ألهذا الدرجة من الحساسية الوطنية تثيره وجود صورة ” الكعبة المشرفة” على صورة بطاقات إلكترونية للمصرف التجاري السوري التابع للنظام، والتي هرعت العديد من منصات التواصل الاجتماعي ووكالات محلية مقربة من النظام للاستنفار والحصول على توضيحات من مدير الدفع الإلكتروني في المصرف التجاري السوري حولها، وصورة الكعبة فيها هي رمز سياحي عام! ماذا لو وجد على البطاقات صورة الكرملين أو صورة الخامنئي؟ وهل صورة الديكتاتور حافظ الأسد وابنه الديكتاتور الوريث بشار الأسد على العملة السورية يعد فسيفساء مريحة للأعصاب وتعبر عن هوية سوريا التاريخية منذ آلاف السنين!
انتشرت صورة لبطاقات المصرف التجاري السوري كانت معتمدة من المصرف في عام 2006 بغرض الساحة إضافة لبطاقات عليها صور للأهرامات وبرج إيفيل الفرنسي استخدم المصرف منها مؤخرا تلك التي عليها صورة الكعبة بسبب ما وصفه مدير الدفع الإلكتروني في المصرف التجاري التابع للنظام وسيم علي لتأخر طباعة بطاقات جديدة بسبب القصف على مرفأ اللاذقية بحسب تصريحات له على إذاعة شام إف إم المقربة من النظام السوري!
الأمر المثير للدهشة حقيقة هو تلك الانتفاضة الشعبية والإعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي ووكالات مقربة من النظام والاعتراضات على وجود صورة الكعبة في مكة المكرمة التي يحكمها آل سعود منذ 100 سنة تقريبا فقط، وهم أول المتهمين من قبل النظام بالمؤامرة على بلد الخيرات والحكم الديمقراطي والرفاهية العالية والعدل في سوريا التي يحكمها آل الأسد، ولأنه كما تعلمون، يحلم المواطن السعودي بالعمل في سوريا والعيش فيها لكثرة الخدمات والتقدم الحضاري الذي تشهده سوريا في ظل حكم البعث العربي الاشتراكي الحاكم، الأمر الذي تفتقره بلد كالسعودية التي تشهد فقرا وأدنى مقومات الرفاهية.
! لم يفكر هؤلاء المعترضون على وجود صورة الكعبة في بطاقات المصرف التجاري السوري أن الكعبة لا ترمز لآل سعود ولا لغيرهم، بل حتى أن الكعبة موجودة قبل النبي محمد بمئات السنين، بناها الخليل إبراهيم وابنه إسماعيل، بأمر من الله كما تقول النصوص والروايات، التي يؤمن بها الكثير من الطوائف الإسلامية في سوريا بما فيهم طائفة رأس النظام السوري التي تحلف يوميا بالله وتقدسه.
كيف يتاح المجال للتفكير بهذه الطريقة والشعب يحتج لأجل رغيف الخبز وساعة كهرباء جعلت حكومته من ذلك حلما صعب المنال، لا يطال إلا على بطاقة ذكية، حتى يتم الاحتجاج على وجود صورة الكعبة التي تشهد مكة وباقي المدن فيها عمرانا عظيما ونموا اقتصاديا يحلم أي سوري بالسفر إليه والحصول على جنسيته والعمل فيه! أم أن صورة الكرملين ستكون أنسب لو وضعت علي بطاقات المصرف ويُسكَتَ عنها، وهو الذي يقف متفرجا من طوابير الخبز والمازوت وإلغاء الدعم عن الأهالي، ويكتفي بدعم بعض قرى القرداحة بكرتونة غذائية فيها القليل من المعكرونة وعلبة زيت بسيارات روسية عسكرية، إضافة لإهانات متكررة لرأس النظام السوري علنا.
صورة الكعبة على البطاقات المصرفية كانت قديمة وموجودة قبل المؤامرة على نظام بشار الأسد الذي حقق رفاهية هائلة وعمرانا ملحوظا في سوريا غارت منه السعودية وتآمرت عليه لمنافسته إياها، وأكد وجودها مدير الدفع الإلكتروني في المصرف، وهذه الصورة رمز سياحي، لا غير، فلا تخافوا على رغيف الخبز والكهرباء الوفيرة التي حرمتكم منه هذه الصورة وتسببت بقطع الدعم الحكومي عنكم وسط عجز النظام عن مقاومة الصورة هذه ومحوها.
وظهر من خلال هذه الحادثة الغسيل الدماغي الناجح الذي رسمه النظام السوري لحاضنته الباقية في إشارات لنظرية المؤامرة السعودية والأمريكية ، ولكن ألا ترى تلك الحاضنة كيف يصعب النظام عليهم الحصول على رغيف الخبز وكبت كل صوت ينادي برغيف زائد؟!
مقال رأي/ محمد إسماعيل
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع