صحيفة “القدس العربي”
أكدت صحيفة “القدس العربي” أن المواقف الشعبية والرسمية للكيان الصهيوني تميل إلى مساندة نظام الأسد الذي ينكل بشعبه، لافتة إلى أن بعض التحركات الصهيونية مثل مساندة الجرحى الســوريين لإظهار قسوة بشار لا تعبر عن حقيقة الدعم والمساندة التي تقدمها الدولة الصهيونية لنظامه عبر الطرق السرية.
وقالت الصحيفة اللندنية: أنه “ليس خافيًا على أحد أن الموقفين الرسمي والشعبي للإسرائيليين هو أقرب لنظام الرئيس الســوري بشار الأسد منه إلى معارضيه على كافة أشكالهم وتلاوينهم، وهو أمر لا يخفيه الإسرائيلي العادي فيما يتلاعب المسؤولون الإسرائيليون عليه لأغراض سياسية أحيانًا ودعائية أحيانًا أخرى من قبيل استقبال جرحى ســوريين وزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لهم لإظهار مفارقة أن الحكومة الإسرائيلية أكثر رأفة بالســوريين من نظامهم الذي لا تفرق مجازره وبراميله وقصفه بين الحجر والبشر، وهي بضاعة اشتراها كثيرون من البسطاء”.
وأضافت: “غير أن هذا الموقف الإسرائيلي من بشار الأسد ونظامه لم يمنع الآلة العسكرية الإسرائيلية من ضرب النظام الســوري، كلما كان الوقت مناسبًا، ضربات موجعة لتذكره بين الحين والآخر بشروط القبول به على علاته، وحمايته بصمت في كواليس السياسة الأمريكية، وهو عدم تجاوزه الخطوط الحمراء المرسومة له”.
ولفتت إلى أنه ما دامت المذبحة هي ضد الشعب الســوري فلا ضرر ولا ضرار ولكن حالما يظهر النظام ميلاً للعب الورقة الصهيونية والإخلال بقوانين الرضا والقبول فإن مسطرة العرّاب الصهيوني تهوي على أصابع المريد الســوري لتذكيره، المرة تلو المرة، بحدوده.
وقالت الصحيفة: إن “إسرائيل” تبدو اليوم هي الرابح الأكبر من الحرب في ســوريا، حيث خسرت دمشق قدراتها العسكرية لا سيما منظومة الأسلحة الكيميائية، ورغم أن نظام الرئيس بشار الأسد لم يستخدم لا الأسلحة الكيميائية ولا غير الكيميائية ضد تل أبيب، إلا أنه اعتبر دائمًا كسلاح رادع. كما أن حزب الله الذي طالما أقلق “إسرائيل”، نقل ساحة قتاله إلى ســوريا، واستهلك جزءًا كبيرًا من قدراته العسكرية.
وأشارت إلى أن الموقف الصهيوني من الصراع في ســوريا، لم يغيره تلويح بعض زعماء المعارضة الســورية بحل مع الصهاينة لقضية الجولان مثل عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني كمال اللبواني الذي عرض مقايضة الهضبة بنظام الأسد.
يقابل هذا الموقف في المعارضة الســورية موقف آخر لا يقل غرابة لدى شريحة من الشعب الفلسطيني تتعاطف بدورها مع نظام ضاعف من مآسي الشعب الفلسطيني، خاصة ما تم ارتكابه من مجازر في تل الزعتر وصبرا وشاتيلا، واشتغاله على تفكيك منظمة التحرير وتطويعها وإخضاع القرار الفلسطيني لأوامره، وهي مفارقة غريبة. مضيفة أن هذا الموقف يستند على خلفيات أيديولوجية ومذهبية تعتبر المعارضة الســورية إسلامية من جهة، وتعتبر النظام الســوري ممانعًا للاحتلال الصهيوني ومقاومًا له من جهة أخرى.
وتابعت أن هذا الموقف المفارق يتماشى مع طغيان بدعوى مواجهة طغيان آخر، وفي مفاضلته بين استبدادين متعاضدين، حتى لو اختلفا على الجزئيات، والتفريق بين الاحتلال العنصري والطغيان الأكثر عنصرية يضعفان قضية الطرفين الواقعين تحت الظلم.
واختتمت الصحيفة بالقول: إن وظيفتي النظام الاستيطاني الإسرائيلي والنظام الســوري “الأقلّوي” تتناظران في امتلاك آلة قمع كبيرة تعمل على اختلال المجتمعات العربية والإسلامية وتجزيئها وتفتيتها وتهشيمها بشكل يمنع أية آلية تحرر تفضي إلى تغيير هذه المعادلة القيامية التي تبشر بجماعات متقاتلة وطوائف ومذاهب وإثنيات غير قابلة للتعايش في مجتمعات عصرية.