لا تزال مقترحات الحكومة السويدية لتشديد قوانين اللجوء تثير جدلا واسعا وسط الرأي العام، وتباينت بشأنها الآراء بين مؤيد ومعارض لإقفال باب اللجوء، لكن هناك شبه إجماع سياسي وقناعة عند أغلبية القوى الحزبية على أنه لم يعد بالإمكان للسويد استقبال المزيد من طالبي اللجوء.
ومن المتوقع أن يصادق البرلمان بأغلبية أعضائه مطلع العام المقبل على مشروع قانون اللجوء الجديد الذي وصفه مراقبون “بالبراغماتي”، في محاولة لتعويم استرضاء حكومة ستيفان لوفين -التي تسيطر عليها أحزاب يسار الوسط- لأحزاب المعارضة البرجوازية.
اليمين المتطرف ينتصر
لم تكن المقترحات الحكومية لتشديد قواعد اللجوء في مستوى آمال أحزاب فاعلة كحزب المعتدلين -وهو أكبر أحزاب يمين الوسط- الذي رأت رئيسته آنا كينبيرج أنها خطوة جاءت ناقصة ومتأخرة.
واعتبر قادة حزب أقصى اليمين المتطرف الديمقراطي السويدي -الذي يسيطر اليوم على توازن القوى داخل البرلمان- في تصريحات لهم أن القوانين الجديدة تشكل انتصارا لسياستهم المتطرفة.
وذهب رئيس الحزب جيمي أوكيسون إلى حد المطالبة بسحب الإقامات الدائمة من اللاجئين وطردهم من البلاد، كما طالب الحزب الحكومة بالإسراع في عمليات الترحيل لمن رفضت طلبات لجوئهم.
من جهته، قال وزير العدل والهجرة السويدي مورغون جوهانسون إنه لم يكن للاتحاد الأوروبي ولا حتى للأحزاب اليمينية المتطرفة أي دور مؤثر على الحكومة السويدية. ونفى في حديث للجزيرة نت وجود تعارض مع شرعة القوانين الدولية أو حتى مع التوجه الأوروبي في هذا الإطار.
وأشار جوهانسون إلى أن لدى أكثرية الأحزاب والقوى السياسية بما فيها المشاركة في الحكومة قناعة بأن نظام اللجوء السويدي يحتاج إلى فترة نقاهة، لافتا إلى أن الرأي العام باتت لديه القناعة ذاتها.
وأعرب الوزير عن أمله في حصول تغيير بالسياسات الأوروبية نحو نظام للجوء تتقاسم دول الاتحاد فيه المسؤولية تجاه أزمة اللاجئين، وقال إن “التغيير الحاصل في السويد ما هو إلا إشارة واضحة لدول الاتحاد الأخرى للبدء بتحمل المسؤولية”.
منظمات تنتقد
ويتضمن قانون اللجوء المقترح منح تصاريح إقامة مؤقتة لمدة سنة واحدة وإلغاء حق اللاجئ بطلب لم شمل العائلة، فضلا عن تخفيض قيمة المعونات المادية وإلغاء العديد من الخدمات التي كانت الممنوحة سابقا، كما شملت سلة التعديلات إجراءات احترازية كإضافة صورة طالب اللجوء على بطاقة التسجيل والتدقيق في هويات المسافرين بمختلف وسائل النقل العام.
وانتقد خبراء قانونيون الإجراءات الجديدة على الرغم من أنها تتماشى جزئيا مع الحد الأدنى من الشروط التي تفرضها الاتفاقيات الدولية المتعلقة باللجوء وقوانين الاتحاد الأوروبي، ولا سيما اتفاقية دبلن.
وفي السياق نفسه، عبرت منظمات حقوقية كمنظمة العفو الدولية (آمنستي) عن خشيتها من أن تؤدي التعديلات الجديدة على قوانين اللجوء إلى نتائج عكسية.
وحذر المحامي فيكتور ماتسون من أن الاقتراحات المتعلقة بلم الشمل والإبعاد قد تتنج عنها مأساة إنسانية تضاف إلى العديد من المصاعب التي يعانيها اللاجئون، وذكر في تصريح للجزيرة نت بمبدأ عدم جواز الطرد الذي نصت عليه اتفاقية جنيف الرابعة من القانون الدولي الإنساني.
ورأى مراسل وكالة “تومسن رويترز” دانيال ديسكون أن عدم رغبة العديد من دول الاتحاد الأوروبي في قبول المزيد من اللاجئين شكلت عاملا رئيسيا وراء اتخاذ الحكومة السويدية قرارها الحاسم، وقلل في حديث للجزيرة نت من التأثير مباشر للحزب الديمقراطي السويدي على سياسات الحكومة، موضحا في الوقت نفسه أنه من الصعب التكهن بشأن طبيعية النقاش السياسي بدونه.
وقال ديكسون “ما كان يردده قادة الحزب خلال فترة الانتخابات النيابية العام الماضي أصبح اليوم في صلب السياسات الحكومية”، مشيرا إلى التغيير في مواقف حزب الخضر الذي خاض الانتخابات الأخيرة بشعارات تعد بالإبقاء على سياسة الأبواب المفتوحة الى القبول بفرض الرقابة على الحدود واعتماد قوانين أكثر تشددا.