سوريا تمر الآن بأسوأ مرحلة في تاريخها الحديث، فهي لم تشهد دمارا وقتلا وتشريدا بهذا الحجم من قبل، ولم يُقتل من أبنائها طيلة الحروب التي خاضتها خلال قرون بحجم ما قُتل في الأربع سنوات الأخيرة، وتعيش حالة استثنائية من الموت والخراب والتشرذم المجتمعي والانهيار الصحي والاقتصادي والهجرة الداخلية واللجوء الخارجي، مع عجز داخلي ودولي لحل الأزمة الكارثية، واعتبر العودات أنه وسط كل هذا الدمار شبه المميت، من العقم التفكير بأن النظام سيقدّم أي أمل للسوريين بغد أفضل، أو أنه سيُفكر بمستقبلهم، ومن الصعوبة بمكان تخيّل أنه سيتجاوب مع رغبات الشعب، منوها إلى أن شريعة البقاء هي الإستراتيجية الوحيدة التي يسير عليها، ولفت العودات إلى أن الكثير من قوى المعارضة طرحت خططا لمستقبل سوريا وآليات للحكم ووصفا وبرامج، لكنها ركّزت على ما بعد سقوط النظام ولم تضع سيناريوهات أو حلولا ومخارج لكيفية وآليات إسقاطه، وقفزت مباشرة إلى زمن تال مفترضة أن النظام سقط وانتصرت المعارضة واستلمت زمام الحكم وحدها وبدأت بترميم وبناء الدولة وفق ما تريد وحسب تفصيلها، واعتبر العودات أن كل ما تم التخطيط له ودراسته كان حبرا على ورق وسيبقى كذلك طالما أن الحرب لم تضع أوزارها، وطالما أن سقوط النظام أمر غير معروف زمنه ولا الظرف الذي سيسقط فيه، ورأى أن الأهم بالنسبة للمعارضة الآن هو وضع خطط لكيفية وآلية إسقاط النظام، خطط لليوم والغد قبل وضع خطط الشهر المقبل، مشددا على أن هناك خشية مشروعة من أن تتحول الثورة السورية إلى تنافس وصراع على توزيع قطعة الجبن، دون أن يبقى للشعب السوري أي شيء يأكله أو حتى يتذوق طعمه، وأن تصبح الثورة ملهاة للبعض وسوقا تباع فيها الأوهام وتُشترى.
صحيفة العرب – باسل العودات