” الشرق الاوسط”
أحصى مقتل 350 عنصرا بينهم قياديون اختبروا الحرب مع إسرائيل
أظهر مسار تشييع «حزب الله» اللبناني لعناصره وقيادييه الذين قضوا في المعارك بسوريا، أن مشاركته في القتال إلى جانب النظام السوري ضد معارضيه بدأت تستنزف قياديي الحزب الكبار الذين قُتل منهم أربعة على الأقل، أولهم محمد ناصيف شمص (أبو العباس) الذي قضى في ربيع عام 2013 في معارك ريف القصير بريف حمص، وكان آخرهم القيادي فوزي أيوب، الذي يحمل لقب «أبو عباس» أيضا، وقتل أثناء توجهه للقتال في حلب، على ما ذكرت مصادر سورية معارضة.
وخسر «حزب الله» منذ انخراطه في الحرب السورية إلى جانب نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ما يزيد على 350 قتيلا، برزت بينهم أسماء أربعة قياديين، هم شمص، والقيادي حسن مرعي الذي شيعه حزب الله في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أثناء تنظيم مسيرات في ذكرى عاشوراء، بمشاركة رئيس كتلة «حزب الله» في البرلمان اللبناني (الوفاء للمقاومة) النائب محمد رعد، والمسؤول في الإعلام الحربي التابع لـ«حزب الله» محمد منتش الذي قضى في معلولا في أبريل (نيسان) الماضي، إضافة إلى القيادي فوزي أيوب الذي وصفته وسائل إعلام عالمية بأنه مطلوب على لائحة مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي.
ولم يعلن «حزب الله» ظروف مقتل أيوب، وهو من أبرز قياديي «حزب الله» الذين قضوا في المعركة بسوريا، كما لم يحدد طبيعة مهامه العسكرية أو الأمنية في الحزب. لكن سيرته التي كشف عنها «حزب الله» تؤكد أنه شخصية قيادية من الطراز الرفيع، وأنه كان معتقلا لدى إسرائيل، وأفرج عنه ضمن صفقة تبادل بين الحزب وإسرائيل عام 2003، برعاية ألمانية.
وأيوب كان معتقلا لدى إسرائيل منذ عام 2002، حين ألقت وحدات إسرائيلية القبض عليه داخل الضفة الغربية، بتهمة تدريب مقاتلين عسكريين فلسطينيين على التخطيط لعمليات وتحضير العبوات. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنه قائد عسكري رفيع بـ«حزب الله»، و«كان يعمل قبل اعتقاله في الوحدة التي شكلها عماد مغنية لتقديم المساعدة العسكرية للفلسطينيين»، بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» التي أشارت إلى أنه «كان له دور في تدريب المنظمات الفلسطينية بالضفة الغربية على التخطيط للهجمات وصنع العبوات». واستمرت السلطات الإسرائيلية باعتقاله أكثر من عام، إلى حين الإفراج عنه ضمن صفقة تبادل كبرى بين الحزب وإسرائيل، أفرج خلالها عن القياديين في حزب الله مصطفى الديراني والشيخ عبد الكريم عبيد، بالإضافة إلى معتقلين آخرين.
وأظهرت تقارير أخرى أن أيوب كان له دور أمني في الحزب، وكان مطلوبا من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي الـFBI بصفته «إرهابيا»، وأن اسمه مدرج على قائمة «أخطر الإرهابيين في الولايات المتحدة». وذكرت وثيقة صادرة عن «إف بي آي» أن أيوب متهم باستخدامه جواز سفر أميركيا مزوّرا ليستطيع من خلاله الدخول إلى إسرائيل بهدف زرع قنبلة داخل الأراضي الإسرائيلية بتخطيط من «حزب الله»، مشيرة إلى أنه «استخدم العديد من الأسماء المزورة بهدف تنفيذ أعمال ومخططات إرهابية تخريبية».
وفيما تحفظ «حزب الله» عن ذكر تفاصيل مقتل أيوب، والاكتفاء بالقول إنه قضى «أثناء قيامه بواجبه الجهادي»، ذكرت مصادر المعارضة السورية أنه قضى في معارك حلب، بينما قال آخرون إنه «تعرض لكمين أثناء توجهه للمشاركة بالقتال في حلب».
وتبرز صور بعض قياديي «حزب الله» الذي قضوا في سوريا تقدمهم بالعمر، مما يشير إلى أن معظمهم اختبر القتال مع إسرائيل، وهو ما يراه مراقبون «استنزافا لكوادر الحزب البشرية داخل الأراضي السورية». ويرى هؤلاء أن «(حزب الله)، مقابل خسارته قياديين عسكريين بارزين يعدون من المخططين في العمليات العسكرية»، فإن المنخرطين الجدد في الحزب، «يكتسبون مهارات قتال حية في الميدان السوري».
وكان قيادي آخر في «حزب الله»، هو محمد منتش، قضى في نيسان (أبريل) الماضي، في كمين تعرض له فريق إعلامي تابع للحزب في معلولا أثناء استعادة القوات الحكومية السورية السيطرة عليها، وقضى فيه أيضا مراسل تلفزيون «المنار» حمزة الحاج حسن، والتقني حليم علو. وكان منتش مسؤول الإعلام الحربي التابع لـ«حزب الله» في منطقة القلمون السورية، علما بأنه كان قياديا في هذا القسم العسكري بالحزب، منذ أيام الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان.
واكتفت مواقع إلكترونية تابعة لحزب الله بالتعريف عنه بأنه انتسب إلى الحزب في الثمانينات، وكان خضع لعدة «دورات جهادية وإدارية في المقاومة، وشارك في عدة عمليات عسكرية ضد العدو الإسرائيلي قبل التحرير، وحاز عدة تنويهات من الأمين العام لـ(حزب الله) حسن نصر الله». لكن مصادر مقربة من الحزب قالت إن منتش كان قياديا عسكريا بارزا في حرب يوليو (تموز) 2006، بين لبنان وإسرائيل، حيث كان مسؤولا عن قطاع عسكري، فضلا عن توثيقه الحرب إعلاميا لصالح قسم الإعلام الحربي في الحزب.
وجاء مقتل منتش بعد ستة أشهر من مقتل القيادي في الحزب حسن مرعي الذي كشف اهتمام «حزب الله» بتشييعه أنه كان يتمتع بصفات قيادية كبيرة في الحزب، من غير الإعلان عنها. وخلال مسيرة نظمها الحزب لإحياء مراسم عاشوراء في النبطية، تصدر نعش مرعي جموع المشاركين، حيث ألقى رئيس كتلة «حزب الله» في البرلمان محمد رعد كلمة، قبل تشييع مرعي في قريته في اليوم التالي.
إلى جانب القياديين الثلاثة، كان محمد ناصيف الملقب بـ«أبو العباس» أول القياديين البارزين في الحزب الذي يقتلون في سوريا. وتحدثت مصادر متقاطعة، في ذلك الوقت، عن أن أبو عباس «كان يشغل منصب القائد التنظيمي لعمليات (حزب الله) في الداخل السوري ويعمل على تنسيق العلاقة مع الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد في ما خص أنشطة (حزب الله) في الداخل السوري».
وإلى جانب استنزاف القياديين، فإن عددا كبيرا من مقاتلي الحزب ، يناهز الـ350 قتيلا، قضوا في المعركة بسوريا بحسب مصادر لبنانية مواكبة، على الرغم من أن المرصد السوري لحقوق الإنسان ذكر في آخر إحصائية أصدرها في 19 مايو (أيار) الماضي أن عدد قتلى الحزب بلغ 438 قتيلا. وكان لافتا مقتل أشقاء من عائلة واحدة، مثل الشقيقين رضوان وعلي قاسم العطار اللذين قضيا في ريف دمشق، وشُيّعا في بلدة شعث في بعلبك (شرق لبنان).