غابت مؤسسات الدولة عن المناطق المحررة بعد تحريرها, ومضى على الثورة أكثر من خمسة أعوام, عانت فيها المناطق المحررة من حالة صعبة من انعدام الخدمات, وتدمير البنى التحتية بشكل ممنهج من قبل قوات النظام؛ بغية تركيع الثورة في تلك المناطق التي خرجت عن سيطرتها.
وفي سبيلها الى إيجاد بديل عن مؤسسات الدولة, اتجهت التشكيلات المدنية المتشكلة عقب التحرير ممثلة بالمجالس المحلية بشكل كبير الى إعادة تقويم وإعمار ما يمكن إعماره من مؤسسات وبنى تحتية, فكان من ثمرات ذلك الاتجاه, الشراكات والتعاون مع منظمات إنسانية ومدنية مهتمة بالوضع في المناطق المحررة, حيث يقوم كل مجلس محلي بتوقيع شراكات أو اتفاقات مع تلك المنظمات, صاحبة التمويل؛ بغية تنفيذ مشروع ما لصالح البلدة التي يتبع لها المجلس المحلي.
من خلال رصد “المركز الصحفي السوري” ومتابعة تلك التوجهات, عن طريقة شبكة مراسليه وتماسه المباشر بالواقع, تجد أن تلك الشراكات بدأت بشكل ملحوظ تحل محل مؤسسات الدولة في سد الثغرة المتشكلة عن غيابها.
من تلك الشراكات المنفذة على أرض الواقع في ريف إدلب, تابع “المركز الصحفي السوري” حملة واسعة في الريف الجنوبي تضمنت عدة خدمات, التقينا نائب رئيس المجلس المحلي في بلدة “معرة حرمة” السيد “إبراهيم زيدان” ليحدثنا عن إحدى تلك الشراكات, فقال: “نحن كجهة مدنية ممثلة بالمجلس المحلي ولغياب مؤسسات الدولة لمدة تزيد عن أربعة الأعوام, قمنا بدراسة مشروع تنظيف الشوارع وترحيل الدمار الناتج عن قصف النظام, وقدمنا الدراسة للمكتب الخدمي التابع للفرقة الشمالية, فتمت الموافقة على المشروع وبدأ العمل فيه”.
وقد أكد السيد زيدان “أن مثل تلك الأعمال ستساعدنا كمجلس محلي في زيادة الوعي لدى السكان وزيادة التعاون بينهم وبين المجلس”.
في مدينة كفرنبل أيضا تجد ذلك التعاون واضحاً من خلال عدة أعمال خدمية بإشراف المجلس المحلي بالتعاون مع عدة منظمات.
وقد أكد بدوره السيد “موسى” أحد أصحاب المحلات التجارية في مدينة كفرنبل عن ابتهاجه وسروه لذلك بقوله: “هذا الشيء كان لابد أن يتم منذ العام الأول في الثورة بعد تحرير مناطقنا, فكما ترون اليوم كيف أن الشوارع يتم تنظيفها, ويتم جمع القمامة, وكذلك إنارة الشوارع بالطاقة الشمسية, وهذا ما يحتاجه المواطن في مناطقنا”.
يضيف السيد “منذر الشيخ” المهندس المسؤول في المجلس المحلي لبلدة حاس إحدى قرى ريف إدلب أن “المجلس وقع عقد تعاون مع إحدى المنظمات, تضمن العقد تنفيذ مشروع إنارة الشوارع بالطاقة الشمسية ب 260مئتان وستون خلية شمسية, وقد بدأ العمل بالمشروع, وسيتم تنفيذ المشروع نفسه في كل من بلدة ترملا ومعرة حرمة أيضاً.
وقد نوه المهندس منذر إلى أن المنظمة نفسها كانت نفذت مشروع إعادة ترميم الطرق وتعبيدها، في فترة سابقة في بلدة حاس وعدة بلدات أخرى بالتعاون مع المجالس المحلية”.
“محمد الشيخ نجيب 28عاما” من ريف إدلب يقول لنا: “الحمد لله أصبح في مناطقنا ما يعوضنا عن غياب مؤسسات النظام, فبالنسبة لبلدتي, كما ترون تم إنارة الطرق, وتعبيدها, وإعادة ضخ مياه الشرب, وافتتاح مشفى خيري, وأتوقع أن الأمر هكذا بدأ يتسع شيئا فشيئاً في كافة مناطقنا المحررة”.
اليوم يلاحظ المتتبع للأوضاع الداخلية على الصعيد الخدمي والمدني أن القطاع العام بدأ يتبلور ويقف على قدميه, مع العلم أن التمويل لايزال منخفضاً ولا يكفي لسد احتياجات القطاع العام بكافة مجالاته, كما أن القطاع العام لايزال غير مستقل ماليا بشكل تام, وإنما يعتمد على المنظمات الإنسانية في تمويل المشروعات التي يقدم على تنفيذها.
إيهاب البكور- المركز الصحفي السوري