المركز الصحفي السوري
علي الحاج أحمد 22/2/2015
ما أن يسقط البرميل المتفجر من طائرات النظام إلى الأرض وينفجر، حتى تقلع سيارة الإسعاف بعد إطلاق صفارتها لكي يتمَّ فتح الطريق أمامها، لتصل إلى المكان المطلوب، بسرعة كبيرة، حتى أن سيارة الإسعاف تصل إلى مكان القصف قبل أن ينجلي الغبار الناتج عن الإنفجار، ليتم نقل المصابين إلى أقرب مشفى ميداني، لعلاجه وإذا كان وضع المريض حرج تنطلق به سيارة الإسعاف إلى المشافي التركية.
إن المسعفين في سورية يحملون دمهم على كفهم كما يقال، وأخص بالذكر طاقم سيارة الاسعاف، الذي يتحدى قصف النظام العشوائي الذي لايستثني أحداً من القصف، ما أن يتلقى سائق سيارة الإسعاف النداء على جهازه اللاسلكي، حتى ينطلق بأقصى سرعة في وسط الإزدحام الكبير الذي تعج به الطرقات ولكن صوت صفارة الإسعاف، يفتح الطريق ويقوم الناس بالإصطفاف على جانب الطريق، ليمر السائق بسرعة البرق، يريد ان يوصل المصاب الى المستشفى و إلى الطبيب المختص، ليتمَّ إنقاذ الروح البشرية من الموت، إن هذا العمل النبيل الذي يقوم به رجال الإسعاف، لايقل عن عمل كتائب الثوار المقاتلة على الجبهات.
“هاشم” سائق سيارة إسعاف بريف إدلب الجنوبي، لديه من العمر 32 عام، تطوع ليكون مسعفاً للجرحى والمصابين في الجبهات القتالية، من الثوار يقول: “هاشم” بكل تواضع إن مهمتنا التي نقوم بها نحن رجال الإسعاف، لا تقل عن الثوار الذين يقاتلون في الخطوط الأولى على الجبهات، فنحن نكون حيث يكونون، ومهمتنا هي الذهاب حيث لا يذهب الآخرون. ولا أستطيع أن أعبر عن فرحتي عندما أنقذ أحد المصابين من الموت، وطبعاً في النهاية المنقذ هو الله سبحانه وتعالى، ويضيف “هاشم” كثيراً ما نتعرض إلى عمليات إستهداف مباشر من قوات النظام، عند قيامنا بعملنا سواء كان ذلك على الجبهات مع الثوار أو عند إسعافنا للمدنيين الذين تتعرض مدنهم وقراهم للقصف من قبل النظام، لكنني احب عملي، لانني اساعد الناس من خلاله، البعض يبرعون في القتال، اما انا فأقود سيارة اسعاف وأنقذ حياة الناس.
وفي تقرير لمنظمة أطباء بلا حدود الخيرية يقول “إن القوات السورية تستهدف المسعفين والأطباء الذين يعالجون المصابين في النزاع المستمر في سوريا”
إن قوات الأسد تستهدف المسعفين، مع سبق الإصرار والترصد، وهو ما يعتبر جريمة حرب بناءً على اتفاقية جنيف، التي تنص على حق جرحى الحروب والصراعات المسلحة في تلقي العلاج الطبي، وعلى حق أفراد الطاقم الطبي في تقديم خدماتهم بأمن وسلام، ولكن بعد مرور أكثر من 150 عاماً على التصديق على هذه المعاهدة، وقبولها من دول العالم قاطبة، لا زالت بنودها تنتهك بشكل منتظم متكرر في سوريا، والمؤسف في هذا الوضع، وبخلاف وجود نمط من عدم احترام الخدمات الطبية في زمن الحرب والصراع المسلح، أن مثل هذا السلوك المشين أصبح لا يلقى الكثير من الاهتمام من قبل الحكومات، أو منظمات المجتمع الدولي، أو حتى عامة الناس، فقبل سنوات قليلة مضت، كان الوضع مختلفاً إذا ما قصفت سيارة إسعاف، أو هوجم مستشفى من قبل مسلحين، أو تم اعتقال أطباء أو ممرضات، حيث كان المجتمع الدولي برمته يستنكر مثل هذه الأفعال، ولكن الآن لا توجد أي ردة فعل تذكر.