تحول عراقيل عديدة دون عودة النازحين العراقيين الذين فروا من معارك « القوات العراقية و»الدولة الإسلامية»، إلى منازلهم في الموصل وباقي المناطق التي يتم تحريرها من التنظيم، بينها تدمير المدن والثأر العشائري وأسباب طائفية.
وقال عامر الحمداني، في مخيم الخازر، شرق الموصل لـ«القدس العربي»، «أغلب ساكني المخيم لا يرغبون حالياً في العودة إلى مناطقهم وخاصة الذين لديهم بيوت في الساحل الايمن من الموصل، وذلك بسبب الدمار الكبير الذي لحق بالبنية التحتية في مناطقهم أثناء معارك التحرير».
هذا الدمار، وفق المصدر «يجعل الحياة غير ممكنة في ظل غياب الخدمات الاساسية كالماء والكهرباء عن أغلب أحياء المدينة القديمة، ناهيك عن الدمار الكبير الذي لحق ببيوت السكان، ما يعقد عملية العودة إليها، تنظيف الشوارع من مخلفات المعارك كالأنقاض والعبوات الناسفة».
وأكد الحمداني أن «أغلب سكان المخيم يخشون أن تضغط عليهم السلطات في إقليم كردستان من أجل مغادرة المخيم والعودة إلى منازلهم المدمرة، كما فعلت السلطات في بغداد مع مخيمات النازحين من الأنبار، وقبل إعادة أعمار مدنهم».
وأشار إلى أن «أوضاع المناطق المدمرة بعد التحرير لا تسمح بوجود فرص حقيقية للعمل وكسب الرزق، بينما تتمتع العائلات في المخيمات بقدر من الاستقرار من خلال الحصول على المواد الغذائية وباقي الخدمات الاساسية، إضافة إلى الأمان».
وكان رئيس الفريق المشترك للاشراف على إغاثة وإجلاء النازحين في الموصل، الفريق الركن باسم الطائي، أعلن أن عدم تأهيل البنى التحتية وانعدام وجود الخدمات في أيمن الموصل، يصطدم مع التوجه الحكومي والذي يشدد على ضرورة الإسراع في اعادة النازحين الى مساكنهم.
وحسب الطائي، عدد النازحين منذ انطلاق عملية تحرير مدينة الموصل بلغ نحو 969 ألف نازح من ضمنهم سكان الشرقاط والحويجة.
وفي مخيم حي الجامعة ببغداد، أشار نازحون من سهل نينوى إلى أن «فرحتهم بتحرير الموصل ناقصة، لأنهم لا يستطيعون العودة إلى مناطقهم في زمار، غرب الموصل، التي هي بالاساس لم تكن خاضعة لسيطرة تنظيم «الدولة» سوى لأشهر».
وقال ابراهيم داوود، لـ»القدس العربي» نزحنا من قريتنا في سهل الموصل منذ 2014 واجبرنا على التوجه نحو سوريا، ومنها عبرنا اقليم كردستان بجهود مضنية نحو محافظات وسط وجنوب العراق».
وأضاف: «سلطات الاقليم لا تسمح لنا بالعودة الى سهل نينوى كونها تعتبرها من المناطق المتنازع عليها التي استعادتها البيشمركه ولا تسمح بعودة سكانها من العرب اليها».
ونقل داوود «مخاوف بقية سكان المخيم من عدم العودة إلى مناطقهم ما دام الاقليم متمسكا بالمناطق المتنازع عليها، ومع غياب أي اتفاق سياسي بين حكومتي بغداد واربيل يضمن حقوق مواطني هذه المناطق» .
وكذلك، في ديالى، شرق العراق، لا زال عشرات الآلاف من النازحين، عاجزين عن العودة الى مناطقهم مثل خانقين، التي تسيطر عليها البيشمركه وتمنع عودة العرب اليها، رغم طرد التنظيم منها منذ سنوات، لأنها تعتبرها أيضاً، من المناطق المتنازع عليها. كما توجد مناطق أخرى في المحافظة مثل العظيم، تمنع تنظيمات مسلحة متنفذة عودة سكانها إليها لاسباب طائفية وامنية. يضاف إلى ذلك، أن الكثير من النازحين من منطقة يثرب والمشاهدة وغيرها في محافظة صلاح الدين، ما زالون يعيشون في مخيمات بغداد ، وممنوعين من العودة الى مناطقهم التي تم تحريرها من قبل القوات الأمنية منذ سنوات.
سبب المنع هنا، هو المشاكل العشائرية الناجمة عن تورط أبناء بعض العشائر في العمل مع تنظيم «الدولة»، وتهديد عشائر أخرى بالانتقام.
ورغم محاولات الأجهزة الامنية وبعض الحزاب وهيئة الوقف السني، عقد مصالحة بين العشائر، وتسوية المشاكل بينها من أجل عودة النازحين الى ديارهم، فما زالت هناك عشائر متنفذة، تمنع ذلك.
وفي السياقذاته، لم تنجح دعوات القوى السياسية لمحافظة بابل والقوى السياسية فيها، و»الحشد الشعبي»، للسماح بعودة سكان ناحية جرف الصخر. هؤلاء ما زالوا في المخيمات، بسبب إصرار التنظيمات المسلحة على منع عودتهم، لاسباب طائفية وامنية. ويبدو ان تحرير بعض المدن والمناطق في العراق من تنظيم «الدولة» ، لن يوقف معاناة مئات الآلاف من النازحين الهاربين من المعارك، ولن تمنعهم من البقاء في المخيمات لآجال غير محددة، وذلك لوجود أسباب متعددة تحول دون عودتهم اليها كتدمير المدن أو الثأر أو الأسباب الطائفية.
القدس العربي