة العسكرية لسوريا، وليس لها الحق في التنازل اقتصاديًا عن هذا المسار المربح للاعبين الآخرين. ويتضح ذلك من خلال تشكيل الوفد الروسي المشارك في المفاوضات، والذي ضم على وجه الخصوص وزير البناء والإسكان والمرافق العامة ووزير المالية.
واختتم الموقع أنه قد يكون تمت مناقشة أفضل السبل لانتزاع الأكراد من النفوذ الأمريكي، ووضعهم في موضع الاختيار بين الأتراك والسوريين. وبالطبع، فهو موضوع حساس للغاية؛ حيث ستستمر حرب الولايات المتحدة بالوكالة ضد روسيا في أوكرانيا لفترة طويلة، إذا لم تُخلق مشاكل لواشنطن في أماكن أخرى من العالم، وأنت لا تعرف أبدًا كيف يمكن لسوريا أن تساعد روسيا في الحرب الأوكرانية وفي مواجهة أكثر عالمية مع الغرب، والتي لم ترَ منها شيئًا جيدًا لفترة طويلة.