(الفقر والكوليرا) كل ما خرجت به اليمن من الحرب، حيث تعاني مدينة تعزّ شمالي اليمن شللاً في الخدمات الأساسية جراء الحرب والقصف والحصار وتبع ذلك تشرد عشرات الآلاف من سكان المدينة وانهيار القطاعات الخدمية المختلفة، خاصة قطاع الصحة.
انهيار قطاع الصحة أسفر عن تفشي وباء الكوليرا بصورة غير مسبوقة، مع عجز من الحكومة وإهمال من التحالف العربي.
لتشهد الحرب اليمنية حرباً من نوع آخر.. حرب زمن الكوليرا ذاك الواقع المرير الذي تعيشه مدينة تعز في ظل غياب حكومي من التحالف العربي الذي ما يزال حتى الآن يمارس موقف المتفرج الأصم، بينما تغض الكثير من المنظمات الدولية الطرف عن كارثة تلمّ بسكان مدينة لاحول لهم ولا قوة، فالموت يتخطفهم قصفاً وقنصاً وحصاراً وأوبئة فتاكة وكما يقال الكوليرا جاءت لتزيد (الطين بلة).
حيرة باتت واضحة ودمعة تشاهد يومياً بين آلاف المصابين بوباء الكوليرا الأكثر فتكاً بالصحة عالمياً، وكأن الفقر والكوليرا أصبحا حكراً على اليمنيين الذين سقطوا في دائرة الحرب الدموية، فما كان ينقص آلامهم إلا وباء فتاك معّدٍ سريع الانتشار، وسط انشغال أطراف الحرب عنهم.
أعلنت تعزّ مؤخراً أنها مدينة منكوبة صحياً واجتماعياً؛ بسبب الحرب والحصار، حيث لم يكن هنالك جهد من قبل الحكومة وقوات التحالف في جهة الدعم ما يوازي هذا المسمى.
وتشير أحدث الإحصاءات إلى وفاة 175 مصاباً بهذا الوباء بينما بلغ إجمالي حالات الاشتباه بالكوليرا 29 ألف في عموم مديريات تعزّ،
يواجهون قَدرهم في ظروف استثنائية جمعت بين الحرب والحصار والكوليرا، وتتضاعفت المعاناة بإغلاق معظم المستشفيات والمراكز الصحية أبوابها، وهو ما يُلقي بمسؤولية كبيرة على عاتق الحكومة الشرعية ودول التحالف العربي في توفير الدعم وإعادة فتح المستشفيات والمراكز الصحية وتأهيلها وتفعيل الخدمات ومواجهة الأوبئة.
تعزّ التي قاومت الميليشا بإمكانيات محدودة وسلاح قليل، تواجه اليوم جائحة الكوليرا بإمكانيات شحيحة لا تقي ولا تشفي من مرض، حيث دعت وزارة الصحة منظمات الإغاثة وجهات مانحة أخرى إلى مساعدتها للتصدي لهذا المرض لمنع وقوع ما وصفتها بـ “الكارثة غير المسبوقة”.
كما صرحت اللجنة الدولية للصليب الأحمر “إنه يشتبه بإصابة أكثر من 8 آلاف و500 شخص بالمرض في 14 محافظة يمنية” على وجه العموم، وفي ذلك الانتشار الواسع على الأراضي اليمنية يظهر السؤال البديهي جلياً كيف راعى الكوليرا في تفتكه وحدة اليمنيين، إذ وزّع أذاه شمالاً وجنوباً وضرب المدن قبل الأرياف؟.
ولم تستطع المنظمات الدولية المتخصّصة بموجة الكوليرا في أن توحد الجهود للقضاء على الضيف المهدد بالفناء؟ واكتفت بإطلاق التحذيرات من زيادة كبيرة في الوفيات في الأفق المنظور، بحسب الأرقام المرعبة التي تتحدث عن نفسها يومياً.
عوامل عدة ساهمت في تمدد الكوليرا في اليمن، إلا أن أصبحت أخطر حالة يسجلها العالم عن هذا الوباء.. فهل هناك من يسمع أنين اليمني في ظل انشغال الأطراف المتصارعة فيه عن حقهم في الحياة؟.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد