تواصل القوات العراقية عملياتها العسكرية الاحد في عمق الموصل القديمة التاريخية المدمرة، وتضيق الخناق بشكل كبير على آخر مواقع تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، بعد ثمانية أشهر من بدء أكبر عملية عسكرية تشهدها البلاد.
وبعد ثلاث سنوات من اجتياحه الموصل وجعلها عاصمة “الخلافة” في العراق بحكم الأمر الواقع، لا يسيطر تنظيم “داعش” حاليا سوى على نحو كيلومتر مربع واحد من المدينة، وفق ما يؤكد مسؤولون.
وكان المقدم سلام العبيدي يتحدث من داخل المدينة القديمة المدمرة، على مسافة نحو 50 مترا مما تبقى من منارة الحدباء التاريخية التي فجرها الجهاديون قبل أربعة أيام.
وقال القائد في قوات مكافحة الإرهاب “تم تحرير 65 إلى 70 في المئة من المدينة القديمة، ما زال هناك أقل من كيلومتر مربع للتحرير”.
وقدر العبيدي تواجد “مئات الدواعش” فقط في المدينة القديمة حاليا.
ومساء، أحبطت القوات العراقية هجوما لتنظيم الدولة الإسلامية على أحد الأحياء التي استعادت السيطرة عليها في غرب الموصل، بحسب ما أفاد بيان عسكري.
وقالت قيادة العملية المشتركة العراقية في بيان “حاولت بعض من عناصر داعش التسلل إلى حي التنك” في غرب مدينة الموصل.
وأضافت أن قوات مكافحة الإرهاب “توجهت إلى المكان على الفور (…) وبإسناد من طيران الجيش، حاصرت المكان وقتلت العديد” من مقاتلي التنظيم، مشيرة إلى أنه تمت السيطرة على الموقف وأن عمليات التفتيش متواصلة.
رائحة جثث
المعارك التي تدور حاليا في الموصل القديمة من الأكثر عنفا خلال ثلاث سنوات من الحرب ضد التنظيم المتطرف، وأشار مراسلون صحفيون إلى أن الدمار واسع النطاق، حيث لا تزال بعض المباني قائمة لكنها لم تنج من آثار المعارك.
وقال القائد في قوات مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي في الموصل القديمة “سننهي العملية خلال أيام. النهاية ستكون قريبا جدا، ستستغرق أياما”.
وأظهر مقاتلو التنظيم المتطرف الذين ليس لديهم خيار سوى القتال حتى الموت مقاومة شرسة في الدفاع عن آخر مواقعهم باستخدام المفخخات وقذائف الهاون والانتحاريين والقناصة.
ويحتجز هؤلاء أيضا، ما يقدر بأكثر من مئة ألف مدني كدروع بشرية داخل المدينة.
وبدأت القوات العراقية في 18 حزيران/يونيو عملية اقتحام المدينة القديمة، بعد أكثر من ثمانية أشهر من انطلاق أكبر عملية عسكرية في البلاد منذ سنوات لاستعادة الموصل.
وقد قتل المئات من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية منذ بدء العملية، كما قتل مئات المدنيين.
واضطر أكثر من 800 ألف شخص إلى الفرار من ديارهم، ولا يزال العديد منهم مقيمين في مخيمات مكتظة.
واستعادت القوات العراقية السيطرة على شرق الموصل في كانون الثاني/يناير، مع أضرار محدودة لحقت بالمنازل والبنى التحتية.
وقد عادت الحياة والأعمال نسبيا إلى الجزء الشرقي، رغم الفراغ الإداري، ومشاريع إعادة الإعمار معلقة خشية أن تتمكن الخلايا النائمة لتنظيم الدولة الإسلامية من نشر الفوضى مجددا.
لكن الجزء الغربي من الموصل، حيث تقع البلدة القديمة، شهد دمارا واسع النطاق، إذ تم تدمير مناطق تعتبر كنوزا تراثية في الشرق الأوسط، بشكل كامل.
وقال مراسلون انهم شاهدوا في حي الفاروق في البلدة القديمة الأحد، مبان قديمة، بعضها من القرن الحادي عشر، قد تحولت إلى ركام ورماد.
وفيما كانت اصوات قذائف الهاون والصواريخ ونيران المدفعية مسموعا على بعد أمتار قليلة، فاحت رائحة الجثث التي تملأ الشوارع المغلقة بأكوام الأنقاض والسيارات.
القدس العربي