جنيف– بعد انهيارها السريع قبل شهر فقط، استؤنفت المفاوضات الرامية إلى إنهاء الحرب الأهلية في سوريا يوم الاثنين وسط وقف جزئي لإطلاق النار خفض من مستوى العنف ولكنه ترك المجال مفتوحا للقوات السورية وحلفائها لشن هجمات معينة.
أشاد المبعوث الأممي إلى سوريا، ستافان دي مستورا، بما وصفه بأنه أكبر دعم دولي بذل من أجل إنهاء الصراع، بما في ذلك الهدنة الهشة التي توسطت بها كل من الولايات المتحدة وروسيا التي شرع في تطبيقها قبل أسبوعين من الآن.
قال المبعوث الدولي للصحفيين في مقر الأمم المتحدة في جنيف :” هذه المحادثات مطلوبة من أصحاب المصالح الدوليين”.
ولكنه حذر من اندلاع عنف أكبر في حال فشلت المفاوضات، قائلا إن “الخطة البديلة الوحيدة المتوفرة حاليا هي العودة إلى الحرب، وحتى إلى حرب أكثر سوء مما شهدناه إلى الآن”.
التقى المبعوث الأممي بوفد الحكومة السورية لأكثر من ساعة بعد زيارة قام بها لممثلي المعارضة السورية مساء يوم الأحد.
لا زال الطرفان مختلفان تماما، ولا زالت احتمالات حصول تقدم ضئيلة جدا بسبب الخلافات حيال مصير الرئيس السوري بشار الأسد في المرحلة الانتقالية.
استؤنفت المفاوضات قبل يوم من ذكرى الانتفاضة السورية، التي بدأت كثورة سلمية من ثورات الربيع العربي ولكنها تحولت إلى حرب أهلية متوحشة أدت إلى مقتل أكثر من 250000 شخص وخلفت أزمة لاجئين كبرى وغذت صعود المتطرفين مثل الدولة الإسلامية وذراع القاعدة في سوريا.
ومع استنزاف القوات الحكومة وقوات المعارضة بعد أكثر من 4 سنوات من الحرب المفتوحة، يبدو أن داعميهم الدوليين – روسيا والولايات المتحدة- أصبح لديهم مصالح أكبر في صياغة حل دبلوماسي.
تدعم موسكو الأسد بينما تدعم واشنطن المعارضة، ولكنهم مع ذلك توسطوا في اتفاق وقف إطلاق النار الهش الذي بدأ في 27 فبراير وشجع حلفاءهم على العودة إلى جنيف.
بموجب الاتفاق، فإن في وسع سوريا وداعميها استهداف الجماعات التي لا تعد طرفا من الاتفاق. تدعي فصائل المعارضة التي تحظى بدعم غربي بأنهم يتعرضون للغارات منذ تطبيق وقف إطلاق النار.
قال جوشوا لانديز، الخبير في الشأن السوري ومدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما :” تم التفاوض على الهدنة ما بين روسيا والولايات المتحدة وليس بين الأطراف السورية المختلفة. ونجاحها يوضح مدى استنزاف جميع الأطراف”.
قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن مستوى العنف انخفض إلى حوالي 80 إلى 90% بسبب اتفاق وقف إطلاق النار، إلا أن المسئولين الأمريكان قلقون من أن معظم الخروقات ارتكبتها قوات الحكومة السورية وحلفائهم الإيرانيين وحزب الله على الأرض.
المسلحون القادمون من إيران وحزب الله اشتركوا جميعا في هجمات برية لصالح الحكومة السورية بدعم من الضربات الجوية الروسية، التي تدخلت عسكريا في الصراع في سبتمبر الماضي.
الاحباط بسبب عدم قدرة روسيا أو عدم الرغبة في كبح جماح قوات الأسد قاد كيري يوم الأحد إلى تذكير روسيا وإيران علنا إلى أنهم “يتحملوا مسئولية القوات التي يسيطرون عليها .. ولهذا فإن بوتين، الذي استثمر كثيرا في دعم الأسد يجب أن يشعر بقلق إلى حد ما”.
وأضاف خلال زيارة إلى باريس :” إنها لحظة الحقيقة. اللحظة التي وافقنا كلنا فيها على أن نكون مسئولين”.
كما أثار بيان صدر يوم السبت عن وزير الخارجية السوري وليد المعلم غضب الولايات المتحدة. حيث أكد المعلم خلاله مشاركة الحكومة في المحادثات، ولكنه قال إن أي محاولة من قبل المعارضة لنقاش مستقبل الأسد هو “خط أحمر” بالنسبة لدمشق. وأن وفد الحكومة سوف يرفض أي محاولة لوضع ذلك على جدول الأعمال.
في حين أن الاتفاق الدولي التي تجري المفاوضات وفقا له لم يذكر الأسد بصورة محددة، إلا أنه يشير إلى تشكيل حكومة انتقالية بسلطات تنفيذية كاملة لحكم سوريا إضافة إلى كتابة دستور جديد والترتيب للانتخابات. قالت المعارضة مرارا إنها تطمح أن تنص الاتفاقية إلى عدم وجود مكان للأسد في الحكومة الانتقالية.
إدارة أوباما، وفي حين أنها تصر على أن التوصل إلى سلام أمر مستحيل طالما أن الأسد لا زال في السلطة، إلا أنها تتجنب التصريح بأن المحادثات يجب أن تتمحور حول مستقبله.
ولكن بدا كيري يوم الاثنين أكثر قربا لموقف المعارضة. حيث قال :” أرسل الأسد وزير خارجيته من أجل التخريب والتهرب من التزامات تعهد بها كل من بوتين وإيران” من خلال توقيع الاتفاق.
قال كيري إنه على اتصال مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف وأن ممثلي الولايات المتحدة وروسيا التقوا نهاية هذا الأسبوع في كل من جنيف وعمان، حيث تدير الولايات المتحدة مركزا لرصد انتهاكات وقف إطلاق النار.
خفضت روسيا بصورة ملحوظة ضرباتها الجوية ضد مقاتلي المعارضة والمدنيين في الأسابيع الأخيرة، وفقا لمسئولين في الإدارة، وصعدت من ضرباتها ضد الدولة الإسلامية. من جانبها التزمت جماعات المعارضة التي وقعت على اتفاق وقف إطلاق النار ببنوده.
ولكن قوات الحكومة السورية، إضافة إلى استمرار استخدام البراميل المتفجرة، شنت عمليات برية ضد المناطق التي تسيطر عليها المعارضة حول دمشق وفي محافظة اللاذقية في جهد واضح لإعادة السيطرة على الأراضي التي فقدتها.
مركز الشرق العربي