كالمجرم الذي يحوم حول مكان جريمته يتمعن ما اقترفت يداه ويشعر بنشوة السادي بما تركه من أذى وإجرام بحق العباد والبلاد.
هكذا بكل خسة يعود رأس النظام لحلب بعد سنين من التدمير الممنهج والاذلال لشعبها وحرمانه من أبسط حقوقه في الحياة، يعود بشار الأسد لزيارة حلب في يوم الحج الأكبر في موعد ينشغل فيه المسلمون بالدعاء والعبادة واقتناص فرصة التقرب لله، ليقتنص هو اللقطة ويظهر إلى جانب أتباعه وموظفيه يدشن المحطة الحرارية التي سيكون لحلب حصة صغيرة منها، وهي التي عاشت على مدى ثمان سنوات منذ احتلال أحيائها الشرقية في معاناة من انقطاع الكهرباء وتحكم “الشبيحة” وأثرياء الحرب.
لا يكتفي رأس النظام باستفزاز أهل حلب بزيارته بل بانتقائه أماكن الزيارة، فقد زار المدينة القديمة والجامع الأموي وهي إشارة تحمل في طياتها الكثير من الوضاعة، فالمدينة القديمة والجامع كان لهما نصيب الأسد من التدمير والقصف بالطائرات والمدفعية، حتى سوى أحياء كاملة بها بالأرض وأسقط مئذنة الجامع الكبير وهدم جزء منه.
ولمن لا يزال يكابر ويقول بأن التدمير كان بفعل “العصابات الإرهابية ” أقول له إن تلك المنطقة كانت بيد الثوار والقصف والتدمير كان يأتي من خارجها، إلى جانب أن كل المآذن في المناطق المحررة نالت نصيباً من التدمير المستهدف.
ومقارنة بسيطة بين حال المآذن في المناطق التي كان يسيطر عليها النظام وبين المآذن في المناطق التي كانت تسيطر عليها قوى الثورة، تظهر بوضوح تعمّد النظام استهداف المساجد التي يحاول اليوم أن يستثمر ظهوره فيها سواء الجامع الكبير أو جامع عبد الله بن عباس حيث أدى “صلاة العيد”.
كيف لمن يدمر المساجد ويسعى في خرابها أن يدخلها إلا خائفاً متوجساً كحال بشار الذي تحيط به حاشيته المتنكرة بهيئة مواطنين عاديين، وهو أمر يعرفه الصغير قبل الكبير في سوريا الدولة التي تحكمها العصابة الأمنية بامتياز، والتي لا يمكن أن يسمح بالاقتراب من رأس النظام إلا في مسرحية معدة سلفاً أبطالها المساعد “بوعلي ” جوية التي يظهر إما كرجل بسيط يستعطف الرئيس لينال صورة معه أو كرجل دين بعمامة أكبر من نفاقه وكذبه.
السوريون في الخارج وخاصة الحلبية منهم ينظرون بحسرة إلى ما آلت إليه مدينتهم التاريخية من الدمار والخراب والتجاهل المتعمد من النظام، ومحاولته الدؤوبة لتغيير بنيتها الديمغرافية لحساب وافدين طائفيين موالين لإيران، لكنهم على عهد الثورة باقون يعملون وينجحون في مغتربهم ويحققون الإنجازات التي يشهد لها القاصي والداني في انتظار لحظة العودة التي ستكون عيد نصر وفتح قريب بإذن الله.
محمد الحلبي/ مقال رأي
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع