يوم 24 أيلول/سبتمبر 1918، راسلت الحكومة البلغارية الحلفاء طالبة وقف إطلاق النار لإنهاء مشاركتها التي استمرت قرابة 3 سنوات بالحرب العالمية الأولى، لجانب القوى الوسطى، خسرت خلالها مئات آلاف الجنود بين قتيل وجريح. وبعدها بخمسة أيام فقط، وقّعت بلغاريا رسميا يوم 29 من نفس الشهر على هدنة سالونيكا (Salonica) فمهّدت الطريق لمعاهدة نوي سور سين (Neuilly-sur-Seine) التي جاءت لتفرض بنودا قاسية على البلغاريين. وردا على ذلك، راسل الإمبراطور الألماني فيلهلم الثاني نظيره البلغاري الملك فرديناند الأول قائلا “أمر مخز، 62 ألف صربي حددوا مصير الحرب”.
وأثناء عملية توقيع هدنة سالونيكا، حضرت بلغاريا ممثلة بالجنرال إيفان لوكوف (Ivan Lukov) والدبلوماسيين أندري ليابشيف (Andrey Lyapchev) وسيميون راديف (Simeon Radev) بينما تزعّم وفد الحلفاء المارشال الفرنسي وقائد جيش الشرق لويس فرانشي ديسبيراي (Louis Franchet d’Esperey).
وقد أفضت الهدنة بعد نحو عام لمفاوضات أسفرت عن توقيع معاهدة نوي سور سين بفرنسا دفعت من خلالها بلغاريا ثمن مشاركتها لجانب القوى الوسطى بالحرب العالمية الأولى، حيث حملت المعاهدة الموقعة يوم 27 تشرين الثاني/نوفمبر 1919 في طيّاتها بنودا قلّصت من مساحة بلغاريا فأجبرتها على تسليم إقليم تراقيا الغربية للحلفاء لتفقد بذلك منفذها نحو بحر إيجة. أيضا، فقدت بلغاريا جانبا من الأراضي بشرقي البلاد وأجبرت على منحها ليوغوسلافيا حديثة النشأة التي كانت تعرف حينها بمملكة الصرب والكروات والسلوفينيين. وبموجب ذلك، خسرت بلغاريا ما يعادل 10 بالمئة من مساحة أراضيها بسبب هذه الإتفاقية.
إضافة لذلك، وافقت مملكة بلغاريا على إعادة منطقة دبروجة، التي استولت عليها سنة 1918 عقب اتفاقية بوخارست، لرومانيا وتعهدت بإقرار تبادل السكان مع اليونان لإعادة اليونانيين المقيمين على أراضيها لموطنهم واستلام البلغاريين المقيمين باليونان بدلا منهم.
من جهة ثانية، حدّت معاهدة نوي سور سين من القدرات العسكرية لبلغاريا وقلّصت تعداد جيشها لحوالي 20 ألف عسكري فقط كلّفوا بمهمات حفظ الأمن وحراسة الحدود كما أنهت المعاهدة الخدمة بنظام التجنيد الإجباري وحددت كمية الذخيرة التي أنتجتها مصانع الأسلحة وأجبرت البلغاريين على تسليم طائراتهم وقطعهم البحرية وحرّمت عليهم صناعة واستخدام الدبابات والغازات الكيميائية. أيضا، أجبرت بلغاريا على الاعتراف رسميا بمملكة الصرب والكروات والسلوفينيين ودفع تعويضات مالية بلغت قيمتها 100 مليون جنيه أسترليني. وبسبب كل هذه البنود القاسية، لقّب البلغاريون معاهدة نوي سور سين بالكارثة الوطنية الثانية.
بعد مضي نحو أسبوعين فقط عن توقيع البلغاريين على هدنة سالونيكا يوم 29 أيلول/سبتمبر 1918، وجد الألمان أنفسهم وحيدين في مواجهة الحلفاء حيث طلبت إمبراطورية النمسا المجر يوم 14 تشرين الأول/أكتوبر من نفس السنة هدنة من الحلفاء كما لجأ الأتراك للقيام بعمل مماثل خلال اليوم التالي.
نقلا عن: العربية