قالت صحيفة “الغارديان” إن مساجد ألمانيا شهدت يوم الجمعة صلوات وخطبا للتنديد بالهجوم على المجلة الساخرة “شارلي إيبدو”، الذي راح ضحيته 12 شخصا، بينهم عشرة صحافيين ورجلا شرطة. وستوجه دعوة لـ 900 مسجد في ألمانيا للمشاركة في إشعال الشموع لإحياء ذكراهم.
وتنقل الصحيفة عن بكر البوغا، مسؤول الحوار بين الأديان في الجمعية التركية “الاتحاد الإسلامي للشؤون الإسلامية”، قوله: “نسأل الله أن يرحم الضحايا الذين سقطوا بسبب الإرهاب”.
ويضيف البوغا: “إن هناك دعوة ستوجه إلى المصلين في 900 مسجد في أنحاء ألمانيا كلها؛ للمشاركة في ليلة لإشعال الشموع لتذكر الضحايا، خاصة أن المشاعر المعادية ضد المسلمين في تزايد”. مشيرا إلى أنه “نحاول أن نرى إن كانت الكنائس ستنضم إلينا”، بحسب الصحيفة.
ويشير التقرير إلى أن جهود المسلمين تجري وسط أجواء يحاول فيها اليمين المتطرف في أوروبا استخدام هجوم يوم الأربعاء على “شارلي إيبدو” لإشعال الكراهية ضد المسلمين.
وتفيد الصحيفة بأن الباحثة في العلوم السياسية غيسين شوان عبرت عن أملها بألا تؤدي هذه الهجمات في فرنسا إلى “تصعيد المشاعر المعادية للمسلمين في البلد”، مضيفة أن هذا “سيكون تحولا قاتلا وخطيرا”.
ويذكر التقرير أن المسلمين في ألمانيا يتعاملون مع أحداث فرنسا بنوع من الخوف في ضوء صعود حزب “وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب” (بيجيدا)، المكون من النازيين الجدد ومشجعي كرة القدم الحانقين على الوضع الاقتصادي، ويلقون دعما من الحزب المعادي للهجرة “البديل لألمانيا”. ولهذا فالنقاش منذ ذلك الهجوم في فرنسا كان مشوبا بالعصبية، خاصة أن هذه الأحزاب تحظى بشعبية واسعة، مثل غيرها من الأحزاب المعادية للمهاجرين في أوروبا، وسارعت لاستثمار هجوم باريس وتحقيق مكاسب سياسية، قائلة إن الهجوم يؤكد تحذيراتهم الدائمة من مخاطر الإسلاميين.
وتنقل “الغارديان” عن الرئيس الإقليمي لحزب “البديل لألمانيا”، ألكسندر غولاند، قوله: “يثبت سفك الدم خطأ من سخروا أو تجاهلوا الخطر القادم من الإسلاميين”، مضيفا أن “هذا يعطي وزنا لمطالب (بيجيدا)”.
ويبين التقرير أن في فرنسا سارعت زعيمة الجبهة الوطنية ماري لوبان للقول: “يجب أن نكون في وضع يؤهلنا للرد على ما أعلنه الأصوليون الإسلاميون” أي الحرب. وقالت بعد لقائها الرئيس الفرنسي في قصر الأليزيه: “أول شيء تفعله عندما تقاتل في حرب، هو أن نعرف من نقاتل، نحن نواجه أيديولوجية (الأصولية الإسلامية)”.
وتوضح الصحيفة أن غيرت ويلدرز، الزعيم اليميني الهولندي الذي يواجه تهما بالتحريض على الكراهية، كرر الكلام نفسه، وهو أن أوروبا تعيش “حربا”، ودعا إلى “مواجهة الأصولية الإسلامية” في الغرب، قائلا: “يجب إغلاق حدودنا، وإدخال قوانين جديدة لدخول الأراضي الأوروبية، والتخلص من دعاة التصحيح اللغوي (في إشارة لمن يستخدمون تعبير تجنب التمييز)، والعمل بقانون السجن الإداري ومنع المهاجرين القادمين من الدول الإسلامية”. وكان حزب ويلدرز “الحرية” من الأحزاب الهامشية، ولكنه يتمتع الآن بدعم قوي.
نويلفت التقرير إلى أنه في بريطانيا اتهم زعيم حزب “الاستقلال” نايجل فاراج باستخدام الهجوم لصالحه السياسي، بعد أن شجب “التعددية الثقافية” في بريطانيا. وفي تصريحات للقناة التلفزيونية الرابعة قال إن هناك جدالا قويا يدعو للتعامل مع الهجوم على أنه من فعل “طابور خامس” عاش في باريس ولندن.
وتجد الصحيفة أن الأحزاب اليمينية في أوروبا كلها تأمل الاستفادة من الهجوم لترفع رصيدها السياسي، وقد أعطى لها هجوم باريس الفرصة كي تدفع باتجاه تحقيق مطالبها.
ويشير التقرير إلى أنه في سويسرا، قال وولتر وبومان، زعيم “حزب الشعب السويسري”، الذي قاد حملة ناجحة لمنع بناء منارات المساجد، إنه حان الوقت لمنع دخول بعض المهاجرين المسلمين.
وفي إيطاليا صعّد سياسي إيطالي معاد للهجرة والمسلمين من خطابه، مكررا دعواته لمنع بناء المساجد والمراكز الثقافية الإسلامية. وقال ماتيو سالفيني، زعيم “رابطة الشمال” في تصريحات إذاعية، إن المسلمين “يحاولون فرض طريقة حياة لا تتناسب معنا”. مشيرا إلى أن رد الأوروبيين “بتسامح وابتعاد عن لغة التمييز سيكون انتحارا سياسيا”. ويرى سالفيني أن البابا فرانسيس الأول لا يخدم الكنيسة الكاثوليكية؛ لأنه يدعم حوار الأديان، بحسب التقرير.
وتقول الصحيفة إنه في السويد واجه بورجن سودر، أحد قادة حزب الديمقراطيين السويدي، ردات فعل بسبب ما كتبه على “الفيس بوك” مباشرة بعد هجوم باريس، حيث كتب “دين السلام يطلق النار على وجهه”. وقام زملاء سودر، الذي يحتل منصب نائب رئيس البرلمان، بتقديم بيان للشرطة كي تحقق في تصريحاته، التي قالوا إنها تدعو للتحريض على العنصرية.
ويذكر التقرير أنه في الوقت نفسه اتخذت السلطات الأمنية الاستعدادات تحسبا لوقوع مواجهات بين متظاهرين يعبرون عن مواقف سياسية مختلفة، كما شددت الحراسة على ملاعب كرة القدم.
وتبين الصحيفة أن ألمانيا تستعد لمواجهة تظاهرات دعا إليها “بيجيدا” أو ما أطلق عليها “مسيرات الجنازة”، حيث دعت المشاركين إلى ارتداء الأسود لتذكر ضحايا هجوم باريس.
وتختم “الغارديان” تقريرها بالإشارة إلى انتقاد صحيفة في منطقة إيسين الألمانية للتظاهرات، ووصفتها بالنفاق والمثيرة للسخرية. وقالت الصحيفة في افتتاحيتها: “هؤلاء مخربون ممن يدعون للتقوقع على الذات وينشرون التعصب، ويحاولون اليوم تقديم أنفسهم بصورة المواطنين الصالحين”.