عندما يصبح المراهقون أداة لدى النظام السوري للترويج لأعماله الخبيثة، وقتل الطفولة والبراءة داخلهم، وتحطيمهم نفسياً واجتماعياً وجسدياً من خلال السعي لبث الفساد بينهم، فهي سياسة جديدة لجأ إليها النظام السوري وشبيحته بعد فشلهم في إخماد الثورة بين الشباب، فكان لا بد من السعي لمحاربة ثورتهم وإظهارها على أنها سبب في المشكلات التي تحدث في المجتمع، من خلال إضعاف نفوسهم وتحطيم أخلاقياتهم والترويج للمخدرات.
فهذا أحمد ابن الثمانية عشر ربيعاً ، واحدُ من ضحايا المخدرات، التي باتت في ظل الثورة تجارة رابحة لشبيحة النظام المدعومين من سياسيين في الدولة لتغطية أعمالهم والتي الهدف الأساسي منها إضعاف الشباب والسيطرة عليهم، ومن جهة أخرى إظهار الثورة على أنها سبب في الفساد، فقد بدأت رحلة أحمد مع التعاطي ومن ثم الترويج لها، عندما كان في حلب في إحدى المناطق التابعة للنظام، وذلك من خلال شاب عشريني يدعى علي كان يقوم بإعطائه هو وأصدقائه نوع من الحبوب على أنها حبوب للصداع، ولكن مرة تلو الاخرى أصبح يعتاد عليها ويطلبها بشدة ، وقد كان ينفق كل مصروفه على شراء الحبوب ، وهي عبارة عن منشطات الامفيتامينية، وبعد ذلك عرض علي على أحمد أن يعطيه الحبوب بالمجان مقابل الترويج لها ولمادة الحشيش ، وأصبح أحمد يروج لها بين أصدقائه و طلاب المدارس في المرحلة الثانوية.
لم يبق أحمد في سوريا ولكنه انتقل إلى إحدى دول الجوار ، في حركة لتوسيع النشاط ونشر المخدرات بين اللاجئين السوريين في الخارج، حيث انتسب إلى أحد المدارس ، وتابع عمله بالترويج بين طلاب المدرسة وحتى خارجها، حيث كانت المواد تصل إليه من سوريا بطرق ما.
ولم يقتصر بيعه لها على الشباب بل أيضاً شملت تجارته الفتيات، حيث كان يدخل في علاقة مع أحد الفتيات ويعطيها من هذه المواد، حتى يصبح عندها أيضاً ادمان عليه.
إلا أن أمره قد اكتشف من قبل إدارة المدرسة وقاموا بطرده منها، ولكن دون أي تدخل أمني حرصاً على سمعة المدرسة، وقد نقل أحمد بين عدة مدارس قبل أن تقدم شكوى ضده، ليتم بعدها ترحيله إلى سوريا، دون أي معرفة عن وضع الشباب الذين تم الترويج لهم وما حل بهم. ولعل ما هو شبه مؤكد أنه لايزال يتابع عمله في الداخل الآن في ظل غياب الرقابة، وعلى العكس تماماً بغطاء أمني محكم .
في ظل غياب الأمان ، تظهر رغبة النظام السوري في توجيه الأنظار إلى الفساد والتركيز على تعزيزه بين المواطنين لطمس العيون عن جرائمه وأفعاله، فاليوم بات النظام يظهر نفسه على أنه المخلص للشعب والبطل الذي يكافح الفساد ويخمد الحروب ويسعى للمقاومة والصمود برغم من كل ما يجري، فهو بذلك كمن يستغبي الشعوب، فلم تعد سياسته خفية على أحد، والدور الذي يلعبه بات واضحاً على مرأى الجميع .
فقد عاد النظام إلى إطلاق يده على الحدود مع لبنان، حيث افتعلها كفوضى بعد رفض الشعب لنظامه الحاكم ، وذلك بالتعاون مع عناصر حزب الله الذين بدورهم مكنوا الوجود السوري في لبنان ، والذي لعب دوراً في عودة زراعة الأفيون والحشيش في الأراضي اللبنانية، حيث عاد ضباط الجيش و الاستخبارات السورية يتولون حماية الحشيش ، بدءاً من زراعته وحتى وصوله إلى الأسواق ، وذلك مقابل حصولهم على نسبة منه.
وقد استعين بالشبيحة والمحكومين والمساجين للسيطرة على البلاد بالقوة ، والترويج لتجارة المخدرات، فقد كان أبو عبدو وهو ضابط في جيش النظام السوري على الحدود السورية اللبنانية يقوم بالتعاون مع بعض الشبيحة لإيصال الحشيش والحبوب المخدرة من البقاع الى سوريا ومناطق دمشق و التل وحرستا ودرعا والتي يتم بيعها من خلال اشخاص مباشرين معروفين كأبوعمار اليابوسي و كسار اللذين بدورهما يقومان ببيعها او الترويج لها في مناطق تواجدهم بالتل وحرستا ، حيث يتم تمريرهم عبر حواجز النظام ضمن تعاون منظم بينهم.
فالنظام يدعي انه يكافح المخدرات ولكن شهادات تؤكد ان الترويج من داخل النظام نفسه، حيث أنه على الرغم من محاولته نشر إحصائيات وأعداد بضبط المخدرات، وإلقاء القبض على متعاطين (( والتي كما هو معروف أحد الاتهامات التي اعتاد النظام تلفيقها ضد معارضيه لزجهم بالسجون))، إلا أن هنالك العديد من الاشارات أن التجمعات المؤيدة التي تنظمها الحكومة، سواءً عند المسيرات أو الانتخابات، هي بحق بؤر فساد بما تتضمنه من تعاطي مخدرات او بيع له، وبذلك يسعى إلى تجميد العقول وحشوها بالسموم، جاعلاً الشعب تابعاً له.
وفي النهاية وفي ظل الحرب النفسية التي باتت هي المركز الأكبر للاهتمام لدى النظام، وفي ظل سعيه لطمس شخصية الأفراد لابد من توعية الشباب عبر وسائل الأعلام والصفحات الالكترونية، والمحاضرات التوعوية، وأخذ شهادات حية للحد من الانسياق اللاواعي لهذه الآفات، والتنبيه إلى أخطارها على الفرد قبل المجتمع، فالمجتمع الآن بحاجة لمن يبنيه وينهض به، لكن مع استمرار هذه الآفة لن يكون هنالك مستقبل يبنى ولن تكون هنالك حياة لهؤلاء لكي يعيشوها، كما أنه يجب إقامة مراكز مختصة لمعالجة المدمنين والرعاية بهم من خلال برامج خاصة ومنظمة ومدروسة.
المركز الصحفي السوري ـ باريزان اليوسف