نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا، أعدته الكاتبة إيما غراهام-هاريسون، تتحدث فيه عن مأساة عشرات اللاجئين السوريين العالقين على الحدود الأردنية السورية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، إلى أن هؤلاء اللاجئين، الذين فروا من الحرب في بلادهم، وعلقوا في الصحراء على الحدود، ولأكثر من شهرين، يواجهون نقصا في المواد الغذائية والمياه، ما سيؤدي إلى مجاعة، بحسب ما حذر منه عمال الإغاثة.
وتقول الكاتبة إن “اللاجئين الذين ليست لديهم مرافق صحية، أو مؤسسات طبية، يعيشون أصعب الظروف التي مرت على السوريين الهاربين من الحرب الأهلية، التي مضى عليها أكثر من خمسة أعوام، ويقول الناشطون إن الوضع قد يؤثر في دور الأردن، الذي استقبل عددا كبيرا من اللاجئين، ويعتزم المشاركة في القمة الكبرى المزمع عقدها في نيويورك هذا الشهر”.
وتورد الصحيفة نقلا عن الأمم المتحدة، قولها إن “أربعة من كل خمسة لاجئين يكافحون للنجاة في الصحراء المفتوحة، وبينهم الأطفال والنساء، حيث لا يسمح بمرور المواد الغذائية عبر الحدود، ولا تكفي المياه التي تأتي بشكل متقطع لتلبية احتياجات الشرب في درجة حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية في أشهر الصيف، ولا يبقى منها أي شيء لاستخدامه في النظافة”.
ويلفت التقرير إلى أن بعض اللاجئين قاموا بحفر حفر في الأرض؛ لتوفير الملجأ، والهروب من العواصف الرملية، مشيرا إلى أن مخيما من المخيمات تعرض لقصف جوي روسي في تموز/ يوليو، وبحسب مسؤولة الطاقم الطبي لمنظمة أطباء بلا حدود، ناتالي ثيرتل، فإن “هذه هي أصعب الظروف على وجه الأرض، ويضاف إليها عدم توفر العناية الصحية والماء والطعام، والقصف الجوي المستمر”، وأضافت: “هذه حالة طوارئ إنسانية حرجة”.
وتذكر هاريسون أن الأردن يشارك في عقد القمة التي ستقام على هامش اجتماع الجمعية العامة في 20 أيلول/ سبتمبر، مشيرة إلى أنه دور لا يتناسب مع معاملتها للاجئين العالقين على حدودها، الذين يقدر عددهم بـ80 ألف شخص.
وتنقل الصحيفة عن الباحث في منظمة “أمنستي” في شؤون لبنان وسوريا والأردن نيل ساموند، قوله: “في الوقت الذي يضع فيه الأردن نفسه في مقدمة الداعين إلى التجاوب مع أزمة اللجوء السورية، فإن وجود عشرات الآلاف من الناس يكافحون على حدوده، دون طعام ولا ماء ولا عناية صحية، يقوض مصداقيته، ويشكك في أي حلول يقوم بتقديمها”.
وينوه التقرير إلى أن الأردن يقول إنه يستضيف 1.4 مليون لاجئ سوري، منهم 630 ألف لاجئ مسجلون في سجلات الأمم المتحدة، لافتا إلى أن هذا العدد الكبير من اللاجئين أثر في اقتصاد المملكة ومصادرها، وأدى إلى زيادة مظاهر القلق الأمني.
وتفيد الكاتبة بأن اللاجئين بدأوا يتجمعون على الحدود عندما قررت الحكومة الأردنية تشديد الرقابة على حدودها مع سوريا في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، مبينة أن هذا الأمر أدى إلى تجمع الناس الذين لم يسمح لهم بالعبور إلى الأردن في منطقة خالية، تعرف أحيانا بـ”التل الرملي”، على اسم التلال الرملية، التي تغطي الحدود، ويعيش فيها اللاجئون.
وتقول ثيرتل للصحيفة: “لا توجد خيارات أمام اللاجئين، فهم لا يستطيعون التقدم إلى الأمام، ولا يمكنهم العودة إلى بيوتهم في سوريا”.
وبحسب الصحيفة، فإن المسؤول المساعد للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن أوبرين وصف التلال الرملية، التي يعيش فيها اللاجئون قائلا: “بين تلين رمليين هناك عشرات الآلاف من اللاجئين الموزعين، وهذه التلال لا تقارن بمخيم عادي”، وأضاف أوبرين: “ما عليك إلا أن تتخيل الحياة في وسط الصحراء، في أجواء حارة جدا، وأن تتقلب تحت لظى الحرارة في الخيمة”.
ويورد التقرير نقلا عن عمال الإغاثة قولهم إن السلطات الأردنية سمحت لهم منذ أيار/ مايو بتزويد المخيم بإمدادات محدودة من الطعام والمياه والدواء، مشيرا إلى أن فريق أطباء بلا حدود يقضي ست ساعات يومية في عيادة متنقلة داخل المخيم، ويقدم الخدمات للسكان.
وتنقل هاريسون عن عضو في طاقم المنظمة الطبية، قوله: “إنه أمر مثير للتحدي من الناحية اللوجستية، فنحن نغادر بحدود الساعة السادسة من أقرب قرية نقيم فيها، وعلينا السفر ما بين ثلاث إلى أربع ساعات، معظمها نقضيها في الطريق، ومن ثم العودة قبل حلول الظلام”.
وتستدرك الصحيفة بأنه مع ذلك، فإنه تم منع الفرق من الوصول إلى المخيم في حزيران/ يونيو؛ لأسباب أمنية، وذلك عندما قام انتحاري تابع لتنظيم الدولة بقيادة عربة وتفجيرها في مركز رقابة عسكري أردني، وقتل ستة جنود، إلا أن ساموند يقول إنه لا توجد علاقة بين الهجوم واللاجئين، ويضيف: “قد جاءت العربة الانتحارية من مكان بعيد شمالا، وكانت مسرعة، ولا علاقة لها باللاجئين، بحسب علمي”، ويتابع ساموند قائلا: “أشك في أن الأردن يستخدم الحادث الأمني سياسيا لتبرير الإغلاق”.
ويكشف التقرير عن أن السلطات الأردنية لم تسمح منذ حزيران/ يونيو إلا بإجلاء طفل واحد مريض وفي حالة خطيرة، لافتا إلى أنه “سمح لعدد من عمال الإغاثة القلقين على وضع المخيم وتعرضه لمجاعة، بإيصال الإمدادات الغذائية عبر رافعة، وكان هذا في 4 آب/ أغسطس، ولأنه من غير الممكن مراقبة التوزيع داخل المخيم، فإن عددا ممن هم بحاجة ماسة ربما لم يحصلوا على أي شيء”.
وتبين الكاتبة أن هناك تقارير عن حالات فقر في التغذية، حيث لا يحصل الفرد إلا خمسة أو ستة لترات ماء، وهي كمية لا تكفي في منطقة حارة، وتقول ثيرتل: “هناك بالتأكيد حالات إصابة بمرض الكبد من نوع (ب) في التل”، وتضيف: “لم نشاهد ذلك، إلا أنني متأكدة من وجود حالات”.
وتختم “الغارديان” تقريرها بالإشارة إلى أن هناك تقارير موثوقة عن وجود حالات خطيرة من مرض اليرقان كل يوم، لافتة إلى أن المخيم شهد عشر حالات وفاة الشهر الماضي، بالإضافة إلى أن مرض الكبد من نوع “ب” يعد خطيرا للمرأة الحامل.
عربي 21